استشهاد 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لحظة وصول بعثة الأهلي مطار قرطاج استعدادا للعودة إلى مصر (فيديو)    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    رئيس «مصر العليا»: يجب مواجهة النمو المتزايد في الطلب على الطاقة الكهربائية    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    اسكواش - وأخيرا خضع اللقب.. نوران جوهر تتوج ببطولة العالم للسيدات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    حقيقة تعريض حياة المواطنين للخطر في موكب زفاف بالإسماعيلية    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    قفزة جديدة ب160 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024 بالصاغة (آخر تحديث)    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رغم تعمق الانقسام فى إسرائيل.. لماذا لم تسقط حكومة نتنياهو حتى الآن؟    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الهبوط والعصب الحائر.. جمال شعبان يتحدث عن الضغط المنخفض    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسنين هيكل يبحث عن ساعة (سقوط النظام): لماذا كانت ثورة يوليو 1952لازمة.. وكذلك ثورة يناير؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 08 - 2011


«لماذا كانت ثورة يوليو 1952 لازمة؟»...
سؤال طرحه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى كتابه «سقوط نظام»، فجاءت الإجابة فى 600 صفحة لتشكل «كتابا إنسانيا» فى المقام الأول، لا يختلف من يطالعه بأنه كتاب مفعم بالحيوية. وهذا ليس مستغربا، فكتب الأستاذ هيكل لا يختلف عليها اثنان فى قيمتها وجديتها، وإنما يجىء الاختلاف حول معلومة، أو رأى، أو شىء من هذا القبيل. لكن كتاب «سقوط نظام» يزيد فى «العظمة» على كتب هيكل الأخرى، لأنه اتكأ على نقطة مهمة، وهى الحكاية والقصص الإنسانية معتمدا على رأيه الذى قاله فى مقدمة الكتاب: «مرة أخرى فى قراءة التاريخ يتأكد لأى قارئ أن الصراعات الكبرى حضانة للتحولات الإنسانية الأهم، وأن الحروب باعتبارها الذروة الخطرة للصراعات هى الولادة الطبيعية للتحولات المؤثرة على حياة ومستقبل الشعوب والأمم».
تلك الجملة تعتبر تيمة كتاب «سقوط نظام»، الممتلئ بمعلومات فريدة ودقيقة، وهى معلومات لا تتصل بالأحداث السياسية المباشرة فقط، بل تتصل أيضا بالجوانب الإنسانية للشخصيات المختلفة التى كانت موجودة على مسرح الأحداث، وهذا هو ما يعطى للكتاب قيمته كمرجع تاريخى وقصة إنسانية فاتنة فى وقت واحد، كما قال عنه الراحل الكبير رجاء النقاش.
ويزيد من أهمية الكتاب، ما شهدته مصر منذ 25 يناير الماضى من ثورة حقيقية، تفوق فى الروعة والعظمة، كل ثورات وانتفاضات مصر، لأنها أسقطت بحق نظاما فاشلا غاشما، كان الفساد تيمته الرئيسية، والذى أصبح من كبرى المؤسسات، أقوى من مؤسسة الرئاسة نفسها. ولعل قراءة «سقوط نظام» تستطيع بعد سقوط نظام مبارك، وكأنك تقرأ الكتاب متسائلا بعد شرود: هل يقصد هيكل نظام «الملك» فاروق أم نظام «الرئيس» مبارك؟!!. وعن هذا، قال هيكل: «لا يكاد يختلف أحد على أن حياة الأمة فى النصف الثانى من القرن العشرين، وحتى مطالع القرن الحادى والعشرين كانت وظلت موصولة به على نحو أو آخر».
قبل الدخول فى عالم الكتاب نقتطف مبرر هيكل فى طرح سؤاله حول لزوم ثورة يوليو، والذى نطرحه جميعا منذ السنة الأولى للثورة وحتى الآن، حيث قال: «السؤال مطروح وهو بعد ذلك مشروع مثل كل سؤال عن الشأن العام. والجواب محاولة فى قراءة التاريخ القريب هدفه الأساسى أن تساهم فى عملية ضرورية لتنبيه الوعى المصرى والعربى من شوائب وظلال تتقصد أن تغطى على المستقبل حتى يرتبك وتتعثر خطاه ويتملكه شك يغلب اليقين فى عقله وضميره!.
