النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (تحديث مباشر)    تعرف على موعد بدء التوقيت الشتوي وموعد ضبط الساعة رسميًا    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 24 أكتوبر 2025    حسام بدران : اجتماعات الفصائل الفلسطينية في القاهرة تستهدف متابعة خطوات تنفيذ اتفاق شرم الشيخ    جميل مزهر: نثمن الدور المصري المحوري والتاريخي الداعم للقضية الفلسطينية    زيلينسكي: الاتحاد الأوروبي أكد أن المساعدات المالية لأوكرانيا ستستمر    مع استمرار الإغلاق الحكومي.. متبرع ثري يقدم 130 مليون دولار لتغطية رواتب الجيش الأمريكي    غضب من لاعب الزمالك بعد استبعاده أمام ديكيداها الصومالي    فتاة تتناول 40 حبة دواء للتخلص من حياتها بسبب فسخ خطوبتها بالسلام    في قبضة العدالة.. حبس 3 عاطلين بتهمة الاتجار بالسموم بالخصوص    بدء غلق طريق محور 26 يوليو لرفع كوبري مشاة محطة مونوريل جامعة النيل    مروة ناجي تختتم حفلها في مهرجان الموسيقى العربية بأغنية «على الربابة»    د. زاهي حواس يكتب: الافتتاح العظيم لأعظم متحف في العالم    نانيس أيمن تكتب: الهند لأول مرة بالعراق من خلال «رقصة النسيج» اللوحة الفنية الراقية والفوز المستحق    «ليلة عسل زيك انت وعروستك».. ويزو تهنئ حاتم صلاح بحفل زفافه    «مش بيكشفوا أوراقهم بسهولة».. رجال 5 أبراج بيميلوا للغموض والكتمان    «بالأرز».. حيلة غريبة تخلصك من أي رائحة كريهة في البيت بسهولة    وكيل صحة الفيوم تفتتح أول قسم للعلاج الطبيعي بمركز يوسف الصديق    قطة: سأتولى رقابة ديمبيلي.. وسأمنح هذا الثنائي أفضل لاعب داخل القارة    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    وصول وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة النووية الأولى من روسيا إلى ميناء الضبعة    نجيب ساويرس يؤكد دعوة محمد سلام لحضور فعاليات مهرجان الجونة السينمائي    طلع سوابق، مفاجأة غير متوقعة في تحقيقات النيابة مع مرشح الفيوم المنتحل صفة طبيب    الشناوي يكشف مكافأة لاعبي بيراميدز عن الفوز بدوري الأبطال    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة لأسرتك    نصائح أسرية للتعامل مع الطفل مريض السكر    سيلتا فيجو يفوز على نيس 2-1 فى الدورى الأوروبى    أحمد حسن يكشف خطوات الحصول علي شقة من الإسكان البديل لأصحاب الايجار القديم    رابط التقديم في اللوتري الأمريكي 2025 وخطوات التسجيل في قرعة الهجرة إلى أمريكا    مصرع وإصابة شخصان إثر حريق سيارة بطريق السويس الصحراوى    في ليلة طربية استثنائية.. ملك أحمد تبهر جمهور معكم بأداء مؤثر لأغنية الرضا والنور    طعن طليقته أمام ابنه.. ماذا حدث فى المنوفية؟.. "فيديو"    حكم قضائى بمحو السجل الجنائى لليوتيوبر أحمد أبو زيد بعد براءته من الاتجار فى النقد الأجنبى    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج ل26.6 مليار دولار    استشهاد لبنانين اثنين فى غارة إسرائيلية على بلدة عربصاليم بجنوب لبنان    أظهرا حبهما علنًا.. محكمة تُلزم 2 «تيك توكر» بالزواج بعد نشرهما فيديو «مخالف للآداب»    الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي: وحدة الكنيسة ليست خيارًا بل طاعة لنداء المسيح    لماذا لم تتم دعوة الفنان محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يرد    محمد كساب: ستاد المصري الجديد تحفة معمارية تليق ببورسعيد    نجم غزل المحلة