أسدل الستار على المهرجان السينمائي (إنسان) في رام الله بالضفة الغربية بشهادة حية للفلسطينية سميرة الناطور على أحداث مجزرة تل الزعتر قبل عرض فيلم الاختتام (لأن الجذور لا تموت - قصة تل الزعتر) للمخرجة اللبنانية نبيهة لطفي. وجلست سميرة، وهي من مواليد مخيم تل الزعتر في لبنان عام 1961 لأبوين فلسطينيين لاجئين، أمام جمهور المهرجان الذي نظمته الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية في الهواء الطلق، في إطار ما يعرف "بسينما الشارع" لتقدم شهادات مؤلمة عما شهده المخيم من حصار طويل، امتد أشهر قبل اقتحامه من قبل قوات الكتائب اللبنانية، وارتكاب ما وصف "بالمجرزة" فيه. وتصف سميرة الشاهدة على ما جرى في تل الزعتر في شهر أغسطس عام 1976 بأنه "أبشع مجزرة في التاريخ بحق الشعب الفلسطيني"، وقالت: "مخيم تل الزعتر يقع في الجهة الشرقية من بيروت، فيه أكبر تجمع فلسطيني في لبنان، وقت المجزرة هناك من يقول إن عدد سكانه كان 30 ألفا، هذه المعلومة مغلوطة، العدد كان 60 ألف لاجئ تعرضوا لحصار شديد استمر أشهر قبل ارتكاب المجزرة." وصفت سميرة الناطور نجاتها من تلك المجزرة بالأعجوبة، وتحدثت عن حالات قتل بشعة، منها إطلاق النار على 60 ممرضا كانوا يقدمون الإسعافات لجرحى المخيم، وقالت: "من أبشع عمليات القتل التي جرت أنه تم ربط رجل من ساقيه بسيارتين وتحركت كل سيارة باتجاه، عائلات كاملة قتلت في المخيم، معارك بطولية خاضها المدافعون عن المخيم الذين اشتبكوا بالسلاح الأبيض بعد نفاد ذخيرتهم." وتسكن في ذاكرة سميرة مشاهد مؤلمة أخرى، منها مشهد لأحد أفراد الكتائب "يأخذ طفلا رضعيا من حضن أمه ويرميه بكل قوة ولا أحد يعرف ماذا حدث له"، وروت سميرة الناطور كيف أن نسوة قضين وهن بانتظار دورهن للحصول على قطرات ماء أسن من حفرة في الأرض ليطفئن بها ظمأ أبنائهن، وتحدثت عن نقص الطعام والدواء وعن رائحة الموت التي كانت تفوح من كل مكان. وأكمل فيلم (لأن الجذور لا تموت - قصة تل الزعتر) الذي اختار منظمو المهرجان أن يكون فيلم الختام بعد عرض 5 أفلام روائية عربية وأجنبية تتناول موضوع حقوق الإنسان روايات الشهود التي لا تقل قسوة عما روته سميرة، يضاف إلى ذلك صور من مشاهد الدمار الذي لحق بالمخيم وكثير من الجثث التي كانت تنتشر في ساحاته. وحرصت مخرجة الفيلم على الاستعانة بقصاصات من أخبار الصحف التي كانت تصدر أثناء حرب المخيم، منها ما هو مؤيد لسكانه وأخرى معارضة، إضافة إلى صور حية للمعارك التي استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وأخرى لكثير من القتلى بينهم نساء قال شهود إنهن حملن السلاح، وقاتلن إلى جانب الرجال الذين توفي عدد كبير منهم لنقص الدواء.