لماذا يهتم العالم بإيران كل هذا الاهتمام؟ هناك على الأقل ثلاثة أسباب لذلك الاهتمام. أولها أن إيران أصبحت اختبارا أساسيا لقدرة المجتمع الدولى على الحيلولة دون انتشار الأسلحة النووية، وهى الأمر الذى يجعلنا نعيش فى عالم خطر لا يمكن التنبؤ بمستقبله بصورة متزايدة. ثانيها أن العالم مهتم بإيران من أجل تحقيق الاستقرار مستقبلا فى منطقة الشرق الأوسط، التى يتزايد فيها نفوذها وكذلك النفوذ الشيعى فيها. وثالثها أن إيران مهمة لتحقيق الاستقرار فى جارتها أفغانستان. ومنذ سنوات، والمجتمع الدولى يكاد يضع ثقله كله فى التركيز على الجانب النووى وحده. ومما يؤسف له أن الجهود الدبلوماسية لإقناع إيران بوقف تخصيب اليورانيوم فشلت فى الخروج من هذا المأزق. وبعد ست سنوات من دبلوماسية «الاقتصار على الشأن النووى»، حان الوقت لمعالجة المسألة الإيرانية بطريقة أكثر شمولا. وعلى هذا الأساس يجب أن تقوم الإستراتيجية الجديدة على افتراضين. أول هذين الافتراضين هو أنه لا يمكننا الانتظار حتى حل المسألة النووية كى نشرك إيران فى جبهات حاسمة أخرى. فإيران، المعزولة إلى أجل غير مسمى، يمكن أن تصبح عنصر تخريب راسخا فى العديد من المناطق، من آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط إلى أفغانستان. والثانى، أن تركيا والبلاد العربية المعتدلة، وكذلك الهند وباكستان وأفغانستان، لا يقل اهتمامها بإيران عن اهتمام الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى والصين وروسيا. وتتوقع هذه البلاد، وهذا من حقها بالطبع، أن تؤخذ مصالحها فى الاعتبار. ولذلك لابد من مشاركتها عن قرب فى عملية صنع القرار العالمى إذا أرادت الدول الغربية لسياساتها فى إيران أن تكون أكثر فاعلية. وكانت إيطاليا أول من اقترح إشراك إيران بصورة مباشرة فى الحوار بشأن أفغانستان. ويدعم النهج البراجماتى الذى تتبناه الإدارة الأمريكية هذا المسعى. كما عبرت حكومتا أفغانستان وباكستان لإيطاليا عن اعتقادها بأنه يمكن أن يكون لإيران دور فاعل فى تحقيق الاستقرار فى منطقتهما. وتشير المحادثات عالية المستوى التى جرت مؤخرا فى طهران إلى عزم البلاد الثلاثة على العمل معا. وهناك، فوق هذا، إمكانية لالتقاء المصالح الغربيةوالإيرانية فى أفغانستان. فطهران لها مصلحة موضوعية فى أن تكون أفغانستان دولة ناجحة ومستقرة «دون طالبان»، وترغب فى وجود حكومة فى كابول راغبة وقادرة على وقف تدفق المخدرات على إيران، حيث أصبح التصدى لهذه الظاهرة حاجة قومية ملحة. لهذا السبب، دعت إيطاليا إيران للمشاركة فى اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثمانية المقرر عقده فى تريستة يومى 26 27 يونيو والذى ستخصص جلسته «الممتدة» لتحقيق الاستقرار فى أفغانستان وباكستان. فنحن نريد من إيران، وغيرها من اللاعبين الإقليميين، القيام بدور بناء فى حلف إقليمى جديد الغرض منه تعزيز الاستقرار فى أفغانستان. ونحن نحث إيران على المساهمة فى الإنجاز الجماعى لعدد من المهام فى العديد من المجالات. وتتراوح هذه المهام بين مراقبة الحدود، ومحاربة تجارة المخدرات وتهريب السلاح، هذا بالإضافة إلى إقامة عدد من المشروعات الاقتصادية برعاية إقليمية للمساعدة فى إنعاش الاقتصاد الأفغانى. والهدف من اجتماع تريستة هو الشروع فى عملية يتطلب تنفيذها تعهدا مستمرا من كل لاعب إقليمى أو دولى يشارك فيها. وهكذا، يمكن أن تكون أفغانستان اختبارا مهما لمعرفة مدى استعداد إيران لتغيير سلوكها والتعاون مع جيرانها والمجتمع الدولى. وتعتقد إيطاليا أن تدخل إيران الكامل والمباشر فى المسألة الأفغانية يجب أن يتم على الفور ودون ربطه بمحاولات حل المسألة النووية. فالمسألة النووية يمكن أن تتواصل على الطريق الذى توصلت إليه مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، بالإضافة إلى ألمانيا)، برغم حاجة المجموعة إلى توسيع عضويتها بضم مساهمين آخرين من أصحاب المصلحة إذا أرادت أن تزيد من فرص نجاحها. وإذا ما أعدنا إشراك إيران فى قضية أفغانستان وباكستان، فمن الممكن أن يحفزها ذلك على المزيد من التفاعل البناء مع المجتمع الدولى فيما يتصل بالمسألة النووية والشرق الأوسط، حيث ما زالت مصالحها، حتى الآن، تبدو كأنها تتعارض مع مصالح المجتمع الدولى.