للمرة المليون، ليس عيبا أن نختلف، وليس عيبا أن يكون لكل شخص أو جماعة أو حزب رؤية وموقف مخالف للآخرين، لكن العيب كل العيب أو بعبارة أدق الخطيئة هى التخوين والتكفير والاقصاء وادعاء احتكار الحقيقة واليقين. الأصل فى الأشياء هو الاختلاف والتنوع، ذلك هو جوهر وجمال الحياة نفسها، والمولى عز وجل يقول «ولو شاء الله يجعلكم أمة واحدة». وإذا كان الأخوة والأشقاء يختلفون فى المنزل، ويتقاتلون أحيانا، فهل نستغرب أن يختلف أنصار التيارات والأحزاب السياسية على مستقبل بلد بحجم مصر؟!. وإذا كان محمد سليم العوا وعبدالمنعم أبوالفتوح وحازم صلاح أبوإسماعيل وثلاثتهم ينتمون للتيار الإسلامى يعتقد كل منهم أنه الأفضل لحكم مصر من الاخر، ويريدون الترشح والتنافس لرئاسة هذا البلد، وقد يختلفون على الرؤى والبرامج فيما بينهم، أليس من الطبيعى أن يكون هناك خلاف بينهم وبين بقية التيارات؟!. هناك أناس طيبون إلى درجة السذاجة يخرجون ويتكلمون بحرقة فى أجهزة الإعلام مطالبين المتظاهرين بالتوحد فى ميدان التحرير وبقية الميادين. وإلى هؤلاء نقول إن التوحد كان موجودا من يوم 25 يناير حول هدف كبير اسمه إسقاط حسنى مبارك وعندما تحقق الهدف فى 11 فبراير كان طبيعيا أن يبدأ الاختلاف والتمايز والصراع. الفارق أنه فى الأمم المتحضرة والناضجة يكون هناك إقرار بالاختلاف مع وجود قواعد لإدارة هذا الصراع بصورة حضارية. وفى مثل حالتنا الراهنة كان الجميع يتمنى أن يستمر التوحد حتى ننجز الدستور الدائم ويحين موعد الانتخابات، لكن حدث ما حدث، وبدأ الانقسام قبل الأوان بكثير. وبما أن «لو» تفتح عمل الشيطان وهى كلمة لا قيمة لها فى السياسة فعلينا أن نتعلم كيف نتعامل مع الواقع. هذا الواقع يقول إن مئات الآلاف لديهم أفكار مختلفة سيتجمعون اليوم فى مكان واحد هو التحرير، المفترض أنهم كانوا حتى أسابيع مضت أصحاب مشروع واحد، وخارج هذا الميدان هناك قوى كثيرة تتمنى أن ينقسم الميدان وكل مصر للأبد، بل وتحلم بحريق لا يبقى ولا يذر. إذن ما هو الطريق الأفضل لعبور هذه الجمعة والجمع المقبلة؟. خيرا انتصر جانب العقلاء فى التيار الإسلامى وحولوا هدف جمعة اليوم من «تطهير وتنظيف الميدان من العلمانيين عملاء أمريكا وإسرائيل» إلى شعار «جمعة الارادة الشعبية ووحدة الصف». نتمنى أن يمر اليوم بسلام، لكن علينا الاقتناع بأن الحوار كفيل بحل كل المشاكل وحتى عندما نتحاور للأسف نفشل فى الاتفاق على أو بلورة قواعد تنظيم هذا الحوار. عار علينا أن ننجز ثورة إنسانية عظيمة، ونفشل فى التحدث والتحاور فيما بيننا. ميدان التحرير يتسع للجميع، وعندما يظن فريق أو تيار أو حزب أنه يستطيع إملاء وفرض رغبته على الجميع بحجة أنه الأقوى فالمؤكد أنه نسى درس حسنى مبارك ونظامه. هل فهم أحدكم شيئا؟!!.