كلمة الرئيس السيسى بمناسبة الذكرى ال52 لنصر حرب أكتوبر المجيدة.. فيديو    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    قفزة فى أسعار الذهب اليوم بمصر مع صعود الأونصة فوق 3900 دولار    أسعار البيض بكفر الشيخ اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    سعر الدينار الكويتي اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 أمام الجنيه    رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة: شركات التجارة الإلكترونية ساهمت في التطوير وعادت بالإيجاب على الاقتصاد    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب كازاخستان    ناشط إيطالى ضمن أسطول الصمود يعلن اعتناقه الإسلام داخل سجون إسرائيل    السعودية تتيح أداء العمرة لجميع حاملى التأشيرات.. انفوجراف    الرئيس السيسى: أوجه التحية للرئيس الأمريكى على مبادرته لوقف الحرب فى غزة    حدث في أمريكا .. قاضية فيدرالية تمنع ترامب من نشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    منتخب مصر المشارك فى كأس العرب يتوجه إلى المغرب.. صور    اجتماعات دورية بين حسين لبيب وإدوارد لحين عودة يانيك فيريرا من بلاده.. اعرف السبب    الأهلي يكشف حقيقة تغريم عمر كمال وعرض أفشة للبيع في يناير    مصرع ربة منزل وابنتها إثر حريق شقة سكنية بالفيوم    انخفاض طفيف في درجات الحرارة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    سقوط عامل داخل مصنع ينتهى بمصرعه فى مدينة 6 أكتوبر    المفتى يشدد على ضرورة إصدار فتوى بلغة واضحة تراعى ثقافة المستفتى وظروفه    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    وزارة الثقافة تحتفل بذكرى أكتوبر ب500 فعالية فنية فى مختلف المحافظات    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    رئيس الرعاية الصحية يلتقي الغمراوي لبحث مباحثات توطين الصناعات الطبية    الداخلية تكشف ملابسات سرقة دراجة نارية بالغربية بأسلوب «المغافلة»    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    تعرف على أسعار السمك البلطى والبورى اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    أسعار النفط ترتفع 1.5% بعد إعلان «أوبك+» عن زيادة الإنتاج    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    هل يتجاوز محمد صلاح أحزانه في ليفربول ليحقق حلم الصعود للمونديال مع الفراعنة ؟    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعلم من همرشولد
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 09 - 2011

توفى داج همرشولد، ثانى سكرتير عام للأمم المتحدة قبل خمسين عاما، فى مثل نهاية هذا الأسبوع. وكان فى مهمة بالكونجو عندما تحطمت طائرته وهى فى طريقها للهبوط فى ندولا، شمال روديسيا حينها وزامبيا الآن. وتمكن همرشولد خلال السنوات الثمانى التى تولى فيها المنصب بالأمم المتحدة، من إدخال الحيوية على المنظمة العالمية، وترسيخ دور سكرتيرها العام كدور أساسى فى الشئون العالمية.

ولم يأت بعد همرشولد من له مثل قيادته الحاسمة على المستوى الدولى. إذ طور دور السكرتير العام فى اللحظات التاريخية المتسمة بالخطر بشكل خاص، فصارت عبارة «دعها لداج» شعارا مثلا، حتى حينما كان يدير مخاطر تصاعد المدافعين المتحفزين عن السيادة الوطنية غير المحدودة. وأصبح تقييم أعمال الرجال الذين خلفوه (متى يحين أخيرا وقت ترشيح امرأة؟) يتم بالمقارنة بهمرشولد، ويشار له كنموذج لما يقدمون من جهود.

عندما وصل همرشولد إلى الأمم المتحدة فى أبريل من عام 1953، كان لدى غالبية أعضاء مجلس الأمن انطباع بأنهم صوتوا لمصلحة سويدى ضليع فى الخدمة المدنية لن يدع السفينة تصطدم بالصخر، أو لكونه حيويا بشكل خاص أو مستقل. وكانت السنوات الثمانى التالية مفاجأة تماما.

وبحلول عام 1953، شلت الحرب الباردة مجلس الأمن. وكانت النزاعات الإقليمية بمثابة شررات ملتهبة كامنة قد تشعل مواجهة نووية بين الشرق والغرب، وصار همرشولد وسيطا مقبولا؛ وتمثل نجاحه الأول فى التفاوض على إطلاق سراح الطيارين الأمريكيين الذين هبطوا فى جمهورية الصين الشعبية أثناء الحرب الكورية، وسجنوا باعتبارهم جواسيس.

