فى عهد الرئيس المخلوع أعلنت حكومة أحمد نظيف عن استهدافها مضاعفة الصادرات المصرية إلى 200 مليار جنيه فى عام 2013، وفى عام 2011 قام المصريون بثورة عارمة لإجبار النظام الفاسد على الرحيل، وفى نفس الوقت نجح الاقتصاد المصرى فى تنفيذ نحو 82% من المستهدف سنويا من خطة مضاعفة الصادرات حتى سبتمبر الماضى، وفقا لتقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولى عن الربع الأول من العام المالى الحالى. فبحسب التقرير، نمت الصادرات المصرية بنحو 21% فى الفترة من يناير وحتى سبتمبر الماضى لتصل إلى نحو 98.5 مليار جنيه، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، «نمو قيمة الصادرات المصرية خلال الربع الأول من العام المالى الجارى جاء مدفوعا بزيادة أسعار السلع العالمية وليس زيادة الانتاج»، تقول مونيت دوس محللة الاقتصاد الكلى فى برايم لتداول الأوراق المالية.
ويأتى نمو قيمة الصادرات فى عام الثورة متحديا الظروف الاقتصادية الصعبة التى صاحبت امتداد الموجة الثورية إلى بعض الأسواق العربية فى المنطقة، وكذلك الركود الاقتصادى فى السوق الأوروبية، وكانت المملكة العربية السعودية، البعيدة عن الاضطرابات السياسية، سوقا مهمة للصادرات المصرية فى الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين، حيث كانت أكبر الاسواق المستقبلة للصادرات المصرية غير البترولية فى تلك الفترة بنمو 17% على العام السابق. واستمرت ليبيا سوقا كبيرة للصادرات المصرية ايضا على الرغم نشوب حرب أهلية واسعة فيها ضد نظام القذافى الدموى، لتكون رابع أكبر سوق للمنتجات المصرية فى هذه الفترة وإن كانت صادرات مصر إليها قد تراجعت ب63% عن العام السابق، «استمرار السوق الليبية فى الطلب قد يرجع إلى تضرر قدرته الإنتاجية بسبب ظروف الحرب»، تقول دوس. كما استمر الطلب الاوروبى على المنتجات المصرية قويا على الرغم من التباطؤ الاقتصادى، ليستحوذ خلال تلك الفترة على 28.7% من إجمالى الصادرات المصرية.
وجاء نمو الصادرات المصرية مدفوعا بتعافى القطاع الصناعى من الآثار السلبية التى لحقت به فى الأشهر الأولى من الثورة، فبينما بلغ معدل النمو السلبى للصناعات التحويلية فى الربعين الثالث والرابع من العام المالى 2010/2011، من يناير إلى يوليو الماضى، 11.4% و3.8% على التوالى، تراجع هذا النمو السلبى إلى 3.3% فى أول ربع من العام الجديد.
وتمكنت عدة قطاعات من الصمود أمام حالة الاضطراب الناتجة عن معوقات التحول الديمقراطى فى مصر، فقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لم يتوقف عن التوسع الاستثمارى فى الربع الأول من العام المالى الحالى، ليضخ 3.2 مليار جنيه استثمارات جديدة فى هذه الفترة، وإن كان حجم استثماراته قد تراجع بنحو 45% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، إلا أن استمرار توسعه رفع نسبة مساهمته فى الناتج الإجمالى إلى نحو 4%.
واستمر القطاع العقارى فى النمو أيضا خلال الربع الاول بنسبة 2.2%، وإن كان بنسبة أقل مقارنة بالفترة المقابلة فى العام السابق (4.6%)، بينما ظهرت الآثار السلبية لحالة الاضطراب التى تشهدها البلاد على قطاع التشييد والبناء خلال نفس الفترة لتحقق نموا سالبا ب2.8%.
التباطؤ الذى شهدته القطاعات الرئيسية فى الاقتصاد قابله حسن طالع للاقتصاد المصرى فى بعض المجالات التى شهدت تحسنا فى الايرادات العامة، حيث ازدادت إيرادات قناة السويس خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر الماضيين، ووصلت لأعلى قيمة لها خلال شهر اغسطس بزيادة بنحو 8% إلى 473 مليون دولار.
وكان من الممكن أن تخفض الحكومة من أعبائها المالية لو استجابت لمطالب الثورة بشكل مبكر فى قضية إعادة هيكلة الدعم الذى تستفيد منه قطاعات واسعة من الاستثمارات الصناعية والطبقات الأعلى دخلا، فتقرير وزارة التخطيط رصد ارتفاع قيمة الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغازات فى الربع الأول من 2011/2012 بنحو 62% مقارنة بنفس الفترة فى العام السابق، متأثرة بزيادة أسعار البترول عالميا خلال تلك الفترة.