محمد جاد وحياة حسين وعبد العزيز صبرة خطة الحكومة للتقشف مليئة بالثقوب
أخذت حكومة كمال الجنزورى على نفسها تعهدا أمس الأول بتوفير ما يتراوح بين 20 إلى 22 مليار جنيه من إنفاق الحكومة خلال الأشهر الستة المتبقية من العام المالى الحالى، فيما يرى خبراء أنها تواجه تحديات لتدبير هذا المبلغ فى ظل قصر المدة المتبقية من العام المالى ومحدودية الموارد الممكن توفيرها من المجالات التى ستتقشف فيها الحكومة.
«لا خلاف على ضرورة التقشف خاصة فى ظل المعدلات المتفاقمة للدين المصرى واعتماد البلاد المتزايد على الاقتراض لتغطية العجز، ولكن أعتقد أن الحكومة ستواجه الكثير من التحديات لتدبير المبلغ المستهدف فى الفترة القصيرة المتبقية من العام المالى «برأى ماجدة قنديل، مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، موضحة أن من أبرز المجالات التى أعلنت الحكومة عن ترشيد الانفاق فيها تكاليف دعم أسطوانات البوتجاز من خلال تطبيق نظام الكوبونات، الذى يمنع استفادة جهات غير مستحقة كالفنادق. ولا شك، فى رأى قنديل، أن دعم البوتجاز من أكبر أعباء الموازنة حيث يمثل نحو 17% من اجمالى قيمة الدعم فى الموازنة ب95 مليار جنيه «إلا أن الحكومة ستحتاج لوقت طويل حتى تستطيع أن تطبق نظام التوزيع الجديد بكفاءة، ولو استطعنا أن نوفر 2 مليار جنيه من دعم البوتجاز هذا العام نكون حققنا انجازا كبيرا».
كما تستهدف الحكومة إلغاء الدعم الموجه للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، وتشير قنديل إلى أنه على الرغم من كونه من أبرز النفقات التى تستحق التخفيض، نظرا إلى بيع الشركات المستفيدة بهذا الدعم منتجاتها بالأسعار العالمية، إلا أن الوفر المتحقق من هذا الأجراء سيكون فى حدود 5 مليارات جنيه.
الحد الأقصى للأجور، جاء أيضا على رأس الخطوات التقشفية للحكومة، والذى كان من أبرز مطالب الثورة، وحددته الحكومة ب35 ضعفا للحد الأدنى للأجور، على أن يطبق على الجهاز الإدارى للدولة، وترى ضحى عبدالحميد، استاذة الاقتصاد التمويلى بالجامعة الأمريكية، أن تصريحات الحكومة لم توضح إمكانية تطبيقه على كل العاملين فى جهاز الدولة أم أنه ستكون هناك استثنائات «الوزراء ونوابهم ومساعدوهم ومعاونوهم يخضعون لقوانين خاصة ولا يخضعون للقانون 47 للعاملين فى الجهاز الادارى للدولة ولو تم استثناؤهم سيطبق الحد الاقصى للأجور على الموظفين الغلابة فقط ولن يمتد إلى الكثير من الأجور الضخمة التى تمثل عبئا على الموازنة».
كما تشير عبدالحميد إلى أن هناك العديد من المستشارين للجهاز الحكومى تكون أجورهم خارج الموازنة العامة وتأتى أجورهم من المعونات الأجنبية، ويجب أيضا توضيح مدى خضوعهم للحد الأقصى للأجور.
كما حذر الخبير المالى هانى الحسينى من صدور القرار الخاص بالحد الأقصى للأجور بصيغة تفتح الباب لعدم ادراج كل دخول الموظفين فى حساب دخولهم «هناك نحو 300 نوع للبدلات التى يتلقاها الموظف الحكومى ويجب أن يكون النص شاملا لأى نوع من المكافآت أو البدلات بأى صورة من الصور».
مكافحة التهرب الضريبى، تأتى أيضا ضمن الأجراءات التى تسعى الحكومة لتدبير الموارد من خلالها، حيث أعلنت الحكومة عن اتجاهها لوضع علامة مائية على منتجات كالسجائر لمكافحة عملية التهرب من ضريبة المبيعات. ولم تحدد الحكومة حجم الموارد التى تستطيع أن توفرها من هذا الأجراء.
وتستهدف الحكومة تسجيل معدل للعجز بنسبة 8.6% من الناتج الإجمالى بنهاية العام المالى 2011/2012، فيما يتوقع محللون أن يرتفع المعدل على مستوى 10% فى ظل التباطؤ الاقتصادى منذ اندلاع أحداث ثورة يناير.
