من ينقذ المستهلك المصرى من حصار بطاقات الائتمان الذهبية والفضية وذات الألوان الخضراء والصفراء والحمراء؟ لقد استدرج المواطن الى فخ الفيزا كارد والماستر كارد نتيجة إلحاح البنوك التى تسعى إلى تشغيل فائض السيولة لديها مستغلة حاجة البعض مقابل أسعار فائدة عالية ورسوم تمويل ضخمة وتوسعت هذه البنوك فى نشر بطاقاتها الائتمانية وخدمات التجزئة المصرفية على المؤسسات والهيئات والأفراد بمخاطبتهم بحيازة هذه البطاقات برسوم بسيطة وأحيانا دون ربط وديعة وهو الأمر الذى دعا المصريين إلى التهافت عليها. لقد تحولت البطاقة الائتمانية التى تعد وسيلة للترويج الاستهلاكى من نعمة الى نقمة على حائزيها نتيجة إساءة استخدامها لتتحول إلى وسيلة غير مباشرة للإقراض وكثيرا ما نجد الفرد الواحد حاملا لعدة بطاقات واحدة للشراء وأخرى للسحب النقدى ربما لسداد ديون أخرى خاصة لمحدودى الدخل الذين لا يكفيهم دخلهم الشهرى لتلبية حاجاتهم الأساسية لتكون النتيجة المنطقية التعثر وعدم القدرة على سداد الحد الأدنى فى الموعد المحدد من كل شهر. ويحمل العميل بفائدة مركبة تحتوى على أصل الدين والفوائد ونتيجة لتزايد المديونية يتوقف تماما عن السداد لذلك تنبه الرئيس الأمريكى أوباما لهذا الخطر فى ظل الأزمة العالمية الحالية مطلقا حملة على المصارف وشركات البطاقات الائتمانية وقد أصدر قانونا يضع قيودا مشددة على قدرة هذه الشركات على زيادة الرسوم أو رفع سعر الفائدة وذلك بهدف حماية المستهلكين من فرض رسوم غير متوقعة أو زيادة فى سعر الفائدة وجاء قرار أوباما استجابة للشكاوى المتصاعدة من مستخدمى البطاقات الائتمانية فى أمريكا بعد أن زادت تجارة التجزئة بسرعة أكبر من نمو الدخل وقد حذرت اتحادات المستهلكين من خطورة هذا الأمر مهددين باستخدام قوة القانون فى حالة عدم إقدام السلطات التنفيذية على استخدام السلطات الممنوحة لهم لحماية المستهلكين. وكان السؤال: أين نحن فى مصر مما فعله أوباما؟ وهل لدينا القدرة على أن نفعل مثله؟ يجيب الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى قائلا: أنا لا أمتلك إمكانات أوباما فى تحديد سعر الفائدة على بطاقات الائتمان فأمريكا دولة غنية بينما مصر فقيرة، مؤكدا دعمه للتوسع فى القروض الشخصية وقروض التجزئة لأنها تحرك السوق والاقتصاد لكنه انتقد مغالاة بعض البنوك فى رفع سعر الفائدة وفى فرض رسوم تمويل تصل إلى 36% على الكريديت كارد.. فيما أشار الى البنوك العامة التى لا تزيد فيها سعر الفائدة على 16% (البنك الأهلى) أو 20% ويشير المحافظ إلى حرية العميل فى الذهاب إلى البنك الذى يحقق له سعر فائدة أقل فى ظل سوق تنافسية ويقول العقدة إن القانون لا يحمى المغفلين، مشيرا إلى أن البعض يحمل بطاقة سقفها الائتمانى قد يصل إلى 100 ألف جنيه دون أن يطلع على شروط العقد ويعرف نسبة الفائدة والحقوق الخاصة به مشددا على أن المركزى يتدخل فى حالة مخالفة البنك لشروط العقد الموقع مضيفا أن اتحاد المصارف يقوم بحملات توعية للمواطنين لحمايتهم من مخاطر الائتمان. حجز على الأثاث يبدو أن حملات التوعية التى تحدث عنها محافظ البنك المركزى لا تؤتى ثمارها فالبنوك فى حالة بحث دائم عن عملاء جدد وهى تتنافس فى تقديم الإغراءات لجذب العملاء لتصل إلى حد توصيل البطاقة إلى المنزل دون قيود وكم من مكالمات هاتفية يتلقاها البعض من مندوبى بنوك خاصة وأجنبية تعرض خدماتها بأيسر الطرق وبتسهيلات فى البداية ثم يفاجأ المتعاملون بهذه البطاقات بشروط خفية لم يطلعوا عليها. سلوى محمد حصلت على بطاقة ائتمانية من أحد البنوك المتخصصة سقفها الائتمانى لا يزيد على 10 آلاف جنيه لم يشترط البنك أن يكون لها وديعة لكنها حصلت على البطاقة دون سعى منها بضمان النقابة التى تتبعها وبضمان زميل لها الذى حصل على بطاقة مماثلة بضمانتها تقول سلوى كنت شديدة الالتزام فى السداد فى المواعيد المحددة لكنى وقعت فى مصيدة هذه البطاقات نتيجة تعثر زميلى