أفادت رئيسة صندوق النقد الدولي إن انتفاضات الربيع العربي تمر بمنعطف حساس وهناك حاجة للتعامل معها بطريقة منظمة حتى يستفيد الجميع من التغيير. وقالت كريستين لاجارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي أمس الثلاثاء إن التغيير السياسي في أنحاء الشرق الأوسط وشمال افريقيا يواجه رياحا عاتية نتيجة التباطؤ الاقتصادي في أنحاء الدول المستوردة للنفط التي كانت تعاني بالفعل من ارتفاع معدل البطالة وتوترات اجتماعية متزايدة.
وأطاحت انتفاضات شعبية هذا العام بزعماء تونس ومصر وليبيا وأجبرت رئيس اليمن على التوقيع على اتفاق يتنازل بموجبه عن سلطاته. وتحاول سوريا مواجهة حركة احتجاجية مناهضة للنظام الحاكم مستمرة منذ ثمانية أشهر وما زالت البحرين تواجه آثار قمع مظاهرات مطالبة بالديمقراطية في مارس. وقالت لاجارد في كلمة بمركز وودرو ويلسون للأبحاث في واشنطن "من الطبيعي أن تكون هذه فترة محفوفة بالمخاطر والتشوش".
وأضافت "إنها فترة يتعين القيام فيها باختيارات صعبة بعد أن تنحسر الغبطة التي تعقب الثورات مفسحة المجال أمام المخاوف المتعلقة بالمناحي العملية. ومن العوامل المؤثرة سلبا أيضا حدوث هذا في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي اضطرابا كبيرا".
وقالت إن الحكومات تحاول في هذه الفترة تجنب الاستياء الشعبي من خلال رفع الدعم الحكومي والأجور وزيادة الإنفاق في وقت يتعين فيه وضع سياسات نقدية أطول أجلا والحد من العجز الهائل في الميزانيات. لكنها أضافت أن استخدام الحكومات للموارد ينبغي أن يتسم بالدقة وأن يستهدف مجالات بعينها. وتابعت لاجارد أن صندوق النقد الدولي لديه 35 مليار دولار يمكن إقراضها لدول المنطقة التي تطلب التمويل.
واستقالت الشهر الماضي حكومة مؤقتة في مصر كانت تسعى للحصول على تمويل أجنبي لسد العجز المتزايد في الميزانية. وقال ممتاز السعيد المرشح لتولي وزارة المالية في الحكومة الجديدة إن البلاد ليست في وضع يتيح لها اتخاذ قرار بشأن الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي.
وذكرت لاجارد أن صندوق النقد الدولي يقدم حاليا المساعدة الفنية لدول المنطقة. ويساعد الصندوق مصر في جعل نظامها الضريبي أكثر إنصافا كما أنه بصدد وضع نظام حديث لدفع الرواتب الحكومية في ليبيا ويساعد في تونس على تحسين القطاع المالي وفي الأردن على إصلاح نظام الدعم الحكومي للوقود. وقالت لاجارد "بابي مفتوح.. كل ما نحتاجه هو طلب من أي بلد بالمجئ والمساعدة".
وأضافت أن بإمكان صندوق النقد ان يتغلب بأفعاله على السمعة التي اقترنت باسمه في المنطقة بسبب فرض سياسات لا تحظى بالشعبية. وأردفت "أفضل طريق للإقناع بأننا يمكن أن نقدم يد المساعدة هي أن نظهر من خلال برنامجنا للمساعدة الفنية أننا لسنا هنا للتدخل.. لسنا هنا للإمساك بزمام الامور.. لسنا هنا كأصحاب سلطة". وقالت إن الحكومات في المنطقة تحتاج إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار من خلال توفير مناخ مستقر تظهر فيه الأطر القانونية والضريبية بوضوح.
وتابعت "لابد أن توفر الحكومات مناخا مواتيا. يجب أن ترسي أسس مؤسسات حديثة وشفافة لتشجيع المحاسبة والحكم الرشيد وضمان قواعد عادلة وشفافة للعبة. يجب أن تذبح وحش الفساد بحيث لا تقوم له قائمة". وقالت إن من الضروري القضاء على المصالح التي كان لا يستفيد منها سوى عدد محدود من رجال الأعمال. وأضافت "سيكون هذا ابتعادا عن ممارسات الماضي عندما كان يجري استغلال الدعم الحكومي العام لاسترضاء السكان بينما يسمح للنخبة بالاستفادة من ممارسات جائرة".