السابق يشيد ب علاء عبدالعال: «أضاف قوة مميزة في الدوري»    انتخاب إدريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    بعد المشاركة في مظاهرة بروكسل.. أمن الانقلاب يعتقل شقيقا ثانيا لناشط مصري بالخارج    عاجل- مجموعة "كايرو ثري إيّه" تدعم وحدة زراعة الكبد في مستشفى الناس بمبلغ 50 مليون جنيه    «محمد عبدالوهاب كان هيعملي أغاني».. فردوس عبدالحميد تروي بدايتها في الغناء (فيديو)    ماكرون: العقوبات الأمريكية ضد روسيا تسير في الاتجاه الصحيح    مجلس الوزراء اللبناني يقر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص    رئيسة معهد لاهوتي: نُعدّ قادةً لخدمة كنيسة تتغير في عالمٍ متحول    أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة الإسماعيلية بانتخابات مجلس النواب 2025    راقب وزنك ونام كويس.. 7 نصائح لمرضى الغدة الدرقية للحفاظ على صحتهم    النيابة تكشف مفاجأة في قضية مرشح النواب بالفيوم: صدر بحقه حكم نهائي بالحبس 4 سنوات في واقعة مماثلة    إكرامي: سعداء في بيراميدز بما تحقق في 9 أشهر.. ويورشيتش لا يصطنع    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم بلغة الإشارة    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كى لا تُطمس الحقائق بمضى المدة
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 09 - 2011

فجر العدوان الإسرائيلى الأخير على الحدود المصرية، واستشهاد وإصابة عدد من الجنود المصريين، بركان الغضب داخل مصر، وأصر الشعب على أن يقابل هذا العدوان بموقف قوى وإجراء حازم. غير أن ثورة الغضب ما لبثت أن أفسحت المجال أمام الكثير من المغالطات والادعاءات. على سبيل المثال تم الترويج لمقولة، مفادها أن سيناء قد تحولت إلى منطقة منزوعة السلاح بحكم معاهدة السلام عام 1979 (والتى يتم الخلط بينها وبين إطار كامب ديفيد عام 1978). ومغالطة أخرى تدور حول فقدان مصر لسيادتها على سيناء أو فى أفضل الأحوال فإن سيادتها هى سيادة منقوصة. والاتهام الثالث موجه إلى الحكومات المصرية السابقة بالإهمال المتعمد لمشروعات التنمية والتعمير فى سيناء، وإن لإسرائيل يدا فى ذلك كى لا تتواجد كثافة سكانية كبيرة فى شبه الجزيرة. أما المغالطة الرابعة فهى القول إن معاهدة السلام قد تم تمريرها فى غفلة من الشعب المصرى، وعلى ذلك يتعين فتح ملفها من جديد وإخضاعه لحوار شعبى تمهيدا للاسفتاء على المعاهدة.
والواقع أننى أجد لزاما علىّ، أن أحاول توضيح هذه الأمور، وإبراز العديد من الحقائق التى ربما قد طمست بمرور الوقت ومضى المدة. وأسمح لنفسى أن أتصدى لهذه المهمة بحكم عضويتى السابقة فى وفد التفاوض المصرى حول معاهدة السلام (الفترة من أكتوبر 1978 حتى مارس 1979).
لنتناول أولا مقولة إن سيناء قد أصبحت منزوعة السلاح. حقيقة الأمر أن سيناء بها ثلاث مناطق تختلف من حيث نوعية التسلح وعدد القوات. المنطقة (أ) شرق قناة وخليج السويس وفيها من السلاح والعتاد والقوات ما لم يسبق لمصر ان أحتفظت به فى سيناء كلها فى أى وقت من الاوقات (22 ألف جندى 230 دبابة 400 مدرعة ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية لواء مدرع 7 كتائب مدفعية و7 كتائب صواريخ مضادة للطائرات). والمنطقة (ب) بوسط سيناء بها 4 كتائب حرس حدود مكونة من 4000 جندى، بالإضافة إلى قوات شرطة. أما المنطقة (ج) المحازية للحدود بها قوات شرطة (دون وضع حد أقصى للعدد) والقوات الدولية متعددة الجنسيات.
