عادت المواجهات المسلحة في لبنان اليوم السبت، بعدما تفجر التوتر على خلفية الوضع في سوريا على شكل اشتباكات بدأت الجمعة في مدينة طرابلس الشمالية يبن أحياء سنيّة مناهضة لنظام دمشق وأخرى علويّة متعاطفة معه، ما اضطر الجيش للتدخل في المنطقة المضطربة. وأدت المواجهات الجديدة إلى سقوط قتيل، بجانب جريحين، ما يرفع عدد الجرحى منذ الجمعة إلى خمسة.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية إن القتيل تعرض لإصابة في رأسه، بينما تخضع شابة لعملية جراحية بعد إصابتها، بالإضافة إلى أحد عناصر الجيش الذي جرح بقصف على منزله.
وأضافت الوكالة أنه بالإمكان سماع "دوي انفجارات القذائف التي تنهمر على المنازل عشوائيا والطلقات النارية، ويعمد عناصر الجيش على الرد على مصادر النيران ومطاردة المسلحين والمخلين بالأمن لتوقيفهم."
وكانت الوكالة قد قالت إن عناصر الجيش اللبناني بدأت "تنتشر بين منطقتي جبل محسن (التي تقطنها غالبية علويّة) وباب التبانة (حيث تقطن غالبية من السنّة) على الخط الفاصل بينهما، إثر الحوادث الأمنية التي وقعت عقب صلاة الجمعة."
وأشارت الوكالة إلى أن الجيش "طلب من الطرفين سحب السلاح تمهيدا لإعادة الانتشار في مختلف مناطق باب التبانة وجبل محسن،" مضيفة أن عناصر الجيش عمدت إلى الرد على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، بينما وتجري الاتصالات على كل المستويات لإعادة التهدئة.
وبحسب الوكالة، فقد استخدمت في المواجهاتأسلحة رشاشة وقنابل من نوع "أنيرغا."
وأصدر الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، بياناً الجمعة، دعا فيه القوى العسكرية والأمنية الموجودة على الأرض في منطقة طرابلس إلى "الحزم في قمع المخلين بالأمن والسلم الأهلي، خصوصا في الشمال وتحديدا بين جبل محسن وباب التبانة."
كما شدد في الوقت نفسه على "ضرورة أن يمتثل الأهالي لتعليمات الجيش والقوى الأمنية بما يؤمن سلامة الجميع ويحفظ الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية".
يشار إلى أن المنطقة تشهد منذ سنوات معارك ومواجهات مسلحة بين عناصر من المنطقتين على خلفية الملفات السياسية الداخلية والإقليمية، خاصة مع العلاقات التي تربط الأحياء العلوية بالنظام السوري، بينما تنتشر في الأحياء السنية قوى سياسية سبق لها أن اصطدمت بدمشق سياسياً وأمنياً أكثر من مرة خلال العقود الماضية.
كما تأتي التطورات الحالية وسط توتر شديد بسبب الأنباء عن انتشار عسكري سورية عند الحدود الشمالية مع لبنان بهدف تنفيذ عملية عسكرية في مناطق حدودية لتعقب الناشطين المعارضين، الأمر الذي دفع قيادات سياسية لبنانية معارضة لسوريا إلى إصدار تحذيرات من تداعيات حصول خطوة مماثلة.
وكان زعيم تيار المستقبل، رئيس الوزراء السابق سعد الدين الحريري، الذي يتمتع بنفوذ كبير في المنطقة، قد أصدر بياناً الجمعة، انتقد فيه بشدة الرئيس السوري بشار الأسد، وقال إنه "ما كان ليجرأ على اجتياح المدن والقرى لو لم يحصل على غطاء خارجي،" من خلال الفيتو الروسي والصيني.
ودعا الحريري لاعتراف عربي بالمجلس الوطني السوري المعارضة، معتبراً أن الأسد يخوض آخر معاركه بغطاء خارجي.