ها هى نادين جورديمير أديبة نوبل تطل على قرائها لتثير دهشتهم بمجموعتها القصصية القصيرة الجديدة "أيام الحياة"، التى تغطي فترة زمنية تقترب من الستة عقود فى وطنها جنوب أفريقيا . فهذه المجموعة القصصية تضم قصصا كتبتها نادين جورديمير منذ عام 1952 وحتى عام 2007، فيما تظهر هذه القصص القصيرة الغضب العارم للكاتبة الكبيرة على الجور والظلم وعدم المساواة فى جنوب أفريقيا . وكما تقول الناقدة ناتاشا تريبنى فى صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، فإن هذه المجموعة القصصية القصيرة تبرهن على أن نادين جورديمير التى فازت بجائزة نوبل عام 1991 مازالت وفية ومقيمة على العهد لقرائها وتثبت مجددا قدرتها الفذة على الملاحظة والتقاط الحقائق والاشارات الدالة فى معترك الحياة.
وفى القصة الأولى بمجموعة أيام الحياة والتى يرجع تاريخها إلى عام 1952 وكان عنوانها "الصوت الناعم للأفعى"، تتحدث جورديمير عن شاب يحاول التكيف من جديد مع الحياة بعد أن فقد ساقه، فيما تتوالى القصص القصيرة بصورة مكثفة عن الحياة فى جنوب افريقيا وظلم الانسان لأخيه الانسان.
وتتناول إحدى القصص القصيرة فى مجموعة أيام الحياة ناشطة مسلمة فى جنوب افريقيا عبر عينى زوجها فى جمل سريعة بالغة التكثيف وكأن كل جملة لوحة كاملة بضربة فرشاة واحدة لفنان عبقرى.
وباقتصاد وإتقان لغوى تتجول نادين جورديمير عبر التراتبية الاجتماعية والعنصرية المعقدة فى ظل نظام الفصل العنصرى البائد بجنوب افريقيا والتناقضات المروعة فى الواقع المعاش، بينما تنبض القصص القصيرة لهذه المجموعة بالحياة والطزاجة، رغم أن بعضها كتب منذ زمن بعيد ويراوح الهم السياسى بين العلانية والمضمر .
ورفض الظلم هو الخيط الخفى الواصل بين القصص القصيرة لمجموعة أيام الحياة على هذا المدى الزمنى الطويل وهاهى أديبة نوبل تلعن القهر الذى يحرم الأطفال من الأحضان الدافئة للأمهات .
وتكاد هذه المجموعة القصصية تكون درسا فى فن القصة القصيرة، حيث الجرعة المكثفة السحرية الخاطفة والتضفير الماكر بين المتناقضات وتوجيه الرسالة بسلاسة مثيرة .
ولم تخل المجموعة من نزعة تجريبية لافتة لنادين جورديمير فى قصصها الأخيرة، كما يتجلى فى قصة شريط القياس أو "المازورة" والتى تتحدث فيها دودة شريطية وحيدة فى أمعاء رجل وكأن أديبة نوبل التى ولدت عام 1923 تقول للجميع "مازلت شابة ومغامرة" .