رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    محافظ المنوفية يفتتح توسعات مدرسة تتا وغمرين الإعدادية بنحو 7 ملايين جنيه    القوات المسلحة تنظم لقاء تعريفيا لمبادرة معهد تكنولوجيا المعلومات لتدريب المجندين    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة "كلنا واحد"    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 184 ألف شهيد وجريح    زيلينسكي يزور فيينا للمرة الأولى منذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية    لاعب بالميراس قبل لقاء الأهلي: لن نتهاون وهدفنا الانتصار    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    وزير الإسكان: ملتزمون بتذليل العقبات أمام المطورين والمستثمرين    أرق الصيف.. كيف تحمي نفسك منه؟    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    اليوم.. محاكمة 29 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية فى المقطم    في أول زيارة لماسبيرو.. "المسلماني" يستقبل هدى نجيب محفوظ قبل افتتاح استديو نجيب محفوظ    بعد أزمة تواجدها في العراق.. إلهام شاهين: أخيرا هنرجع مصر    قصر ثقافة أبو سمبل يشهد انطلاق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف ودعم الموهوبين    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    الصحة: إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال عام    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    انخفاض الطماطم.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    حالة الطقس اليوم في الكويت    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    انقطاع خدمات الاتصالات في جنوب ووسط قطاع غزة    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    تضرر شبكة الكهرباء فى وسط إسرائيل بسبب الضربات الإيرانية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس: كنا أفضل من بورتو بكثير.. وعلينا تحليل الأمر قبل مباراة الأهلي    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    «إمام عاشور صفر وحمدي فتحي 1».. تقييم مفاجئ من رضا عبدالعال للاعبي الأهلي    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة عن توقيع عقوبة على تريزيجيه    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسنين هيكل يبحث عن ساعة (سقوط النظام): لماذا كانت ثورة يوليو 1952لازمة.. وكذلك ثورة يناير؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 08 - 2011


«لماذا كانت ثورة يوليو 1952 لازمة؟»...
سؤال طرحه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى كتابه «سقوط نظام»، فجاءت الإجابة فى 600 صفحة لتشكل «كتابا إنسانيا» فى المقام الأول، لا يختلف من يطالعه بأنه كتاب مفعم بالحيوية. وهذا ليس مستغربا، فكتب الأستاذ هيكل لا يختلف عليها اثنان فى قيمتها وجديتها، وإنما يجىء الاختلاف حول معلومة، أو رأى، أو شىء من هذا القبيل. لكن كتاب «سقوط نظام» يزيد فى «العظمة» على كتب هيكل الأخرى، لأنه اتكأ على نقطة مهمة، وهى الحكاية والقصص الإنسانية معتمدا على رأيه الذى قاله فى مقدمة الكتاب: «مرة أخرى فى قراءة التاريخ يتأكد لأى قارئ أن الصراعات الكبرى حضانة للتحولات الإنسانية الأهم، وأن الحروب باعتبارها الذروة الخطرة للصراعات هى الولادة الطبيعية للتحولات المؤثرة على حياة ومستقبل الشعوب والأمم».
تلك الجملة تعتبر تيمة كتاب «سقوط نظام»، الممتلئ بمعلومات فريدة ودقيقة، وهى معلومات لا تتصل بالأحداث السياسية المباشرة فقط، بل تتصل أيضا بالجوانب الإنسانية للشخصيات المختلفة التى كانت موجودة على مسرح الأحداث، وهذا هو ما يعطى للكتاب قيمته كمرجع تاريخى وقصة إنسانية فاتنة فى وقت واحد، كما قال عنه الراحل الكبير رجاء النقاش.
ويزيد من أهمية الكتاب، ما شهدته مصر منذ 25 يناير الماضى من ثورة حقيقية، تفوق فى الروعة والعظمة، كل ثورات وانتفاضات مصر، لأنها أسقطت بحق نظاما فاشلا غاشما، كان الفساد تيمته الرئيسية، والذى أصبح من كبرى المؤسسات، أقوى من مؤسسة الرئاسة نفسها. ولعل قراءة «سقوط نظام» تستطيع بعد سقوط نظام مبارك، وكأنك تقرأ الكتاب متسائلا بعد شرود: هل يقصد هيكل نظام «الملك» فاروق أم نظام «الرئيس» مبارك؟!!. وعن هذا، قال هيكل: «لا يكاد يختلف أحد على أن حياة الأمة فى النصف الثانى من القرن العشرين، وحتى مطالع القرن الحادى والعشرين كانت وظلت موصولة به على نحو أو آخر».
