إهدار للمال العام.. أجور تصل إلى ملايين الجنيهات سنويا.. شراء أراض زراعية لإنشاء مشروعات استثمارية عليها.. هذا هو حال جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، حسبما رصده الرئيس السابق للإدارة المركزية للموارد البشرية بالجهاز الدكتور أيمن محمد، فى البلاغ الذى تقدم به للنائب العام حول إهدار المال العام والفساد المتفشى فى الجهاز طوال فترة عمله فيه والتى بدأت من أغسطس 2010 واستمرت حتى يونيو الماضى, أنشئ جهاز تنمية التجارة الداخلية بالقرار الجمهورى 354 بتاريخ 24 ديسمبر 2008، وظل تابعا لوزارة التجارة والصناعة حتى أبريل الماضى، لتنتقل تبعيته لوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية. وكان أيمن محمد قد تقدم بالبلاغ فى 9 من الشهر الجارى، ويحمل رقم 9532. ويتهم فيه عمرو طلعت، رئيس الجهاز، ومساعده أحمد عبدالعظيم، والمشرف على إدارة تطوير المناطق التجارية، وهيثم حمودة، رئيس قطاع الخدمات التجارية، وأشرف دويدار، رئيس قطاع تنمية الأعمال، ورشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق بتعمدهم إلحاق الضرر الجسيم بالأموال العامة للدولة. وتابع البلاغ: «بعد مرور عام كامل من إنشاء الجهاز فى 24 من ديسمبر 2008، تم خلاله إنفاق رواتب تصل إلى 24 مليون جنيه لمستشارين وخبراء وموظفين بعقود مؤقتة، دون حدوث أى تطوير للتجارة الداخلية فى عهد مصطفى أبو العينين رئيس الجهاز فى ذلك الوقت». وأضاف «فى ديسمبر 2009 أصدر وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد آنذاك، قرارا صدق عليه رئيس الوزراء حينها بتعيين عمرو طلعت، رئيسا لجهاز تنمية التجارة الداخلية رغم أنه كان يشغل منصبين آخرين وقتها، حيث كان نائبا لرئيس هيئة التنمية الصناعية، ورئيسا للجهاز التنفيذى للمشروعات التابع لوزارة التجارة والصناعة». وتابع «رئيس الجهاز ونائباه طبقا للمستندات يتقاضون مليون جنيه سنويا.. عمرو طلعت تم تعيينه فى ديسمبر 2009 براتب إجمالى 51 ألفا و425 جنيها، وارتفع إلى 55 ألفا فى يونيو 2011، أما نائبه أشرف دويدار فوصل راتبه إلى 32 ألفا و643 جنيها، ووصل راتب نائبه الثانى هيثم حمودة إلى 30 ألفا و321 جنيها». قطاع تطوير المناطق التجارية التابع لجهاز تنمية التجارة الداخلية هو أحد القطاعات التى وصلت الأجور فيها لأرقام فلكية حسب البلاغ ، فعلى اختلاف درجاتهم الوظيفية بين مدير عام ومستشار، فإن الرواتب السنوية لتسعة من العاملين به تصل إلى مليون و654 ألف جنيه بدون أى إنتاج منذ تاريخ تعيينهم وحتى الآن, أما القطاع القانونى ومستشارو مجلس الدولة بالجهاز والبالغ عددهم 9 فهم يكلفون الدولة مليونا و418 ألف جنيه سنويا وفقا للبلاغ ، كما أن ميزانية الدولة تتحمل مليونا و550 ألف جنيه سنويا لعدد 9 أفراد من العاملين بإدارات مختلفة بالجهاز، كالإدارة المركزية للشئون المالية والإدارة المركزية للعلاقات العامة وإدارة الجودة وإدارة المشروعات, فى حين يتقاضى 35 فردا يعملون بعقود مؤقتة بالإدارة المركزية للأمن بالجهاز مبلغ 620 ألف جنيه سنويا، بخلاف المعينين، بحسب