يواجه رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي اختبارا أساسيا يتمثل في طريقة تعامل حكومته مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بين رفض حزب الله وحلفائه لها وتمسك فريق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحلفائه بها. ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "باريس سود" خطار بو دياب لوكالة فرانس برس "سيكون موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاختبار الأول للحكومة الجديدة: سيتبين ما إذا كان لبنان سيدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي أم لا". وتبدي الدول الغربية قلقا من احتمال أن تكف الحكومة اللبنانية الجديدة، التي يسيطر عليها حزب الله وحلفاؤه للمرة الاولى في لبنان، عن التعاون مع المحكمة الدولية المكلفة بقضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005. ويقول مدير قسم الشرق الأوسط في معهد كارنيغي بول سالم "هذه الحكومة لن تتعاون مع المحكمة". ويرى أن التحدي الأول الذي سيواجهه الرئيس ميقاتي، الذي يطرح نفسه ك"مستقل" لا يخضع لضغوط حزب الله، هو ألا "يدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي" حول هذه القضية. وسقطت الحكومة السابقة التي كانت برئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، في 12 يناير بضغط من حزب الله وحلفائه بسبب الخلاف حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ومارس حزب الله الذي يتوقع أن توجه المحكمة التهمة إليه في اغتيال الحريري، ضغوطا كبيرة على سعد الحريري ليتخلى عن المحكمة لم تلق تجاوبا، ومن المتوقع أن يمارس الضغوط نفسها على خلفه ميقاتي الذي سماه الحزب وحلفاؤه لهذا المنصب. ويقول سالم: "سيحاول ميقاتي أن يعتمد أسلوب المناورة". ويشكك المحللون في إمكانية أن يدخل ميقاتي في مواجهة مع حزب الله، وهو اكبر قوة مسلحة في لبنان. ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية عماد سلامة: "حتى وإن كانت الحكومة تضم شخصيات تطرح نفسها على أنها معتدلة، إلا أن هذه الحكومة تشكلت عمليا بضغط من حزب الله". ويضيف "أنها حكومة ستواجه المحكمة الدولية". وبعد الإعلان عن تشكيل الحكومة، أمس الاثنين، سارعت كل الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة ثم فرنسا إلى تذكير لبنان ب"التزاماته الدولية"، لا سيما في ما يتعلق بتمويل المحكمة الدولية، وحصة لبنان منه 49%. وستتركز الأنظار على البيان الوزاري الذي سيحدد السياسية العامة للحكومة الجديدة. وحتى الآن، لم يدل ميقاتي بموقف واضح حول المحكمة. ويسود تخوف في لبنان من أن يؤدي اتهام حزب الله الشيعي بمقتل الزعيم السني رفيق الحريري إلى اندلاع أعمال عنف على غرار ما جرى في مايو من العام 2008. ويؤكد الباحث في الشؤون اللبنانية في معهد تشاتهام هاوس في لندن نديم شحادة "نحن نتوجه إلى أزمة كبرى مع اقتراب صدور القرار الظني". ويضيف "إذا وجه الاتهام إلى حزب الله، فان الأمر سيكون شديد الخطورة". ويرى بو دياب "سيؤدي هذا الأمر إلى توترات كثيرة في لبنان، لا سيما إذا قررت الحكومة وقف التعاون" مع المحكمة. ويضيف شحادة "ستدور المعركة الحقيقة حول صياغة البيان الوزراري، حينها سنرى كيف يتعامل حزب الله وحلفاؤه مع المسألة". ولم يصدر عن حزب الله، الذي عمل منذ فترة طويلة على التشكيك بمصداقية المحكمة، اي موقف سياسي من تشكيل الحكومة الجديدة التي يحظى فيها مع حلفائه بغالبية 18 وزيرا من اصل ثلاثين. ويرى المحللون ان حزب الله ليس مرتاحا للاحتجاجات الشعبية ضد النظام في سوريا، الحليف الاساسي له في المنطقة بعد ايران، مشيرين الى انه عندما اسقط حزب الله حكومة الحريري في يناير، لم تكن الاحتجاجات في سوريا قد اندلعت بعد. ويقول بول سالم ان حزب الله "مضطر الى تصدر السلطة لانه لم يعد يملك الغطاء القوي نفسه الذي كانت تؤمنه له دمشق". لكنه يضيف ان الحزب الذي يبقى حرصه الاول على سلاحه "لا يحبذ ان يكون في صدارة المشهد السياسي، بل يفضل ان يبقى في الظل".