قبل الدخول فى عالم الكتاب نقتطف مبرر هيكل فى طرح سؤاله حول لزوم ثورة يوليو، والذى نطرحه جميعا منذ السنة الأولى للثورة وحتى الآن، حيث قال: «السؤال مطروح وهو بعد ذلك مشروع مثل كل سؤال عن الشأن العام. والجواب محاولة فى قراءة التاريخ القريب هدفه الأساسى أن تساهم فى عملية ضرورية لتنبيه الوعى المصرى والعربى من شوائب وظلال تتقصد أن تغطى على المستقبل حتى يرتبك وتتعثر خطاه ويتملكه شك يغلب اليقين فى عقله وضميره!.
وبعد ذلك فإن هذا الجواب أى هذا الكتاب موجه بالدرجة الأولى إلى أجيال لم تكن هناك تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر».
وأضاف: «وعندما جلست لأكتب كان واضحا لى بينى وبين نفسى أن هدفى من الكتابة الآن، ليس أن أقر حقا أو أمحو باطلا، فذلك دور قديسين وليس دور صحفيين، كما أن هدفى ليس أن أدافع عن أحد أو أدين غيره، لأن ذلك مطلب تأخر وقته سياسيا وإن لم ينته حقه تاريخيا: من ناحية لأن الرجال الذين كان يمكن إنصافهم أو إدانتهم لم يعودوا على قيد الحياة بحيث يلحق بأيهم ثواب أو عقاب، ومن ناحية أخرى لأن الحقيقة عليها الانتظار حتى تنجلى الغُمة عن ذاكرة الأمة، فالقوى التى تهيمن على الأرض ومواردها، وعلى الاقتصاد وآلياته، وعلى القرار وسلطته، كان لابد أن تمد سيطرتها فى نفس الوقت إلى الذاكرة، لأنها مجمع الحكمة ومستودع الضمير، وهناك تكمن إرادة الأمة».
استوقفتنى كلمة «أن هدفى من الكتابة الآن، ليس أن أقر حقا أو أمحو باطلا، فذلك دور قديسين وليس دور صحفيين»، فهى لب حكاية الكتاب وتيمته فى سرد حكايات أدت إلى سقوط النظام الملكى، وكشفت عن أسباب لزوم وضرورة قيام ثورة يوليو 1952، وحينما قرأتها تذكرت مقالا حول هيكل جاء فيه أن جريدة «النيويورك تايمز» فى العام 1971 قالت عنه: «إنه من الممكن أن يكون محمد حسنين هيكل أقوى صحفى فى العالم».
4 فبراير 1942 المسرح الخفى للثورة
بدأ هيكل كتابه الصادر عن دار الشروق بالحديث عن الانقلاب العسكرى الأول فى السياسة المصرية، موضحا أن حادث 4 فبراير هو المسرح الخفى ل23 يوليو، وفى طريقة للتعرف على أبطال ذلك المسرح الخفى أورد هيكل الحكاية مع نص إنذار السفير البريطانى فى مصر السير «مايلز لامبسون» الذى قال فيه: «إذا لم أعلم قبل الساعة السادسة من مساء اليوم أن مصطفى النحاس باشا دُعى إلى تأليف الوزارة، فإن الملك فاروق يتحمل تبعات ما يحدث».
وبحنكة صحفية وتأريخية عالية الجودة ألحق محمد حسنين هيكل موضوعه عن «الانقلاب العسكرى الأول» بحديث مطول عن السير «مايلز لامبسون» (والذى أصبح اسمه اللورد «كيلرن» فيما بعد عندما منح اللقب مكافأة على خدماته للإمبراطورية، واختار أن ينتسب إلى المقاطعة الإسكتلندية التى جاءت منها عائلته)، ليوضح للقارئ كيف أن هذا السير كان هو الحاكم الفعلى لمصر، وهو شخصية إمبراطورية فى شكله ومظهره أيضا، فهو طويل القامة بشكل لافت «193 سنتيمترا»، ضخم البنيان، مغرم بقراءة التاريخ، ويملك موهبة فى الكتابة مدهشة إلى درجة أن يومياته الشخصية التى سجلها على امتداد مدة خدمته زادت على 2 مليون كلمة.
