بين حالة الضبابية التى نحياها، وبين أخطاء متكررة من جميع الأطراف بلا إستثناء، أخطاء من طرف المجلس العسكرى، وأخطاء من المتعلقين بعباءة الدين وأفعالهم التى لا تمت للدين بصلة، واخطاء من جهات وأفراد من الثوار والمعتصمين، وبين أخطاء من الحكومة، وأخطاء من المشتغلين بالسياسة والذين أرتكبوا خطأ كبيرا بعدم التوحد خلف مطالب وخطط موحدة تكن على مستوى من إحترقوا ولا يزالون يحترقون من أجل هذا الوطن الغالى، أولئك المشتغلين بالسياسة الذين نسوا كل الكلام المعسول عن الوحدة والعمل من أجل الوطن الذى كان يقال فى أعقاب نجاح الثورة، واخطاء حتى من المواطن العادى الذى اكتفى بدور المتفرج، بين كل هذا إنشغلنا بتخوين بعضنا البعض وتركنا قلب الوطن ينزف حزنا على أبنائه. ما بين إستهتار بمشاعر ومقدسات الآخرين، وبين متاجرة بكل مبدأ والمباهاة بالقدرة على خلط الأوراق وتضليل البسطاء، ما بين الإنكباب على جنى المصالح الشخصية ونسيان الآخر، ما بين تخوين الكل للكل وإنفراد كل شخص برأيه وإغلاق أذنيه عن أى رأى يخالف ذلك الرأى، ما بين كل ذلك نسينا دم الشهداء، الذين يضيع حقهم تماما لو إختذلناه فى القصاص وصرف التعويضات، فلم يضحى فرد واحد من ابناء مصر من أجل تعويضات او مكاسب مادية، وانما ضحى من أجل حلم، حلم بوطن حر، بإحترام من الكل للكل، حلم بتغيير وحرية وعدالة إجتماعية لم نحقق منهم كشعب قبل الحكومة والمجلس أى شيئ. نسينا البسطاء ماديا وفكريا وتركناهم بضاعة رائجة لأصحاب النوايا الخبيثة، نسينا من يعمل ليل نهار من أجل بناء هذا الوطن بكل تجرد وإنكار للذات ولم نمد له يد العون ولو بكوب ماء بارد، تركنا من يعمل لرفعة هذا الوطن ولم نشارك فى المشاريع القومية كتطوير العشوائيات، وتحسين الصحة، وتنمية الإقتصاد، ورفع مستوى التعليم وغير ذلك من الأنشطة العظيمة، تركنا من يزيل أثار الدمار التى خلفها ورائهم المستعمرين الجدد الذين كانوا يحكمون هذا البلد ولم نشاركهم إزالة الدمار. مازال أغلبنا يقاسم الفاسدين طعامهم النجس، مازل أغلبنا يحيا كما كان بلا أى تغيير للأفضل، مازال الكثير منا يعيش بأنانية مفرطة، مازال الكثيرون لا يشاركون فى بناء الوطن وكأنه ليس وطنهم، مازال أغلبنا حتى لا يعترف بالخطأ ولايعترف أن فيه كل الصفات الدميمة التى ذكرناها توا. علينا أن نعلم أن هذا الوطن غالى، وأن رسالة الخير والحرية والإنسانية رسالة عظيمة، وعلينا أن نعلم أيضا أن الله - سبحانه وتعالى- متّم نوره. إذا لم نقم بواجبنا تجاه هذا الوطن وهذه الرسالة، ولم نكن على قدر المسئولية فعلينا أن نحمل ما نستحق من عار ونمضى بلا أثر طيب يذكر، ولسوف يأتى الله - سبحانه وتعالى- بمن يكن على قدر المسئولية من ابناء هذا الوطن الذين يعلمون قيمته جيدا فما نحن إلا نقطة فى سطر فى تاريخ هذا الوطن العظيم. "ربنا إجعل عملنا كله خالصا لوجهك الكريم، ولا تجعل لأحد غيرك فيه شيئ" وتبقين يا بلادى فى دمى. * العنوان من أغنية (إبن الوطن) للفنان حمزة نميرة.