قال عبداللطيف بن عمار مخرج وكاتب الفيلم التونسى «النخيل الجريح» إنه على المخرج العربى ان يكون مواطنا قبل ان يكون فنانا، حتى يستطيع اختيار موضوعات تهم الجمهور العربى. وأضاف أنه لاحظ كثيرا من الأفلام العربية خاصة فى شمال أفريقيا اتجهت إلى تقديم أفلام مهمة بالنسبة للجمهور الأوروبى، لكنها تتجاهل تماما وتناست دورها وواجبها أمام المشاهد العربى.
وأكد المخرج أنه اختار حرب «بنزرت» موضوعا لفيلمه لأن حينها لم تكن متوقعة سواء من الفرنسيين أو التونسيين، لأن الرئيس بورقيبة كان قد وقع اتفاقية بين تونسوفرنسا وافق خلالها على أن تكون مدينة «بنزرت» تستمر قاعدة عسكرية فرنسية بعد الاستقلال، لكن الشارع التونسى أصر على تحرير «بنزرت». تاريخيا أكد ابن عمار ان الحرب استمرت يومين ونصف اليوم فقط، ولكنها خلفت 8 آلاف شهيد تونسى، حيث كان أهل المدينة عزلا وسلميين فى مواجهة الرصاص دون أدنى مقاومة.
بن عمار أوضح أن تزييف تاريخ هذه الحرب من قبل نظام بورقيبة جعله يصر على أن يقدم هذه القصة للشباب التونسى والعربى الذين يجهلون هذه الحرب تماما، حيث كمم بورقيبة بعد الحرب أفواه الإعلام، ومنع ان تنشر أى معلومات عن الأسباب الحقيقية للحرب، وزيف التاريخ.
وتعليقا على فراغ شوارع «بنزرت» كما بدت فى المشاهد الأولى للفيلم أكد بن عمار أن هذا الفراغ كان بعد حرب 61، حيث تخلى بورقيبة عن المدينة وتركها بدون تنمية، فما تبقى من «بنزرت» بعد الحرب فقط كانت شوارع فارغة وبيوت قديمة، وهذه الحال مستمرة حتى الآن، لذلك أهل المدينة يشعرون انه تم تجاهلهم من جانب السلطة.
وأكد ابن عمار أن الشىء المحزن أنه لجأ للغرب ليستطيع إظهار تاريخ بلاده، حيث ذهب إلى فرنسا ليستعين بصور ومقاطع تخص هذه المرحلة.
بطلة الفيلم ليلى وازو خريجة وأستاذة معهد الفنون المسرحية بتونس أكدت أنها انتظرت 9 سنوات بوعد من المخرج عبداللطيف بن عمار حتى تحقق عملها معه فى تجربة مهمة.
وقالت انها رغم تخرجها فى المعهد قبل 10 سنوات، إلا أنها لم تعمل لأن الممثل فى تونس أمامه خياران إما ان يقبل بالعمل فى التليفزيون ويكون وجها مستهلكا، أو ينتظر المشاركة فى تجربة مهمة مثل «النخيل الجريح» مع المخرج عبداللطيف ابن عمار الذى يحترم موهبة الممثل، ويعطيه فرصة لترجمة ما يتم دراسته فى معهد الفنون المسرحية.
وأوضحت وازو أنه بحكم عملها فى مدينة «بنزرت» تعرف كم تم تهميش التونسيينوالبنزرتيين، وأكدت أنه لا يوجد للتونسيين من آثار حقيقية للحرب إلا مقابر الشهداء المزيفة الصورية، حيث انها لا يوجد بها جثمان شهيد واحد، لأن جميع الشهداء دفنوا فى مقابر جماعية.
وأضافت أن 15 أكتوبر عيد جلاء آخر جندى استعمارى من أرض بنزرتوتونس، هو يوم احتفالى سخيف جدا للتونسيين، لأنهم لا يعرفون ماذا حدث حتى يحتفلوا بجلاء الاستعمار من البلاد.