ورغم بيان قوة السير البريطانى، إلا أن محمد حسنين هيكل لم يغفل حق الملك فاروق حيث قال عنه: «كان الملك فاروق حين اعتلى عرش مصر 1937، صبيا جميلا، مشرقا كالصباح الندى. وبعد غياب الملك فؤاد بملامحه العابسة، وشاربه المعقوف، وإصراره العنيد على فرض إرادته فوق الشعب وضد الدستور فإن ابنه ظهر أمام الشعب المصرى شابا مهيأ لملاقاة تغييرات ضرورية جاء وقتها وطال انتظارها».
كما أوضح هيكل أسباب الأفق الواسع أمام فاروق فى ذلك الوقت، منها أن العلاقات المصرية البريطانية «وهى مفتاح الاستقرار فى مصر أيامها» أمكن ترتيبها على نحو معقول بمعاهدة 1936، فضلا عن أن النخب المثقفة فى مصر تحلقت ملتفة حول القصر، كما أن الأزهر بالتقليد ملكيا، وزاد من النفوذ الملكى فيه بشخصية رجل على رأسه مثل الشيخ محمد مصطفى المراغى.
ولكن يقرر هيكل فى النهاية أنه برغم الآفاق المفتوحة للملك فإن الفتنة كانت على وشك أن تتحرك، ولم تكن تلك خطيئة أحد، وإنما حكم حقائق تبحث لنفسها عن صيغة مختلفة فى واقع متغير أو يبدو متغيرا». ومن تلك الفتن دخول الشك البريطانى فى الملك، خاصة وأن بريطانيا كانت تقف وحدها فى ميدان القتال ضد «هتلر»، ووقتها رأى الساسة الملتفون حول فاروق أن «الشيطان البريطانى» الذى يعرفونه أفضل من «الشيطان الإيطالى أو الألمانى» الذى يدخل بلدهم بقوة السلاح فى حرب عالمية.
هروب ملك
بعد ذلك بقليل ظهرت مجموعة من الإشارات، أوردها هيكل، تومئ إلى ما يبدو أنها قنوات اتصال بين القصر الملكى وبين دول المحور «ألمانيا وإيطاليا»، ومن هنا ظهرت أيضا احتمالات هرب الملك فاروق وفقا للوثائق البريطانية.
وتشاور الملك فاروق مع والدته الملكة نازلى التى رأت بعد الرجوع إلى الأمين الأول للعائلة أحمد حسنين باشا، أن الأفضل أن يظل فاروق بقيمته فى بلده وينتظر التطورات، وإذا دخل الطليان أوالألمان إلى مصر فإنهم سوف يكونون فى حاجة إلى تعاونه معهم أكثر من حاجته هو إلى تعاونهم معه. كما رأت الملكة نازلى إنه إذا هرب الملك فقد يقدم الإنجليز على إعلان خلو العرش ويجدون من أسرته خصوصا ولى عهده الأمير محمد على توفيق من يقبل الجلوس على العرش مكانه. وشددت الملكة نازلى على أن الملك فاروق هو أول من يعرف أنهم ما زالوا حتى الآن يعتقدون أن فرع الملك فؤاد اغتصب التاج من فرع عباس حلمى، وإذا حدث وهرب فاروق ثم دخل الطليان أو الألمان إلى البلد، فليس هناك من يضمن أنهم لن يتعاملوا مع الرجل الذى يجلس على العرش، بدلا من الرجل الذى هرب إليهم.
وعن آراء نازلى السابقة وحنكتها السياسية، قال هيكل: «كان واضحا أن هذه الحجج تتخطى الإدراك السياسى للملكة الأم، ولذلك تبدى كلامها درسا مستجدا لقّنه لها كاردينال القصر، وصاحب النفوذ الرمادى فيه أحمد حسنين باشا، وقد أضافت الملكة نازلى بعد ذلك وهى تشرح لابنها ملاحظة من عندها على الأرجح هى قولها: إنها لا تريد للعائلة المالكة فى مصر أن تفعل ما تفعله أى فلاحة فى الريف ترفع جلبابها كى تغطى رأسها، وهى حين تفعل ذلك تكشف ساقيها وربما أكثر». وأضاف هيكل: «وقد سمعت بنفسى هذا التعبير بدون مساحيق ومن الملكة نازلى وبصوتها على التليفون».