البلاغ. إهدار المال العام وشدد الدكتور أيمن أن «من بين المخالفات الصارخة عدم اعتماد الدراسة التى قامت شركة بوسطن الأمريكية للاستشارات بها لهيكلة وتطوير الجهاز، وتم دفع 200 ألف دولار نظيرها، إلا أن هذه الدراسة ظلت حبيسة الأدراج». وأضاف: «عمرو طلعت وضع هيكلا تنظيميا آخر يتيح له تعيين أكبر عدد من الأصدقاء، فضلا عن السيطرة والتحكم فى جميع الإدارات الحساسة فى الجهاز وعلى رأسها إدارة تطوير المناطق التجارية والإدارة المالية». وبحسب القرار الجمهورى الخاص بإنشاء الجهاز، تم ضم مصلحة التسجيل التجارى للجهاز، يقول أيمن فى بلاغه: «إن الموظفين المعينين فى الجهاز بعقود مميزة وعددهم 170 موظفا تقريبا رواتبهم تصل إلى 1.2 مليون جنيه شهريا، بمتوسط 7 آلاف جنيه لكل موظف فى الشهر». وتابع: «الموظفين دول بيتحكموا فى موظفى مصلحة التسجيل التجارى وعددهم نحو 970 موظفا إجماليا، رواتبهم الشهرية 2 مليون جنيه، بمتوسط 2000 جنيه، وهؤلاء هم من يتحملون عبء العمل الخاص بالتسجيل التجارى والعلامات التجارية». واتهم عمرو طلعت ونوابه ومساعديه وأقاربه وأصدقاءه بإدارة وتوجيه هؤلاء الموظفين فى مصلحة التسجيل التى يعود إنشاؤها لأكثر من 70 سنة وتعمل بكفاءة قبل أن يتولى عمرو طلعت رئاسة الجهاز. وتطرق فى بلاغه ل«مخالفة» أخرى حسب وصفه وهى متعلقة بإنشاء وحدة تراخيص للمحال التجارية تابعة لجهاز تنمية التجارة الداخلية، وتم تعيين مدير عام لإدارتها براتب شهرى 18 ألف جنيه»، دون تعيين أى موظفين آخرين غيره. وتابع: «من المتعارف عليه فى كل القطاعات أن دور وحدة التراخيص يأتى بعد إنشاء المجمعات التجارية لترخيص المحال التى تم إنشاؤها، وحتى الآن لم يتم إنشاء تلك المجمعات على الرغم من وجود مدير وحدة التراخيص». أيمن أكد أن المستثمرين الذين تقدموا للطرح الأول فى يناير 2010 وتمت الترسية عليهم وهم ثلاث مستثمرين فإنه وفقا للعقود مع الجهاز، سوف يتم الانتهاء من المشروع بعد 18 شهرا من تاريخ استلام أرض المشروع، ولكن حتى الآن لم يتسلم المستثمرون الأرض ولن يتسلموها بسبب مشاكل متعلقة بوضع اليد عليها بعد أحداث ثورة 25 يناير. وتابع: «ومع هذا كله عين عمرو طلعت ومساعداه مديرا لإدارة التراخيص براتب شهرى 18 ألف جنيه، قبل تنفيذ المشروع وقبل تسلم الأرض، وبناء على ما تقدم فإن جهاز تنمية التجارة الداخلية أنفق ما يقرب من 800 مليون جنيه منذ ديسمبر 2008 وحتى الآن بحسب البلاغ. يقول أيمن: «فى ظل هذا الكم من الفساد، وإهدار المال العام بجهاز لا يقوم بأى إنتاج أو خدمة تذكر لصالح البلد، قمت بإيداع عدة مذكرات بهذا الشأن بمكتب الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية بتاريخ 12 من يوليو الماضى، ولم يصلنى رد منه حتى الآن». الدكتور أيمن يحاول مقابلة الوزير لإطلاعه على الفساد المتفشى فى الجهاز، بدأت محاولاته منذ 12 من يونيو الماضى لعرض أفكار لدمج وتطوير قطاع التجارة الداخلية وجهاز تنمية التجارة، وتوفير أكثر من 30 ألف فرصة عمل للشباب حسب تعبيره ولكنه للأسف لم يتمكن من مقابلة الوزير حتى الآن.