ضبط قائد سيارة قاد برعونة على المحور بالجيزة    أسعار الذهب اليوم.. الجنيه الذهب يرتفع إلى 36920 جنيهًا    محافظ الإسماعيلية يستقبل سفير الهند ويتفقدان مصنعا بالمنطقة الحرة الاستثمارية    تتبقى 3 أيام.. «الضرائب» تعلن موعد انتهاء مهلة الاستفادة من التسهيلات الضريبية المقررة    مباحثات مصرية - تركية موسعة في العلمين    شهداء وجرحى بين عناصر الجيش اللبنانى فى انفجار ذخائر من مخلفات إسرائيلية    رغم الغضب الدولى ضد إسرائيل.. قوات الاحتلال تواصل قتل الفلسطينيين فى غزة.. عدد الضحايا يقترب من 62 ألف شخصا والمصابين نحو 153 ألف آخرين.. سوء التغذية والمجاعة تحاصر أطفال القطاع وتحصد أرواح 212 شهيدا    أون سبورت تنقل مواجهة مصر واليابان في مونديال كرة اليد تحت 19 عامًا    لمدة 8 أيام.. فتح باب التقدم لكليات وبرامج جامعة المنيا الأهلية    ضبط 75 مخالفة تموينية فى حملة على الأسواق بقنا    مصرع عجوز أثناء عبوره الطريق الزراعي بالقليوبية    التهم محتوياته بالكامل.. السيطرة على حريق «محل زيوت» في الإسكندرية (صور)    مصرع شابين غرقا فى نهر النيل بأطفيح والصف    متحف كفر الشيخ يعقد محاضرات لتنمية مهارات اللغة الإنجليزية لذوى الهمم    وزيرا قطاع الأعمال العام والمالية يبحثان تعزيز التعاون في عدد من الملفات المشتركة    نيوكاسل يرفض رحيل إيزاك إلى ليفربول    ترخيص أكثر من 53 ألف مركبة داخل وحدات المرور.. تفاصيل    أخبار الطقس في الإمارات.. صحو إلى غائم جزئي مع أمطار محتملة شرقًا وجنوبًا    "إكسترا نيوز" تذيع مقطعًا مصورًا لوقفة تضامنية في نيويورك دعمًا للموقف المصري الإنساني تجاه غزة    اليوم.. عزاء الفنان الراحل سيد صادق في مسجد الشرطة بالشيخ زايد    من الميلاتونين إلى الأشواجاندا.. هل تساعد المكملات على محاربة الأرق؟    رسميًا.. مانشستر يونايتد يضم سيسكو    بالمواعيد والأماكن.. تعرف على أنشطة وبرامج مراكز الشباب حتى منتصف أغسطس في الجيزة    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    الري: 32 مليون متر مكعب سعة تخزينية لحماية نويبع من السيول    موعد انطلاق الدعاية الانتخابية في انتخابات "الشيوخ" بجولة الإعادة    10 وظائف قيادية.. لجنة جامعة بنها تستقبل المتقدمين لشغل الوظائف القيادية    حماس تحذّر إسرائيل في بيان من أن احتلال مدينة غزة "ستكلفها أثمانًا باهظة"    السيطرة عليه.. آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    65 لجنة.. وكيل وزارة التعليم بأسيوط يترأس غرفة عمليات امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية    مصرع مزارع بطلق ناري أثناء فض مشاجرة بين أبناء عمومته في قنا    سلطنة عُمان ترفض القرار الإسرائيلي بتكريس "احتلال" قطاع غزّة    بعد توقف مؤقت.. عودة خدمات تطبيق «إنستاباي» للعمل    تفاصيل حفل تامر عاشور بمهرجان العلمين    في اليوم العالمي لمحبي الكتب.. «الثقافة» تطلق المرحلة الثانية من مبادرة «المليون كتاب»    بحضور صفاء أبوالسعود.. تعرف على موعد افتتاح ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    4 أبراج محظوظة خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    تمويلات خارجية وتقنيات متطورة.. خطة الإخوان لغزو العقول بالسوشيال ميديا.. الفوضى المعلوماتية السلاح الأخطر.. ربيع: مصانع للكراهية وتزييف الوعى..النجار: ميليشيا "الجماعة" الرقمية أخطر أسلحة الفوضى    ما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به؟.. يسري جبر يجيب    زوجة أكرم توفيق توجه رسالة رومانسية للاعب    أحمد كريمة: أموال تيك توك والسوشيال ميديا حرام وكسب خبيث    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي وافتتاح 6 وحدات جديدة على مستوى الجمهورية    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية    موعد قرعة دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية والقنوات الناقلة    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية وتخطيط المرحلة الثانية    خلال استقباله وزير خارجية تركيا.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة.. التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكرى لغزة وضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين    افتتاح مونديال ناشئين اليد| وزير الرياضة يشكر الرئيس السيسي لرعايته للبطولة    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 9 أغسطس 2025    جامعة سيناء: الحد الادني 73% لطب الاسنان و 72% للعلاج الطبيعي 68% للصيدلة و64% للهندسة    براتب يصل ل9400 جنيه.. «العمل» تعلن 191 وظيفة في مجال الصيدلة    تعرف على موعد فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    «100 يوم صحة» قدمت 37 مليون خدمة طبية مجانية خلال 24 يوما    موعد مباراة مصر واليابان فى بطولة العالم لناشئي كرة اليد    أزمة سياسية وأمنية فى إسرائيل حول قرار احتلال غزة.. تعرف على التفاصيل    وزير الزراعة يتفقد أعمال التطوير بمحطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة    علي معلول: جاءتني عروض من أوروبا قبل الأهلي ولم أنقطع عن متابعة الصفاقسي    متي يظهر المسيخ الدجال؟.. عالم أزهري يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حارة الروم .. «هوا حلو وعيشة مرة» (1 2)
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 08 - 2011

«يعنى أقدم حارة فى الدرب الأحمر شوارعها ولا الزلط؟، بالله مش حرام ده يا ولاد؟».