خلاصة المسرحية
بعد عرضه لحادث 4 فبراير، لخص هيكل تلك المسرحية بقوله: «كانت الخلاصة التى توصل إليها فاروق والذى أراد الانتقام، فلبس شخصية الكونت دى مونت كريستو أمير الانتقام فى قصة «ألكسندر دوما» وعبرة تجربته أنه أهين فى قصره واعتدى عليه كملك، وكرجل، والخلاصة التى توصل إليها مصطفى النحاس وعبرة تجربته أن التوجس التقليدى بين القصر والوفد أصبح الآن على المكشوف. وفى المبتدأ والمنتهى فهو لا يستطيع ممارسة سياسته إلا إذا تأكد أن الإنجليز لن يخذلوه. والخلاصة التى وصل إليها لامبسون وعبر تجربته أن ما وقع مساء 4 فبراير يصعب تكراره، فليس ممكنا كل يوم أو كل أزمة أن تقوم الدبابات البريطانية بحصار قصر عابدين لكى تفرض على ملك مصر وزارة. ومع أنه بمشاعره مع رئيس الوزراء الذى فرضه بالقوة المسلحة على الملك، فإنه لا يحق له نسيان أن الملك ما زال جالسا على العرش، وأكثر من ذلك فإن هذا الملك الجالس على العرش مجروح فى كرامته وكبريائه وحتى شبابه!.
وهو مهما كان نفوره من «الولد كما كان يسمى ملك مصر، والذى كان بدوره يسميه «جاموس باشا» ليس حرا فى نسيان أنه ممثل إمبراطورية تخوض حربا هى بالنسبة لها مسألة موت أو حياة!».
ملك تحت الحصار
وفى سبيل سقوط النظام الملكى ولزوم قيام ثورة يوليو أشار هيكل إلى ديسمبر 1948 وكأنه يريد أن ينبه القارئ إلى أهمية ذلك التاريخ فهو كما قال: «إذا كان يمكن وصف يوم أو أسبوع أو شهر فى حياة أمة بأنه كان علامة فارقة فى تاريخها، فإن شهر ديسمبر 1948 هو ذلك الشهر فى حياة مصر الحديثة قبل ثورة يوليو 1952، ففى ذلك الشهر انتقل التأثير الدولى الأهم على القرار المصرى من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة، أى من الإمبراطورية البريطانية التى شاخت وخفت صوتها إلى الإمبراطورية الأمريكية النازلة على الدنيا كما تنزل الطائرات على مهابطها، ومحركاتها تزعق، وسرعتها تصرخ رغم أن كوابحها تعمل، ثم إن عجلاتها تلامس الأرض كأنه احتكاك نارى بغير شرر».
فى ذلك الشهر بدا القصر الملكى مغلقا على نفسه، وفى ذلك الشهر بالتحديد كان رهان الملك فى فلسطين يخسر وجيشه يحاصر وزوجته فريدة تتسلم ورقة طلاقها، وكذلك شقيقته فوزية وأمه تعلن العصيان عليه.
آخر مظاهر الملكية
وفى آخر مظهر للملكية فى مصر وبعد سقوطها، يورد هيكل فقرة: «اتصل الأمير محمد على (عم الملك فاروق الذى كان ولى عهده قبل أن تنتقل ولاية العهد إلى ابن الملك فاروق) بمكتب وزير الخارجية وعزز اتصاله كتابة بتبليغ أكد فيه: «إنه من ابتداء من الآن فصاعدا يعتبر نفسه المسئول عن حقوق الأسرة المالكة فى مصر، وأن قرارها فى الشأن المصرى ابتداء من الآن فى يده وحده».
وبالطبع كانت هذه الرسالة تحتاج تعليقا من محمد حسنين هيكل الذى ختم كتابه قائلا: «ولم يدرك الأمير محمد على أن ما فى يده كان قبضة رماد من بقايا حريق، وأن القرار فى الشأن المصرى لم يعد لأسرة محمد على لأن صفحة من التاريخ المصرى طويت، وصفحة أخرى بدأت، ومعها زمان مختلف!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.