خسارة الأهلى لبطولتين فى أسبوع واحد أمر وارد فى كرة القدم.. وربما يمكن حدوثه لأى فريق فى العالم إذا ما وضع فى الاعتبار كم الأخطاء الفنية الكثيرة والمتكررة من مدربه التى وصلت إلى حد الإصرار على الخطأ فيما يخص طريقة اللعب واختيار التشكيل والتغيير، ولم تكن تتناسب على الإطلاق مع إمكانيات لاعبيه ولا قدرات المنافسين.. لكن الأمر الذى يصعب حدوثه ويصعب فهمه أيضا ولا يمكن قبوله هو أسلوب المسكنات الذى تتعامل به إدارة الأهلى مع المدرب وسكوتها على كل هذه الانتكاسات وهى تعلم أكثر من غيرها أن هذا الرجل لم يعد صالحا لقيادة فريق أقل ما يمكن وصفه أنه (منتخب مصر الأول) لما يضمه من عناصر دولية وكفاءات كروية متعددة الأعمار وذات خبرات منقطعة النظير ولا يعادلها أى فريق داخل الوطن أو حتى داخل حدود القارة السمراء. ورغم كل ذلك فشل جوزيه فى استثمار كل ما لديه من إمكانيات وخرج من بطولة أفريقيا ومعها أضاع فرصة اللعب فى بطولة العالم للأندية ولعب بطولة السوبر الأفريقى وأضاع على الأهلى بطولات كانت تدر عليه ملايين الدولارات بخلاف خسارته لعائدات بطولة كأس مصر.. أى أن الرجل لم يحقق الأهداف التى جىء به من أجلها وهى تحقيق الانتصارات الكروية الممزوجة بالأرباح والإيرادات الاقتصادية.
وهنا بيت القصيد لأن إدارة الأهلى التى تروج دائما لنظرية صناعة كرة القدم وتتعامل مع اللعبة على أنها فرصة للكسب الفنى والمالى وتحقيق الإيرادات باتت تسير فى عكس الاتجاه.. بمعنى أنها أصبحت تحقق الخسائر ولا تجنى أى أرباح قياسا بما تنفقه على مانويل جوزيه وجهازه الفنى شهريا بما يقارب المليون جنيه مضافا إليها عشرات الملايين إن لم تكن المئات على الصفقات والمعسكرات والسفر والإقامة وخلافه.. ولو كانت القضية بالفعل مرتبطة بالنظريات الاقتصادية وحسابات الأرباح والخسائر الاقتصادية وليست الكروية فعلى الإدارة أن تقلص هذه الخسائر بأسرع وقت ممكن وألا تكون معول هدم لاقتصاد الوطن المنهك ولا أداة لاستفزاز شعب يعتصره الفقر ويعانى أوجاع البطالة وضيق ذات اليد وهو يرى مدربين يتقاضون الملايين فى وقت لا يجد شباب هذا الوطن الملاليم.. ومن غير المنطقى أن يكون هناك من ينفق المال فى غير موضعه بدعوى الحفاظ على بطولات وألقاب لم تأت والبلاد تعانى ويلات الأزمات الاقتصادية التى أصبحت تهدد الاستقرار والسلام الاجتماعى دون أدنى شك.
إن مصر من أقصاها إلى أقصاها لا تتوافر فيها أركان صناعة كرة القدم ولا أتصور أن هناك صناعة بمثل هذا الاسم موجودة أو أنها قامت دون أن ندرى فى دورى للهواة وليس للمحترفين وفى ظل أندية حكومية تتولى الدولة الإنفاق عليها سواء كانت شركات أو هيئات أو حتى أندية جماهيرية لا تملك حتى الأرض المقامة عليها وتدار من خزائن ودواوين المحافظات.. وكل ما يجرى عندنا هو مجرد تسويق لمنتج كروى بثمن بخس وما تجنيه الأندية من عائدات قد لا يكفى لشراء لاعب واحد أو التعاقد مع مدرب وهذا دليل قاطع على أن ما يجرى أمر بدائى ولا يرقى إلى اسم صناعة كرة القدم أو تحويل الترفيه إلى اقتصاد كما يحدث فى أوروبا.. وما دام الأمر كذلك فلا أجد فى بقاء جوزيه وجهازه ومن على شاكلتهم من مدربين أى فائدة لا كروية ولا اقتصادية بل على العكس أرى أن الابقاء عليهم بعد كل هذه الانتكاسات المالية والكروية ضربا من ضروب إهدار المال العام وسيكون الاستمرار فى إنفاق مليون جنيه شهريا على جهاز لم يحقق أى مردود كروى أو مالى جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى!
عموما ودع الأهلى بطولتين كبيرتين.. وفى كل مرة يسارع جوزيه ويقدم الاعتذارات للجماهير ويعلن تحمله المسئولية وكأن هناك من أخطأ غيره وجاء هو ليتحمل المسئولية بشجاعة نيابة عنه. وهنا أقول إن الاعتذار والاعتراف بالمسئولية ليسا شجاعة من مدرب فشل فى مهمته.. بل هما محاولة لاحتواء غضب الجماهير العريضة التى ساندته وضاقت به ذرعا بسبب تصرفاته بعد أن أصبح غليظ القلب مع نجوم الفريق وباتوا جميعا يخشون أفعاله وأن يكون سببا فى خروجهم من الجنة الحمراء دون أن يجدوا من يحميهم من بطشه.