وأصبحت بعض الدول القوية، بما فيها الولايات المتحدة، تنظر إلى همرشولد كزعيم مشهود له، حتى وإن لم تتفق معه فى بعض الأحيان. ولكن نيكيتا خروشوف زعيم الاتحاد السوفييتى، وشارل ديجول زعيم فرنسا، لم يرياه من هذا المنظور. ففى مشهد شهير فى الجمعية العامة، طالب خروشوف باستقالته. ورفض همرشولد واستقبل ذلك بحفاوة بالغة.

ومن بين جميع الأشخاص الذين عرفتهم، كان هامرشولد حتى الآن الأنجح فى تنظيم حياته العامة، واهتماماته الثقافية والروحية والجمالية واسعة النطاق فى نموذج متكامل ومكتف بذاته. وكانت الأدبيات المكتوبة بثلاث أو أربع لغات والموسيقى والفنون البصرية والطبيعة، أحب أصدقائه، وظهر فى مذكراته التى نشرت بعد وفاته «علامات» تدل على أنه كان يكوِّن نسخة خاصة به من التصوف. وقد قالت صديقته النحاتة باربارا هيبورث: «داج همرشولد لديه تصور نقى ودقيق حول المبادئ الجمالية، والشىء نفسه تماما بالنسبة للمبادئ الأخلاقية والمعنوية. وأظن أنها كانت بالنسبة له شيئا واحدا متطابقا». لكن قدما هامرشولد كانتا راسختين على الأرض. إذ قال للمستمعين إليه فى عام 1954: «لم تؤسس الأمم المتحدة لكى تعيدنا إلى الجنة، بل لتنقذنا من النار».

ولم يكن لدى همرشولد سوى قليل من الزخارف التقليدية التى تحيط بزعيم. وبالنسبة للسكرتارية، كانت سلطته مطلقة لأننا احترمنا المجهود الفكرى والمعنوى، والعدالة التى تتخلل قراراته، والأسلوب الهادئ الخالى من أى ادعاء الذى كانت تنقل لنا من خلاله. وهناك صورة له، وهو يستقبل أول وحدة من أول قوات للأمم المتحدة لحفظ السلام عند وصولها إلى أبوصوير على قناة السويس عام 1956. وكانت شخصيته المتواضعة المتفردة المسالمة مهيمنة على المشهد، بما لا يدع مجالا للشك حول هوية المسئول. وعلى ما اعتقد، كانت هناك أكثر من لمسة عبقرية فى أداء همرشولد الحماسى والخلاق. وقد جعل كل ذلك منه شخصا لا ينسى.

لم تعد هناك الآن حرب عالمية، ولا الاتحاد السوفيتى، ولا «توازن القوى المدمرة»، وذهب معهم، كما نأمل، التهديد المتواصل بالحرب النووية. ولكن الجمع المرتقب بين الأسلحة غير التقليدية والإرهاب، والتغيير المناخى، والتردى البيئى، والعجز فى الموارد الأساسية على مستوى العالم، والانهيار المحتمل للنظام الاقتصادى، يعبر عن مخاطر غير محدودة، إلا إذا قررت حكومات العالم التعامل معها بجدية، على نحو مشترك. ومن شأن مقدرة همرشولد على تركيز الانتباه الدولى على الأسئلة الجوهرية أن تجد فرصتها كاملة فى هذا الزمن شديد الاضطراب.

يصعب استعادة الإثارة والخطر والأمل الخاص بفترة همرشولد فى الأمم المتحدة، ويستحيل تكرارها مرة أخرى. إذ تصل الحكومات إلى اتفاق داخل المنظمة وخارجها إلى حد أكبر من ذى قبل. كما يستكشف مجلس الأمن أرضا جديدة فى ظل منظور «المسئولية عن الحماية». وهناك افتقاد واضح للقيادة الدولية والمستقلة التى كانت سمة مميزة لهمرشولد.

فما نوع الشخص الذى تحتاح إليه الحكومات كسكرتير عام للأمم المتحدة؟ مع كل التحيات التى انهمرت فى هذه الذكرى، لا يوجد ما يدل على أن أعضاء مجلس الأمن حاولوا فى يوم من الأيام العثور على همرشولد آخر. فهل يمكن أن يكون الأمر هو أن قيادة ديناميكية استمرت لمدة ثمانى سنوات منذ نصف قرن مضى، كانت كافية بالنسبة لهم؟

أوصى مجلس الأمن، ووافقت الجمعية العامة، على فترة ثانية مدتها خمسة أعوام للسكرتير العام بان كى مون. لكن لابد أن تبدأ فى القريب العاجل عملية إيجاد سلف له، باستخدام أسلوب بحث خلاق واسع النطاق. فى وقت تنذر فيه المشكلات العالمية بالسوء، يمكن أن يوفر نموذجا مثل داج همرشولد يكون مرشدا مهما فى البحث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.