الذى قمت بضمانته الذى تراكمت عليه المديونية والفوائد لتصل قيمة مسحوباته «5000 جنيه» إلى 36 ألف جنيه خلال أربع سنوات فقط وتمت الإحالة إلى القضاء ليوقع علىّ أنا بصفتى الضامن حكم بالحجز على أثاث منزلى للوفاء بمديونية زميلى الذى سافر لبلد آخر. يقول اسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الأسبق ورئيس بنك مصر إيران إن هذه الحالات تتكرر كثيرا وأن بطاقات الائتمان تعد أحد مكونات السوق المصرفية والتجزئة المصرفية والقروض مهمة لأنها تنشط الطلب على المعروض من المنتجات وبالتالى تؤدى إلى زيادة النشاط لتمكين حائزى البطاقات من الإنفاق اعتمادا على الموارد المستقبلية للشخص وهى وسيلة لزيادة الطلب وقد أدت دورا مهما فى الاقتصادات المتطورة لكن فى مصر وبحسب اسماعيل حسن نلحظ تكالبا شديدا للحصول على عدد من البطاقات الائتمانية ويدعم من هذا السعى اتجاه البنوك بشدة لجذب العملاء لاقتناء هذه البطاقات وللأسف معظم البطاقات لا تستخدم لزيادة الطلب على المنتجات ولكن تستخدم كوسيلة للاقتراض بمعنى استخدامها للحصول على نقود لسداد مديونيات أخرى وفى سبيل ذلك لا ينظر الحائزون عليها على تكلفة حصولهم على هذا الائتمان ويتحملون فوائد مبالغ فيها سواء على ما تم سحبه أو ما لم يتم سداده فى موعده. والملاحظ أن الكثير من البنوك ترتاح لهذا الوضع نظرا لكبر حجم العائد وتقوم بتعيين موظفين لهذا الغرض بشرط الترويج لأكبر عدد من هذه البطاقات ويرى حسن أن هذا الأمر فى حاجة ماسة إلى تنظيم لحماية المستهلكين من حائزى هذه البطاقات سواء من خلال وضع الضوابط المناسبة لإصدار هذه البطاقات أو ضبط أسعار الفائدة التى تتقاضاها البنوك عن المديونية الناشئة عن هذه البطاقات ولا يجب المبادرة بالقول بأن تحرير سعر الفائدة هو السائد وأن المتقدم للحصول على بطاقة على علم مسبق بتكلفة التمويل حيث إنه فى كثير من الأحيان يتعين توعية الناس بهذه الأمور وتوجيههم ويتعين حمايتهم من أنفسهم وممن يستغلون حاجاتهم مشيرا إلى أن البنك المركزى مهتم بتلك القضية وربما بضع لها ضوابط مناسبة حتى لا نصل إلى الوضع الذى دفع أوباما إلى اتخاذ هذه الإجراءات مؤكدا أن البنوك سوف تدفع ثمن إغراءاتها عندما يغلق الباب أمام حائزى البطاقات موضحا أن البنك المركزى قام بوضع ضوابط لتكوين مخصصات للمديونية الناشئة عن هذه البطاقات درء لمخاطر هذا النوع من التمويل منتقدا وضع بعض البنوك فائدة على البطاقة العادية تصل إلى 18% بالإضافة إلى غرامة تأخير بنفس النسبة مشددا على ضرورة معالجة الأمر قبل أن يستفحل ويزداد ضرره على الاقتصاد المصرى مؤكدا أن هذه الإجراءات لا تعتبر تدخلا فى السوق بقدر وضع ضوابط لتحرير هذه السوق ويشير المحافظ السابق إلى أن بنك مصر إيران يضع ضوابط قوية على إصدار بطاقات الائتمان بوضع شرط الوديعة ولا تمنح على المكشوف إلا فى حدود ضيقة للغاية تتوافر فيها الضمانات الكافية. تفاوت واضح وحول دور جهاز حماية المستهلك فإنه يتلقى الشكاوى الخاصة ببطاقات الائتمان ويحولها للبنك المركزى للفصل فيها وكان الجهاز كشف فى دراسة له عن تفاوت ملموس فى أسعار الفائدة التى تقدمها البنوك على الفيزا كارد والماستر كارد حيث أوضحت الدراسة أن 11 بنكا من إجمالى 25 بنكا يتراوح سعر الفائدة على بطاقات الائتمان ما بين 1.5% إلى 1.76% شهريا وتوجد ثلاثة بنوك تتراوح الفائدة فيها 1.75%، 1.79% بينما يوجد 4 بنوك يزيد سعر الفائدة على 2.49% مشيرة الى أن البنوك المصرية الأقل فى سعر الفائدة وأن أقل غرامة عشرة جنيهات فى بنوك العربى الأفريقى والمصرى الخليجى لتتضاعف إلى 20 جنيها فى قناة السويس وبلوم مصر وتزيد إلى 30 جنيها فى بنوك الإسكندرية وعودة والأهلى المتحد وكريدى أجركول والتجارى الدولى وقد أرسل سعيد الألفى الدراسة إلى البنك المركزى لإتاحة الفرصة لأى ملاحظات مطالبا بضرورة تعريف المستهلك بمزايا ومحاذير السلع والخدمات المتداولة بالسوق المصرفية.