تفاصيل إلغاء الدعم لم تصل إلى وزارة البترول
أكد وكيل أول وزارة البترول، محمود نظيم، أن وزارته لم تتلق أى توجيهات خاصة بالقرار الذى أصدرته حكومة الجنزورى مساء أمس الأول، والذى يهدف إلى خفض دعم الطاقة للمصانع لتوفير نحو 5 مليارات جنيه فى ميزانية الدولة، وأشار إلى أن هناك دراسة بالفعل جارية منذ عدة أشهر لزيادة أسعار الطاقة.
وأضاف نظيم أن الدراسة لم تحدد حتى الآن نسبة الزيادة فى الأسعار التى يتم التخطيط لها، وفور حدوث ذلك ستعرض على المجلس الأعلى للطاقة الذى يرأسه رئيس الحكومة لإقرار السعر النهائى.
من جانبه، قال عماد حسن، مستشار المجلس الأعلى للطاقة، إن زيادة أسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك على وجه الخصوص ليس أمرا جديدا، وحكومة شرف كانت اتخذت قرارا فى ذلك، وكان من المقرر عرضه على الأعلى للطاقة لكن استقالة حكومة شرف حالت دون ذلك. وأشار حسن إلى أن موافقة حكومة شرف على الزيادة كانت على المبدأ نفسه، لكن لم يحدد حينها الأسعار التى يجب أن تصل لها، ونفى علمه بتحديد أسعار جديدة، رغم ما ذكرته بعض الصحف أمس بهذا الشأن. وعلق إبراهيم زهران، خبير البترول ورئيس شركة خالدة السابق، قائلا إن هناك ضرورة لإلغاء دعم الطاقة للمصانع التى تقوم بتصدير منتجاتها إلى الخارج، لأن هذا الدعم يفيد الشركة فقط، حيث تحقق أرباحا طائلة، فمثلا يمثل الغاز الطبيعى نسبة 98% من مدخلات الإنتاج فى مجال صناعة الأسمدة، ويتكلف الطن نحو 35 ألف قدم مكعبة، مما يعنى أن التكلفة الإجمالية تصل إلى 105 دولارات حاليا، نظرا لأن سعر الألف قدم يصل إلى 3 دولارات، ويقوم المصنع بتصدير الطن بنحو 650 دولارا، «فلنا أن نتخيل الفرق بينهما، ومصنع الخرافى فى أبوقير يحصل على الغاز بسعر 75 سنتا فقط بسبب علاقة رئيسه رجل الأعمال الكويتى بعلاء وجمال مبارك، أولاد الرئيس المخلوع». «إذا وجهت الشركات منتجها للسوق المحلية يمكن أن نعطيها الطاقة مجانا»، أضاف زهران، وقال إن توجيه تلك المنتجات إلى السوق المحلية سيحل عددا من المشاكل خاصة فى مجالات الاسمنت والحديد والأسمدة، أولها أزمة احتكار السوق وما يسفر عنه من ارتفاع أسعار متواصل، «سعر الأسمنت محليا أكبر من السوق العالمية رغم دعم الطاقة، وسيطرة الشركات الأجنبية على هذه الصناعة بعد خصخصة كل شركاتها باستثناء القومية»، كما سيوفر بعض السلع التى تعانى السوق المحلية من عجز دائم فيها رغم ضرورتها القصوى مثل الأسمدة. وأضاف أن دعم طاقة المصانع يصل إلى 20 مليار جنيه، «وانتشار الفساد فى عمليات التصدير هى التى تجعل قيمة دعم الطاقة فى الموازنة تزيد على 90 مليار جنيه»، وأوضح أن الفساد دفع المسئولين فى حكم مبارك إلى إبرام عقود تصدير للغاز بأسعار منخفضة للغاية، فهى لا تتجاوز ال3 دولارات للمليون وحدة حرارية للأردن، وأقل لإسرائيل «إيران تبيع الغاز الطبيعى حاليا بسعر 14 دولارا»، ويتم استيراد البوتاجاز والبنزين بأسعار تساوى 8 أضعاف هذا السعر، وتدفع قيمته وزارة البترول فيبدو أن هذا هو قيمة الدعم. ويرى زهران أن الحل الأمثل هو التوقف عن تصدير الغاز، وزيادة الاعتماد عليه فى المنازل والمصانع، مما يلغى الحاجة لاستيراد البوتاجاز والبنزين، وأشار إلى أنه قدم مشروعا إلى المجلس العسكرى يهدف إلى ذلك ويمنح حلولا لتلافى العقوبات الدولية فى حالة التوقف عن التصدير، لكن لا يوجد أى رد حتى الآن.