وبعد ذلك فإن هذا الجواب أى هذا الكتاب موجه بالدرجة الأولى إلى أجيال لم تكن هناك تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر».
وأضاف: «وعندما جلست لأكتب كان واضحا لى بينى وبين نفسى أن هدفى من الكتابة الآن، ليس أن أقر حقا أو أمحو باطلا، فذلك دور قديسين وليس دور صحفيين، كما أن هدفى ليس أن أدافع عن أحد أو أدين غيره، لأن ذلك مطلب تأخر وقته سياسيا وإن لم ينته حقه تاريخيا: من ناحية لأن الرجال الذين كان يمكن إنصافهم أو إدانتهم لم يعودوا على قيد الحياة بحيث يلحق بأيهم ثواب أو عقاب، ومن ناحية أخرى لأن الحقيقة عليها الانتظار حتى تنجلى الغُمة عن ذاكرة الأمة، فالقوى التى تهيمن على الأرض ومواردها، وعلى الاقتصاد وآلياته، وعلى القرار وسلطته، كان لابد أن تمد سيطرتها فى نفس الوقت إلى الذاكرة، لأنها مجمع الحكمة ومستودع الضمير، وهناك تكمن إرادة الأمة».
استوقفتنى كلمة «أن هدفى من الكتابة الآن، ليس أن أقر حقا أو أمحو باطلا، فذلك دور قديسين وليس دور صحفيين»، فهى لب حكاية الكتاب وتيمته فى سرد حكايات أدت إلى سقوط النظام الملكى، وكشفت عن أسباب لزوم وضرورة قيام ثورة يوليو 1952، وحينما قرأتها تذكرت مقالا حول هيكل جاء فيه أن جريدة «النيويورك تايمز» فى العام 1971 قالت عنه: «إنه من الممكن أن يكون محمد حسنين هيكل أقوى صحفى فى العالم».
4 فبراير 1942 المسرح الخفى للثورة
بدأ هيكل كتابه الصادر عن دار الشروق بالحديث عن الانقلاب العسكرى الأول فى السياسة المصرية، موضحا أن حادث 4 فبراير هو المسرح الخفى ل23 يوليو، وفى طريقة للتعرف على أبطال ذلك المسرح الخفى أورد هيكل الحكاية مع نص إنذار السفير البريطانى فى مصر السير «مايلز لامبسون» الذى قال فيه: «إذا لم أعلم قبل الساعة السادسة من مساء اليوم أن مصطفى النحاس باشا دُعى إلى تأليف الوزارة، فإن الملك فاروق يتحمل تبعات ما يحدث».
وبحنكة صحفية وتأريخية عالية الجودة ألحق محمد حسنين هيكل موضوعه عن «الانقلاب العسكرى الأول» بحديث مطول عن السير «مايلز لامبسون» (والذى أصبح اسمه اللورد «كيلرن» فيما بعد عندما منح اللقب مكافأة على خدماته للإمبراطورية، واختار أن ينتسب إلى المقاطعة الإسكتلندية التى جاءت منها عائلته)، ليوضح للقارئ كيف أن هذا السير كان هو الحاكم الفعلى لمصر، وهو شخصية إمبراطورية فى شكله ومظهره أيضا، فهو طويل القامة بشكل لافت «193 سنتيمترا»، ضخم البنيان، مغرم بقراءة التاريخ، ويملك موهبة فى الكتابة مدهشة إلى درجة أن يومياته الشخصية التى سجلها على امتداد مدة خدمته زادت على 2 مليون كلمة.
