صدر مؤخرا فى فرنسا عن دار نشر جلينا وبالتعاون مع منظمة العفو الدولية، كتاب "تأريخ أزمة دارفور" للكاتب الفرنسى جيروم توبيانا والذى يستعرض الأزمة فى هذا الإقليم الواقع غرب السودان والتى اندلعت عام 2003. ويعرض الكاتب الذى عمل لفترة مع بعثة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فى الإقليم، الأحداث كما يراها مختلف أطراف النزاع بدء من الحكومة والموالين لها من الجانجاويد مرورا بالضحايا والفارين وصولا إلى المتمردين أنفسهم.
ولتحقيق ذلك تنقل الكاتب بين السودان وتشاد فى إطار سعيه للوصول إلى أطراف النزاع حتى يتمكن من فهم الأسباب التى ادت إلى إشتعال الصراع.. ويقول الكاتب إنه بالإضافة إلى الأسباب العرقية، فهناك الإنقسامات التى تهدد أكبر بلد فى افريقيا من حيث المساحة والنزاع على الأرض والمصادر الطبيعية.
ويؤكد الكاتب فى مقدمة الكتاب، الذى يقع فى 336 صفحة من القطع المتوسط، أنه حاول قدر إستطاعته البعد عن الإنحياز لطرف على حساب آخر والقالب المعتاد لبعض الكتاب الذين يرون فى المتمردين أبطالا وملائكة وفى الحكومة الشيطان، مشيرا إلى أن المدنيين فى دارفور كانوا ضحايا للحكومة والمتمردين معا، موضحا أن المتمردين يحاولون تصوير النزاع على أنه نزاع عرقى بين الحكومة السودانية العربية والسكان الأفارقة للإقليم وهو ما يخالف الحقيقة حيث أن من يطلق عليهم "عرب" فى السودان هم أفارقة إيضا.
ويدلل الكاتب على ذلك بأن عدد كبير من العرب انضموا إلى المتمردين فى حربهم ضد الحكومة السودانية، كما يوضح أيضا أن من انضموا إلى جانب الحكومة لهم أسباب وجيهة من زاويتهم الخاصة. كما ينتقد الكاتب أداء المحكمة الجنائية الدولية التى لخصت القضية فى طابع عنصرى منحاز، مشيرا إلى أنه لم يكن يفترض على مؤسسة دولية أن تقوم بمثل ذلك الفعل، مشيرا إلى أن أسباب الصراع بين الرئيس السودانى عمر البشير و رئيس المحكمة الجنائية الدولية إعلامية أكثر منها قضائية.