الفلول الآن طوروا تكتيكاتهم من الدفاع إلى الهجوم.. هم الآن الضحايا الأبرياء الطيبون للثورة الشريرة المتوحشة، هم الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان بعد أن حولوا مصر الجميلة على مدار ثلاثين عاما من وطن للبشر إلى مزرعة للحيوانات، وسلخانة لكل من يعترض. الذين قالوا للقانون «اركن انت على جنب» ومارسوا الإرهاب على القضاة المعترضين على تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وواقعة القاضى المحترم وليد الشافعى لاتزال شاهدة على المهزلة، يتحدثون الآن عن حقوق الإنسان واحترام القانون.
الذين كانت نظرة من صفوت الشريف وجمال مبارك تحولهم إلى وحوش كاسرة ضد المعارضين، والذين كانت عقلة واحدة من إصبع أحمد عز تحركهم يمينا ويسارا وتنطقهم وتسكتهم، يظهرون الآن فى ثياب الفرسان ضد فساد مبارك وعز والشريف، ولا يتورعون عن التمحك بالثورة والحديث باسمها.
الذين سيروا قوافل القتلة لحصد الأرواح فى ميادين الثورة، والذين نظموا ومولوا موقعة الجمل، يريدون إقناعنا الآن بأنهم ساندوا الثورة، هم فعلا ساندوا الثورة وعضدوها وشحنوا بطاريتها، تماما كما فعل سادتهم من آل مبارك وأعوانهم حين أفسدوا البر والبحر والهواء وقمعوا البشر ونكلوا بالمعارضين وجوعوا المواطنين فانفجرت ثورة شارك فيها الشعب المصرى كله، ومن الشعب من قضى نحبه ثمنا للتغيير، ومنه من حمى الثوار من ساقط القول ومنه من ينتظر.
الفلول الآن يهددون بقطع الطرق وإشعال النار فى الوطن إذا قرر المجلس العسكرى وحكومة شرف إصدار تشريع العزل السياسى لكل من أسهم فى إفساد الحياة السياسية على أرض مصر، فهل نلوم الفلول أم نلوم الذين حولوا الفترة الانتقالية إلى بيئة مواتية للغاية لكى يعيدوا تنظيم صفوفهم؟
هل نلومهم أم نلوم الذين وفروا لهم جدارا عازلا لامتصاص وتكسير موجات المد الثورى فى عنفوانه، ثم ساعدوهم وحموهم لكى ينتقلوا إلى الهجوم والانقضاض على مكاسب ثورة تفجرت ضدهم؟
إن للفلول الآن من الأحزاب عشرة، ومن الفضائيات والصحف والبرامج ما يسد عين الشمس، ولهم من يستضيفهم ويفتح أمامهم الأبواب والنوافذ لكى يدخلوا ويغسلوا تاريخهم، ويبدلوا جلودهم، بل إن بعضهم لا يخشى من إعلان تهديده بحرق البلد وإثارة الاضطرابات إذا ما صدر تشريع العزل، ويصل إلى أبعد من ذلك بالتلويح باحتلال ميدان التحرير والسيطرة على مقار المحافظات.
معكم حق أيها الفلول مادام الثوار الحقيقيون يساقون إلى المحاكم العسكرية كلما عبروا عن غضبهم من العك الممنهج فى إدارة المرحلة الانتقالية، وتصدر ضدهم الأحكام المغلظة، بينما لم يعاقب من قتلة الثوار أحد حتى الآن اللهم إلا أمين شرطة حوكم وأدين غيابيا.
إن من الفلول من يعلنها صريحة الآن، على جثتنا العزل، متحججين بحالة الدكتور عصام شرف باعتباره كان من رجال الحزب الوطنى المنحل ومعه حفنة من وزرائه، فهل نطمع أن يبدأ شرف وووزراؤه بأنفسهم ويقدموا المثل فى الالتزام بقانون الثورات؟
هل يفعلها شرف ويرحل لكى ينزع من بين أيدى الفلول حجة وسلاحا يتحدون به الجميع؟ وماذا سيفعل المجلس العسكرى (شريك الثورة وحاميها) مع هذه التهديدات السافرة بتحدى الجميع؟
غير أن السؤال الأهم هو: ماذا أنتم فاعلون أيها الثوار؟