ماذا لو خدم الحظ فاروق حسنى ووجد نفسه أمينا عاما لليونسكو فجأة: هل سيكون مع إسرائيل أم مع سوريا بشأن الجولان؟ السؤال طرحه الكاتب العربى فى جريدة الحياة محمد على فرحات أمس، مذكرا بأن اليونسكو ستعقد اجتماعا فى إشبيلية يوم 22 يونيو المقبل لاتخاذ قرار فى إدراج مواقع جديدة فى قائمة التراث العالمى، ومنها موقع «بوابة إبراهيم» فى هضبة الجولان المحتلة، والذى رشحته إسرائيل كموقع إسرائيلى. فى هذه الحالة هل سيرد فاروق حسنى الدين لإسرائيل لأنها هى وحدها دون غيرها التى صعدت به إلى قمة اليونسكو، ويحصل لها على اعتراف رسمى آخر بأحقيتها فى أراضى الجولان التى احتلتها وشردت أبناءها؟ لمن سيكون انحياز فاروق حسنى لو وجد نفسه أمينا عاما يرأس اجتماعا بهذه الأهمية والخطورة؟ أزعم أنه حين تتحول الأمور إلى صفقات وفواتير مؤجلة السداد فإن القرار يكون محكوما باعتبارات البيزنس، وهو المنطق السائد منذ أعلن فاروق حسنى ترشيح نفسه لليونسكو، فالرجل دفع ويدفع أثمانا مقدمة، بدأت بحفل الموسيقار الإسرائيلى فى الأوبرا بارنبويم ومرت على تصريحاته الصادمة عن محرقة اليهود أيام النازى، والتى بدا فيها وكأنه مواطن ألمانى يعتذر عما ارتكبه أجداده من مذابح مزعومة بحق اليهود، وانتهاء بإعلانه مدفوع الأجر فى «اللوموند» الفرنسية، حيث قطع شوطا غير مسبوق فى إبداء الندم وبوس القدم على ما صدر منه من هفوة اعتبرها البعض دعوة لإحراق الكتب الصادرة بالعبرية. ومادام ذلك كذلك، وحيث إن المسألة برمتها أخذت منحى جديدا على أعلى المستويات بين القاهرة وتل أبيب إلى الحد الذى فضح فيه الإسرائيليون أنفسهم المستور وتحدثوا عن صفقة أبرمها نتنياهو بشأن ترشيح فاروق حسنى أثناء زيارته الأخيرة إلى «شرم» يتم بموجبها دعم الوزير الفنان مقابل الحصول على أثمان مناسبة، فمن يضمن لنا أن الاعتراف بإسرائيلية الجولان العربى المحتل لن يكون ضمن هذه الأثمان المناسبة؟ وكى لا نتهم بالمبالغة نذكِّر فقط بأن السيد الوزير الفنان وهو يبكى بحرقة على محارق النازى ضد اليهود كان الدم العربى الفلسطينى لا يزال يروى حدائق الموت فى غزة، ومع ذلك لم يقترب سيادته تصريحا أو تلميحا من هذه المسألة، وفى هذه النقطة تحديدا أثبت رئيس مجلس الشعب فتحى سرور أنه أكثر شطارة ومهارة من وزير الثقافة، ذلك أن سرور لم يغلق الباب أو يفتحه فى وجه الذين دعوه لزيارة الكنيست الإسرائيلى، فالرجل وهو من أساطين القانون أمسك العصا من المنتصف وبدا متعاطفا مع يهود النازى ومرحبا بزيارة الكنيست، كما بدا فى اللحظة ذاتها متعاطفا أكثر مع ضحايا محارق الصهيونى فى غزة وجنوب لبنان ومتحفظا على الزيارة. ومادامت المسألة «محارق فى محارق» فإننى أدعو من كل قلبى ألا يحترق فاروق حسنى بنار الرغبة المجنونة فى الوصول إلى اليونسكو بأى ثمن، خاصة أن مصر التى هى أمه تقرؤه السلام وتقول له «مفيش حاجة مستاهلة يا فاروق».