وتبين مما سبق بأنه بالرغم من وجود تسليح كافٍ بالمنطقة (أ) إلا أن ذلك الوصف لا ينطبق على المنطقتين (ب) و(ج). وعلى ذلك فإن الامر يحتاج إلى إعادة النظر فى نوعية التسليح وعدد القوات فى المنطقتين. والواقع أن معاهدة السلام سمحت صراحة بإعادة النظر فى ترتيبات الأمن السابقة، فى أى وقت، وبناء على طلب أى من الطرفين، ويتم تعديل هذه الترتيبات بالاتفاق بينهما (الفقرة الرابعة من المعاهدة). وقد مر الآن على توقيع المعاهدة أكثر من 32 عاماً، وخلال هذه المدة الطويلة تمكن العقل البشرى من تطوير فنون الحرب ونوعية السلاح. وأصبحت تجارة السلاح تجارة رابحة ومربحة ودون ضوابط، ويمكن للجماعات والتنظيمات الحصول على السلاح بسهولة ويسر فتعيث فى الأرض فساداً. وليس من المتصور أن تتمكن القوات الموجودة بهذه المساحة الشاسعة من سيناء من التصدى بالفاعلية اللازمة لأى انشطة إرهابية أو عمليات تهريب أو تسلل عبر الحدود. ولا شك أن الأحداث الأخيرة فى العريش، بالإضافة إلى الأعمال الإرهابية التى جرت فى السابق، تعطى لمصر المبرر لأن تطلب على الفور إعادة النظر فى ترتيبات الأمن بالمنطقتين. لا تملك إسرائيل إلا أن تتجاوب مع ذلك الطلب المصرى، بعد أن أقامت الدنيا، ولم تقعدها حول مدى قدرة مصر على حفظ الأمن فى سيناء. بل إن الولايات المتحدة، التى كانت الراعية لعملية السلام منذ البداية، طالبت مصر فى أعقاب الأحداث الأخيرة، بالتوصل إلى حل دائم لقضية الأمن فى سيناء. ومثل هذا الحل الدائم لا يتأتى إلا بعديل ترتيبات الأمن لتتناسب مع كل التطورات منذ إبرام المعاهدة، وذلك من خلال اتفاق رسمى ملزم، وليس الاكتفاء بإرسال تعزيزات هنا أو هناك كرد فعل لحادث معين.
نأتى الآن إلى ادعاء فقدان مصر لسيادتها على سيناء. لا أجد رداً أبلغ على هذا الزعم مما نصت عليه المادة الأولى من المعاهدة التى تقول بالحرف الواحد «تسحب إسرائيل كل قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى خلف الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء». والمقصود بالمدنيين بالطبع مستوطنى المستعمرات. ومن المهم هنا أن أشير إلى أن وفد التفاوض المصرى فى المعاهدة رفض قبول تعبير آخر كان يقضى «بعودة» السيادة لمصر، لأن مصر لم تفقد سيادتها على سيناء فى أى وقت، وإنما حال الاحتلال بينها وبين ممارسة سيادتها على جزء من أراضيها. ولا يعنى وجود ترتيبات للأمن فى سيناء انتقاصا من السيادة المصرية، فمثل هذه الترتيبات من الأمور تلجأ إليها الدول، التى اندلعت الحروب بينها فى السابق ومن ثم تحتاج إلى إجراءات لبناء الثقة المفقودة. جدير بالذكر أن ترتيبات الأمن هذه جاءت بشكل تبادلى، حيث هناك منطقة محدودة التسليح داخل إسرائيل بطول الحدود الدولية، وهى المنطقة (د).
