علمت «الشروق» أن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى إلى العاصمة السورية تكتنفها الغموض فى ضوء عدم تحديد دمشق موعدا لها حتى مثول الجريدة للطبع، وترهنها بموافقة القيادة السورية، بعد أن غادر مندوب سوريا الدائم لدى الجامعة يوسف أحمد أمس إلى بلاده لإطلاع القيادة على نتائج اجتماع وزراء الخارجية الاستثنائى، وتحديد موعد للعربى. ورأى مصدر دبلوماسى عربى فى تصريح ل«الشروق» أن «مناقشة الأزمة السورية على مائدة اجتماع وزراء الخارجية (مساء أمس الأول)، وبموافقة ومشاركة مندوب سوريا فى الجامعة، تعد خطوة متقدمة فى نظام العمل العربى»، معتبرا أن «محاولات حل الأزمة فى الإطار العربى هى بمثابة الفرصة الأخيرة عربيا لمساعدة نظام الرئيس السورى بشار الأسد وإنقاذ الشعب قبل فوات الأوان». المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه، كشف عن كواليس الاجتماع، قائلا: إن مناقشة الوزراء لبنود المبادرة العربية لحل الأزمة السورية استغرقت أربع ساعات حاول خلالها مندوب سوريا إبداء ملاحظات عليها. وأوضح أنه «كان هناك إصرار عربى على مبادرة مكتوبة وليس مجرد أفكار لحل الأزمة، وهو ما رفضه الجانب السورى، وأدى إلى التراجع عن اقتراح ذهاب لجنة عربية إلى دمشق». وقد فند يوسف أحمد بنود المبادرة الأربعة عشر، واعتبر أنها تحتاج إلى وقت، خاصة ما يتعلق بالإصلاحات الدستورية والتشريعية، رافضا، وفقا للمصدر، ذهاب اللجنة العربية، التى اقترحها المجلس، وتضم مصر والأردن وقطر وسلطنة عمان وتونس، إلى دمشق بإملاءات. وهو ما دفع المجتمعين إلى التراجع عن إرسال اللجنة والاكتفاء برسالة من وزراء الخارجية يحملها العربى إلى القيادة السورية. وقد أعرب الوزراء العرب عن أسفهم لإراقة الدماء فى سوريا، متجنبين أى إدانة للنظام السورى، فيما اعتبر عدد من الوزراء ما يجرى تدخلا فى الشئون الداخلية لسوريا، وأبرزهم وزير الخارجية على كرتى الذى خرج مبكرا من الاجتماع. بينما رأى وزراء لبنان والجزائر أن المبادرة العربية ما هى إلا مبادرة خليجية، مشددين على أنهم لم يشاركوا فى إعدادها. وبحسب مصادر فى الجامعة فإن أمينها العام سيجرى اتصالات عربية مكثفة، تمهيدا للقاء قريب مع الأسد، وسيتشاور حول عدة نقاط أهمها، وفقا للمصادر: وقف نزيف الدم السورى فورا، وانسحاب الجيش من المدن والعودة إلى ثكناته فورا، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإعلان مبادئ الإصلاحات السياسية، وإجراء انتخابات رئاسية فى 2014 بعد انتهاء مدة رئاسة الأسد الحالية، وفصل الجيش عن الحياة السياسية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها شخصية توافقية. ورأى معارضون سورين فى تصريحات ل»الشروق» أن «هذه النقاط لا تتناسب مع وحشية القمع الحالى فى سوريا»، معتبرين أنها «ربما كانت لتناسب الأوضاع قبل عدة أشهر.. وليس الآن». فيما شددت مصادر عربية مطلعة على أن «هذه النقاط وأكثر منها تحدث حولها الأمين العام مع الأسد خلال لقائهما فى دمشق الشهر الماضى، لكن لم يكن بوسع العربى إطلاع الإعلام على كل ما دار بينهما». وكان العربى قد تعرض لانتقادات جراء تصريحات عقب اللقاء قال فيها إنه ليس بوسع أى جهة خارجية سحب شرعية نظام عربى، ما اعتبره البعض دفاعا عن نظام الأسد الذى قتل أكثر من ألفى مدنى منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإنهاء حكمه منتصف مارس الماضى.