ورغم بيان قوة السير البريطانى، إلا أن محمد حسنين هيكل لم يغفل حق الملك فاروق حيث قال عنه: «كان الملك فاروق حين اعتلى عرش مصر 1937، صبيا جميلا، مشرقا كالصباح الندى. وبعد غياب الملك فؤاد بملامحه العابسة، وشاربه المعقوف، وإصراره العنيد على فرض إرادته فوق الشعب وضد الدستور فإن ابنه ظهر أمام الشعب المصرى شابا مهيأ لملاقاة تغييرات ضرورية جاء وقتها وطال انتظارها».
كما أوضح هيكل أسباب الأفق الواسع أمام فاروق فى ذلك الوقت، منها أن العلاقات المصرية البريطانية «وهى مفتاح الاستقرار فى مصر أيامها» أمكن ترتيبها على نحو معقول بمعاهدة 1936، فضلا عن أن النخب المثقفة فى مصر تحلقت ملتفة حول القصر، كما أن الأزهر بالتقليد ملكيا، وزاد من النفوذ الملكى فيه بشخصية رجل على رأسه مثل الشيخ محمد مصطفى المراغى.
ولكن يقرر هيكل فى النهاية أنه برغم الآفاق المفتوحة للملك فإن الفتنة كانت على وشك أن تتحرك، ولم تكن تلك خطيئة أحد، وإنما حكم حقائق تبحث لنفسها عن صيغة مختلفة فى واقع متغير أو يبدو متغيرا». ومن تلك الفتن دخول الشك البريطانى فى الملك، خاصة وأن بريطانيا كانت تقف وحدها فى ميدان القتال ضد «هتلر»، ووقتها رأى الساسة الملتفون حول فاروق أن «الشيطان البريطانى» الذى يعرفونه أفضل من «الشيطان الإيطالى أو الألمانى» الذى يدخل بلدهم بقوة السلاح فى حرب عالمية.
هروب ملك
بعد ذلك بقليل ظهرت مجموعة من الإشارات، أوردها هيكل، تومئ إلى ما يبدو أنها قنوات اتصال بين القصر الملكى وبين دول المحور «ألمانيا وإيطاليا»، ومن هنا ظهرت أيضا احتمالات هرب الملك فاروق وفقا للوثائق البريطانية.
وتشاور الملك فاروق مع والدته الملكة نازلى التى رأت بعد الرجوع إلى الأمين الأول للعائلة أحمد حسنين باشا، أن الأفضل أن يظل فاروق بقيمته فى بلده وينتظر التطورات، وإذا دخل الطليان أوالألمان إلى مصر فإنهم سوف يكونون فى حاجة إلى تعاونه معهم أكثر من حاجته هو إلى تعاونهم معه. كما رأت الملكة نازلى إنه إذا هرب الملك فقد يقدم الإنجليز على إعلان خلو العرش ويجدون من أسرته خصوصا ولى عهده الأمير محمد على توفيق من يقبل الجلوس على العرش مكانه. وشددت الملكة نازلى على أن الملك فاروق هو أول من يعرف أنهم ما زالوا حتى الآن يعتقدون أن فرع الملك فؤاد اغتصب التاج من فرع عباس حلمى، وإذا حدث وهرب فاروق ثم دخل الطليان أو الألمان إلى البلد، فليس هناك من يضمن أنهم لن يتعاملوا مع الرجل الذى يجلس على العرش، بدلا من الرجل الذى هرب إليهم.
وعن آراء نازلى السابقة وحنكتها السياسية، قال هيكل: «كان واضحا أن هذه الحجج تتخطى الإدراك السياسى للملكة الأم، ولذلك تبدى كلامها درسا مستجدا لقّنه لها كاردينال القصر، وصاحب النفوذ الرمادى فيه أحمد حسنين باشا، وقد أضافت الملكة نازلى بعد ذلك وهى تشرح لابنها ملاحظة من عندها على الأرجح هى قولها: إنها لا تريد للعائلة المالكة فى مصر أن تفعل ما تفعله أى فلاحة فى الريف ترفع جلبابها كى تغطى رأسها، وهى حين تفعل ذلك تكشف ساقيها وربما أكثر». وأضاف هيكل: «وقد سمعت بنفسى هذا التعبير بدون مساحيق ومن الملكة نازلى وبصوتها على التليفون».
