أدلى أربعة فارين من الجيش السوري لجأوا إلى الحدود التركية، بشهادات عن الممارسات التي ارتكبتها وحدتهم في قمع حركة الاحتجاج وخوف الجنود الذين يواجهون تهديدات بالقتل إذا رفضوا تنفيذ الأوامر. ويروي الجندي طه علوش التخفي. الذي عرض بطاقته العسكرية ويكشف عن هويته بلا مواربة، بنظرات زائغة، وقائع عملية "التطهير" في مدينة الرستن التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة في محافظة حمص، والتي حملت هذا المجند البسيط على الفرار قبل ثلاثة أيام. واضاف "قالوا لنا إن مسلحين موجودون هناك. لكن عندما نقلونا، تبين لنا أنهم مدنيون بسطاء. وأمرونا بأن نطلق النار عليهم". وأوضح "عندما كنا ندخل المنازل، كنا نطلق النار على جميع الموجودين فيها: الصغار والكبار... حصلت عمليات اغتصاب لنساء أمام أزواجهن وأطفالهن". وتحدث عن مقتل 700 شخص. لكن يصعب التأكد من هذا الرقم لأن الصحفيين لا يستطيعون التنقل في سوريا. ومحمد مروان خلف هو مجند أيضا في وحدة متمركزة في ادلب قرب الحدود التركية. ولا يزال هو أيضا مصدوما لهول حرب ضد عزل. وروى "على مرأى مني، أخرج جندي محترف سكينا وغرسه في رأس مدني، من دون أي سبب". ولقد طفح الكيل عندما اجتازت وحدته قرية سراقيب المجاورة وعندما فتح "الشبيحة" (بلطجية) الذين كانوا يرافقون الجنود النار على الناس. وأكد هذا المجند الشاب "عندما بدأوا بإطلاق النار على الناس، رميت بندقيتي وهربت"، موضحا أن هذه المجزرة التي أسفرت عن 20 إلى 25 قتيلا قد وقعت في السابع من يونيو. ونسج شقيقه أحمد خلف الملتحق بوحدة أخرى، على منواله بعدما شهد أعمال عنف في حمص. وقال "بعدما رأيت الطريقة التي يقتلون بها الناس، أدركت أن هذا النظام مستعد لقتل الجميع". ويؤكد هذا الجندي الفار الذي كان محمر العينين وزائغ النظرات، أنه فكر مع رفقاء بالتمرد لكنه تراجع عن هذه الفكرة بسبب خطرها على حياتهم. وأضاف هذا الشاب "يضعون قناصة على بعض النقاط المرتفعة -عناصر شرطة بثياب مدنية أو عناصر من حزب الله- وعندما لا يطلق الجنود النار على المحتجين، يقتلونهم". ويؤكد وليد خلف مخاطر عصيان الأوامر. ويقول "قبلنا أراد ستة أشخاص أن يفروا، فقتلهم قادتنا". ومع خمسة عشر من رفاق السلاح، اختار هذا المجند الفرار مع ذلك بدلا من الدخول إلى مدينة حمص. وقال "كنت أعرف أنه إذا ما دخلناها فإننا سنقتل عددا كبيرا من الأشخاص". وأضاف "سلكنا جميعا طرقا مختلفة". وردا على سؤال عن رأيه في المستقبل، يتوقع هذا الجندي انهيار نظام الرئيس بشار الأسد. وقال "جميع الجنود الذين أعرفهم هم متوترون. إما أنهم يريدون الفرار وإما أنهم يريدون تغيير مهنتهم". وأضاف "في نهاية المطاف، سيذهب كل جندي لحماية عائلته". لكن طه العلوش يتوقع نهاية مدوية. وقال "إذا اضطر هذا النظام، فلن يتردد في تصويب مدرعاته وصواريخه إلى دمشق. عندئذ ينتهي كل شيء".