أما بالنسبة لتنمية وتعمير سيناء، فلا يمكن إنكار حقيقة أن الحكومات المصرية السابقة لم تعط هذا الأمر ما يستحقه من إهتمام، ولم تتمكن من إيجاد حلول جذرية للمشكلات البيروقراطية والتشريعية المتوارثة، والتى يعانى منها أهلنا فى سيناء. ومع ذلك لا يمكن على الجانب المقابل، إنكار وجود إنجازات مهمة منذ استرداد مصر لسيناء مثل شق شبكة من الطرق بطول سيناء وعرضها، وبناء كوبرى السلام الضخم فوق قناة السويس ليربط سيناء بالوجه البحرى. كما تم افتتاح خط عبارات منتظم بين نويبع والعقبة لينقل الأفراد، وحجاج بيت الله، بالإضافة إلى البضائع، وخط حافلات منتظم. وأُقيمت صناعات مثل صناعة الأسمنت وغيرها، وتمت مضاعفة الطاقة الكهربائية عدة مرات، وأصبحت سيناء محورا للربط الكهربائى مع المشرق العربى. والأهم من هذا كله ذلك المشروع القومى المهم، الذى شمل حفر أربعة أنفاق ضخمة أسفل قناة السويس، لنقل مياه الرى إلى ترعة السلام، والتى كان من المقرر أن توفر مياه الزراعة لأكثر من 400 ألف فدان تستوعب مئات الآلاف من المصريين. للأسف توقف المشروع بعد إتمام مرحلته الأولى، وأعتقد شخصيا أن ذلك راجع إلى تحويل الاهتمام، فجأة وبدون مقدمات، ناحية مشروع توشكى. أضف إلى ذلك ما حظى به قطاع السياحة من اهتمام، كما تشهد على ذلك المنشآت السياحية التى أُقيمت فى رأس سدر وشرم الشيخ ودهب وطابا والعريش، والتى توفر فرصا للعمل وتدر دخلا لا يمكن الاستهانة به.
يبقى الزعم بأن المعاهدة تم تمريرها فى غفلة من الشعب المصرى. حقيقة الأمر ان المعاهدة تم إقرارها من مجلس الشعب المصرى فى 10 إبريل 1979، وتم عرضها على الشعب فى استفتاء عام 19 أبريل 1979، وقد صادق عليها الشعب بأغلبية كبيرة.
ارتكبت إسرائيل جريمة فى حق مصر بعدوانها الأخير، ومن الضرورى أن تقابل مصر هذا الانتهاك الإسرائيلى للمعاهدة بسلسلة من الإجراءات والعقوبات المتصاعدة. وهناك مساحة كبيرة للتحرك فى هذا الصدد دون الوصول إلى حد قطع العلاقات أو إلغاء المعاهدة، حيث سبق أن أكدت مصر بعد ثورة 25 يناير تمسكها بالالتزامات الدولية واحترامها للمواثيق والمعاهدات. هذه الإجراءات المتصاعدة يمكن أن تدخل حيز التنفيذ إذا ماطلت إسرائيل فى الاستجابة للمطالب المصرية، وهى تقديم اعتذار رسمى كتابى، وإجراء تحقيق مشترك، ومحاكمة مرتكبى الاعتداء، وتقديم الضمانات الكافية بعدم تكرار مثل تلك الانتهاكات. ومن بين الإجراءات التى يمكن أن تلجأ إليها مصر، سحب السفير المصرى من تل أبيب، واعتبار سفير إسرائيل بالقاهرة شخصا غير مرغوب فيه، وتخفيض مستوى الاتصالات بين الحكومتين، ووقف تبادل الزيارات الرسمية. أما الزيارات غير الرسمية فقد تكفل المجتمع المدنى المصرى والنقابات المهنية بالامتناع عن القيام بها منذ البداية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.