خلاصة المسرحية
بعد عرضه لحادث 4 فبراير، لخص هيكل تلك المسرحية بقوله: «كانت الخلاصة التى توصل إليها فاروق والذى أراد الانتقام، فلبس شخصية الكونت دى مونت كريستو أمير الانتقام فى قصة «ألكسندر دوما» وعبرة تجربته أنه أهين فى قصره واعتدى عليه كملك، وكرجل، والخلاصة التى توصل إليها مصطفى النحاس وعبرة تجربته أن التوجس التقليدى بين القصر والوفد أصبح الآن على المكشوف. وفى المبتدأ والمنتهى فهو لا يستطيع ممارسة سياسته إلا إذا تأكد أن الإنجليز لن يخذلوه. والخلاصة التى وصل إليها لامبسون وعبر تجربته أن ما وقع مساء 4 فبراير يصعب تكراره، فليس ممكنا كل يوم أو كل أزمة أن تقوم الدبابات البريطانية بحصار قصر عابدين لكى تفرض على ملك مصر وزارة. ومع أنه بمشاعره مع رئيس الوزراء الذى فرضه بالقوة المسلحة على الملك، فإنه لا يحق له نسيان أن الملك ما زال جالسا على العرش، وأكثر من ذلك فإن هذا الملك الجالس على العرش مجروح فى كرامته وكبريائه وحتى شبابه!.
وهو مهما كان نفوره من «الولد كما كان يسمى ملك مصر، والذى كان بدوره يسميه «جاموس باشا» ليس حرا فى نسيان أنه ممثل إمبراطورية تخوض حربا هى بالنسبة لها مسألة موت أو حياة!».
ملك تحت الحصار
وفى سبيل سقوط النظام الملكى ولزوم قيام ثورة يوليو أشار هيكل إلى ديسمبر 1948 وكأنه يريد أن ينبه القارئ إلى أهمية ذلك التاريخ فهو كما قال: «إذا كان يمكن وصف يوم أو أسبوع أو شهر فى حياة أمة بأنه كان علامة فارقة فى تاريخها، فإن شهر ديسمبر 1948 هو ذلك الشهر فى حياة مصر الحديثة قبل ثورة يوليو 1952، ففى ذلك الشهر انتقل التأثير الدولى الأهم على القرار المصرى من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة، أى من الإمبراطورية البريطانية التى شاخت وخفت صوتها إلى الإمبراطورية الأمريكية النازلة على الدنيا كما تنزل الطائرات على مهابطها، ومحركاتها تزعق، وسرعتها تصرخ رغم أن كوابحها تعمل، ثم إن عجلاتها تلامس الأرض كأنه احتكاك نارى بغير شرر».
فى ذلك الشهر بدا القصر الملكى مغلقا على نفسه، وفى ذلك الشهر بالتحديد كان رهان الملك فى فلسطين يخسر وجيشه يحاصر وزوجته فريدة تتسلم ورقة طلاقها، وكذلك شقيقته فوزية وأمه تعلن العصيان عليه.
آخر مظاهر الملكية
وفى آخر مظهر للملكية فى مصر وبعد سقوطها، يورد هيكل فقرة: «اتصل الأمير محمد على (عم الملك فاروق الذى كان ولى عهده قبل أن تنتقل ولاية العهد إلى ابن الملك فاروق) بمكتب وزير الخارجية وعزز اتصاله كتابة بتبليغ أكد فيه: «إنه من ابتداء من الآن فصاعدا يعتبر نفسه المسئول عن حقوق الأسرة المالكة فى مصر، وأن قرارها فى الشأن المصرى ابتداء من الآن فى يده وحده».
وبالطبع كانت هذه الرسالة تحتاج تعليقا من محمد حسنين هيكل الذى ختم كتابه قائلا: «ولم يدرك الأمير محمد على أن ما فى يده كان قبضة رماد من بقايا حريق، وأن القرار فى الشأن المصرى لم يعد لأسرة محمد على لأن صفحة من التاريخ المصرى طويت، وصفحة أخرى بدأت، ومعها زمان مختلف!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.