لا يقع كتاب «الإسلام عقيدة وشريعة» للإمام الأكبر محمود شلتوت فى زمرة الكتب الدينية سهلة القراءة والاستيعاب كما أن صياغات صفحاته التى تقارب ال500 من القطع الكبير لا تتسم بصفات أحاديث الدعاة الجدد من رواية وحكى، بل هو بحق كتاب قيم لمن يريد أن ينفق وقتا ويعمق فكرا، ليتفق أو يختلف، مع طرح متكامل حول الدين الإسلامى من حيث الإيمان والممارسة. فالكتاب الذى يبدأ بمحاولة الإجابة عن سؤال «ما الإسلام؟» والذى تتوالى فصوله بعد ذلك لتفصيل أسس وتفاريع الشريعة الإسلامية ومعانى ثبوتها مفرقا بين العبادات وبين المعاملات من تجارة وزواج بل وجرائم وعقوبات يطرح على القارئ المتأمل جملة من الأفكار، قد تستغرقه محاولة تفصيلها فى الحياة اليومية ومضاهاتها ربما بأسئلة تطرح نفسها خلال ممارسته لتفاصيل الإسلام. وفى إدراكه لأهمية التفنيد يقسم شلتوت كتابه إلى فقرات قصيرة، حتى وإن طالت جملها، ويكثر من العناوين الفرعية ليعاون قارئه فى تتبع عمق أفكاره. كما أنه يطرح الآيات القرآنية ويفسرها ويسند تفاسيره للأحاديث بإشارات لآيات من النص القرآنى ليجمع بين يدى القارئ أسباب التوافق مع التحليل الموضوع بين يديه فى صفحات «الإسلام عقيدة وشريعة»، الصادر عن الشروق. ونقطة البدء عند شلتوت أنه لا إكراه فى الإيمان، ولكن النقطة التالية أنه على من آمن أن يتبع العقيدة التى آمن بها ويمارس هذا الإيمان فى الالتزام بأحكام الإسلام التى يجمع اهمها فى كتابه الصادر فى عشرين طبعة متتالية أولاها عام 1987 وآخرها فى 2010. ورغم أن قراءة كتاب شلتوت بصفحاته المتتالية هى فى حد ذاتها عملية إلمام واسعة بالعقيدة الإسلامية وتفاصيلها حسب تفسير الكتاب يمكن أن تفيد ليس فقط المسلم الراغب فى تدبر المزيد من أمور دينه ولكن أيضا غير المسلم الراغب فى معرفة ما يمكن أن يمثل اتجاهات التيار الرئيسى للإسلام السنى المعمول به فى مصر، فإن ما ميز «الإسلام عقيدة وشريعة» أن قارئه يمكنه الرجوع لفصل بعينه أو باب أو حتى فقرة فيقرأها بذاتها ليحصل على معلومة متكاملة يمكن أن يعمل فيها الفكر أو يقارنها بما جاء فى كتب وتفاسير آخرين من فقهاء الدين الإسلامى. وعلى سبيل المثال تمثل الفقرتين المتتاليتين «الأولياء فى القرآن»، و«خطأ الناس فى معنى الأولياء» سياقا متصلا حول توصيف شلتوت لمن هم الأولياء من ناحية ورفضه لما ينسجه بعض العامة من شعوذات اتصالا بهؤلاء الأولياء من ناحية أخرى، ولكن يمكن قراءة كل فقرة منهما على حدة أو يمكن قراءتهما متتاليتين للحصول على صورة أشمل حول قضية «الأولياء فى الإسلام». الرسالة الرئيسية لكتاب شلتوت أن الإسلام لم يكن لزمن خاص أو لمجتمعات بعينها، وهو عندما يتحدث عن تفاصيل الإيمان أو أحكام المعاملات إنما يسعى دوما لتأكيد فكرته الرئيسية أن ما جاء به القرآن وقت أن أنزل الله جبريل به على محمد (ص) لا يزال ساريا فى مفاهيمه وأحكامه حتى يومنا هذا بل وبعد يومنا هذا، إذا حسن التدبر.