ببطء، يتكئ عم محمود على عصاه، وقد أدى لتوه صلاة الجمعة فى مسجد الغورى.
يقع مسجد الغورى عند تلاقى شارعى المعز لدين الله والأزهر، بناه السلطان قنصوة الغورى.
وكان الغورى أحد مماليك الأشرف قايتباى، واستمر فى خدمته حتى أعتقه، وتقلد عدة وظائف، ثم تولى حكم مصر فى 1501 ميلادية، وكانت نهايته عام 1516، فى معركة مرج دابق، والتى نشبت بينه وبين السّلطان سليم العُثمانى.
وعلى عكس غيره من مساجد مصر القديمة، يبدو مسجد الغورى بلا قبة، فقد تم هدمها مرتين فى عهد الغورى نفسه، ثم أعيد بناؤها من الخشب عام 1881، لكنها لم تستقر، فتم هدمها مرة أخرى، وأقيم بدلا منها سقف خشبى ما زال قائما حتى الآن.
يرفع عم محمود نظارته سميكة العدسات عن عينيه، كما لو أنه يمعن النظر أسفل قدميه، لا عن امتلاء أرضية الشارع بالحصى والطوب، لكنه ما يلبث أن يستغفر ربه سريعا.
«كل سنة وإنت طيب يا أبومروة»، كلما مشى عم محمود خطوة أشار بيده موجها التحية لواحد من أصحاب المحال المتكدسة ما بين مسجد الغورى، ومحل عمله فى حارة الروم: «الهوا هنا حلو، بس العيشة يا حبة عينى مرة».
«حلاق سابق لا مؤاخذة، بعد ما الحكومة هدت الدكانة اللى حيلتى». بسخرية يعلق عم محمود على وصف جيرانه له بأنه «أقدم حلاق فى حارة الروم».
بيت قديم متهالك، بداخله عدة غرف مستقلة، وفى مدخله دكان منهار، امتلأ بالأنقاض: «هو ده دكانى بعد التعديل».
بأسى يضيف عم محمود: «عصابة مجلس الحى هدوه، من يومها الزعل ضيّع نظر عينى الشمال».
بانفعال، يشير عم محمود بيده ساردا ما حدث: «والله عملت اللى ما ينعمل عشان أحافظ على الدكانة، ده الظابط اللى جه معاه شوية عيال أشكالهم ترعب، شالنى من قدام عتبة المحل هيلة بيلة، وهدها».
من اتجاه سبيل محمد على، يظهر رجل يشير إليه عم محمود: «تعالى تعالى.. ما احنا فى الهوا سوا».
السبيل أنشأه والى مصر محمد على باشا صدقة على روح ولده إسماعيل، والذى توفى قى السودان عام 1822م، بواجهة رخامية محلاة بنقوش وكتابات جميلة، وكان فى الدور العلوى منه «كتاب» لتعليم القرآن الكريم والآداب، وكان يجتمع أسفله الفقراء والمساكين فى العهد الخديو، حتى كف عن ضخ الماء منذ نحو مائة عام.
بملامح جامدة وتجاعيد محفورة على وجه أشبه بمنحوتة حجرية، يأتى عم أحمد وفى يده الشبيه بوجه تمثال منحوت مقشة تآكلت خيوطها، يتحدث موجها الخطاب لصديقه: «فى مصيبة واللا إيه؟».
يربت عم محمود على كتف صديقه أحمد، ويقول: «عم أحمد ده عِشرة عمر، قصته نفس قصتى، بس هو مكوجى ونفس العصابة هدت دكانته فى غمضة عين».
مبتسما، ينظر عم أحمد لصديقه، سعيدا بحماسته فى الحديث عنه، ويحكى: «الثورة قامت من هنا، ولقيت بتوع الحى جايين معاهم أمر بهد دكانتى. قال إيه عشان البيت آيل للسقوط، وطبعا كل ده كذب، كل إلى بيجى يهد بيت هنا أو محل بيكون واكل فلوس قد كده، بس ده قبل الثورة».
لا تختلف قصة عم أحمد عن صديقه العجوز كثيرا، فقد حمل لقب مكوجى الحارة لأكثر من 50 عاما، لكنه قرر بعد هدم دكانه أن يستأجر غرفة صغيرة يضع فيها بعض لوازمه الأساسية من قطعة قماش جديدة والمكواة وبعض الشماعات البلاستيكية ليستمر فى عمله وكسب قوته، الذى يتراوح بين 6 و10 جنيهات فى اليوم.
«الأوضة دى عشان اشتغل فيها بس ولما بحب أريح، باطلع فى حوش البيت، أصل جوه مات واحد قبل كده وهو نايم، سلم البيت وقع عليه». بلهجة عفوية يحكى عم أحمد، مبررا عدم نومه فى حجرته التى يدفع لها مائتى جنيه إيجارا شهريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.