ان ما حدث فى مصر فى فترة ما قبل الثورة من تزاوج الثروه والسلطه والذى أدى الى فساد وافساد الحياه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه فى مصر مما كانت تبعاته ونتائجه أسوأ مما يتصور اى مواطن مصرى, ولكن هذا الزواج الفاسد تزامن معه انفصال محرم وهو انفصال الاخلاق والمبادىء الحميده عن الحياه والمجتمع فى مصر وغاص المجتمع المصرى فى مستنقع من النفاق والمحسوبيه والرشوه والكذب والبهتان والنميمه والرياء والعرى والانحلال والذى ادت نتائجه الى ما نراه الان فى المجتمع من كثرة الوجوه القبيحه والعقول الفارغه من شخصيات لا تدعو الا الى تفسخ المجتمع وانهياره اخلاقيا وكل ذلك يتم بأسم الحريه, والحريه هى الكلمه السحريه لكل ساحر يريد ان يزيف ويوارى ويخفى الفساد داخل اطار يوهمنا ان ما نراه هو الحقيقه ويظهر لنا مايريد لنا ان نراه ولكن مع قليل من التفكير بالعقل والرؤيه بالبصيره نتيقن انه يخدعنا وما نراه ان هو الا باطل مبين, وينتشر هؤلاء السحره بكثره فى وسائل الاعلام بكافة انواعها. والسؤال الان والذى يطرح نفسه بشده.. هل بناء المجتمع سياسيا واقتصاديا اهم من بناءه اخلاقيا وغرث بذور المبادىء والقيم والاخلاق وثقافة المواطنه ؟ لابد من مناقشة قضية فساد الذمم وانهيار الاخلاق وغياب الصدق والفضيله وانتشار الزيف والنفاق والكذب والبهتان من منظور اجتماعى قبل ان تتحول الى قضيه دينيه تتنافس عليها الجماعات والتجمعات الدينيه, ان فساد نظام مبارك ليس فقط سرقة المال والوطن ولكن هو ايضا سرقتنا من الداخل حيث اصبح كثيرا منا عندما تفتش داخلهم لن تجد الا ماهو قيح أو قبيح, وقلما تجد منا مصريا ذات ضمير حى, فلم يترك نظام مبارك بداخل معظم المصريين اى شىء طيب لقد سرق منهم كل معانى المروءه والشهامه وترك مكانها كل ماهو سىء وقبيح. لا احد حتى الان تحدث او كتب عن معالجة تلك الآفات التى غرثت بالمجتمع فقد كان النظام السابق يمنع كل صوت محب لمصر من كافة الاطياف من الظهور, بل منع كل صوت محترم من الظهور بأجهزة الاعلام؟ هل كنا ننتظر منه ان يظهر لنا البرامج والاشخاص والرموز التى تدعو الى الفضيله والمبادىء والاخلاق وتحارب العرى والانحلال والذى تخصص فيه. لابد ان يعلم الجميع بما فيهم الثوار ان كم المشاكل الاجتماعيه كبير جدا يعجز العقل عن استيعابه من تدنى مستوى التعليم وازدياد عدد الفقراء وسوء الخدمات وانتشار الجهل والاميه وخاصة الاميه الدينيه والامراض والمحسوبيه والرشوه والبطاله واطفال الشوارع وارتفاع سن الزواج وزيادة عدد المطلقات وفساد الذمم وضياع الحقوق وعلاقة الزوج وزوجته والابناء وابيهم والمواطن وجاره والمسلم واخيه المسيحى والفتنه الطائفيه والتى لم تعالج اسبابها الحقيقيه حتى الان و ............ وهذا قليل من كثير مما يستلزم وضع خطط عاجله لحلها . ايها الثوار ان الاصرار على معالجة الفساد السياسى والمالى دون سواه هو اضرار مبين بالثوره وسوف يؤدى بلا شك لمزيد من الانحلال الاخلاقى وسيتم ذلك بأسم الحريه وفى ظل غياب الوازع الاخلاقى والضمير سوف يصبح كل شىء مباح وقد يؤدى ذلك الى انقسام المجتمع الى متطرفين فى كلا الجانبين.. جانب التفسخ الاجتماعى والانحلال والذى سوف يقوده الاعلام والفن بأسم الحريه وجانب التعصب الدينى الاعمى والذى تقوده الجماعات الدينيه وسوف تظهر جماعات جديده قديمه تدعو الى تغيير المنكر باليد دون سواه وتنتشر اعمال العنف والقتل ضد الجانب الآخر وخاصة ممثلات الاغراء والمتخصصات فى نشر الانحلال والفساد الاخلاقى, ولن يجدى حينئذ قانون أو غير ذلك مما يظن به الردع. فقبل ان تسرق مصر.. ونبكى على ضياع الحلم.. ايها الثوار الاحرار.. قد زال ليل وظلام .. فمتى ستشرق الشمس ويأتى النهار؟ لقد ظل الشعب عمره يبحث عن كنز الحريه لقد ضحى بأرواح عطره من اجل الحصول على حريته واستطاع ان يجمع كل الفاسدين فى سلة واحده وسوف يخضع كل من فسد وافسد لحكم القانون ولكن علينا ان ننظر الى الغد ونسأل انفسنا ماذا بعد؟ هل سوف تظل نظرتنا الى الماضى مقصوره على محاكمة الفاسدين فقط دون تهيئة المناخ لغد افضل؟ انى ارى على الأفق لصوص جدد ولكن من نوعيه اخرى لصوص تريد ان تسرق منجزات الثوره بل تريد ان تسرق مصر والثوار مشغولون بالماضى دون النظر الى الغد.. وانا اقول لكل ثائر هل اعدت الينا وخلصت مصر من ايدى الفاسدين لتضعها غنيمه امام الطامعين.. وهم كثر!! لقد اخبرونا يوم ان كنا صغارا ان الوصول الى القمه امر قد يكون صعبا ولكن الاصعب هو الاحتفاظ بمكانك على القمه... وكذلك حدوث الثوره كان حلما يراود الشعب بأكمله واستطاع الشباب ان يحققوا الحلم ولكن ماذا بعد ؟ كيف يمكن لهم ان يحافظوا على منجزاتهم؟ هناك قوى وقد كشرت عن انيابها ظنا منهم انه لا يوجد غيرهم على الساحه بهذا التنظيم الجيد حتى ادعى بعض منهم انهم اصحاب الفضل فى الثوره.. وتصاعدت تصريحاتهم فى الأونة الاخيره صغيرا وكبيرا بلا استثناء. اننى انبه كل ثائر وكل محب لمصر ولهذا الوطن .. ان مصر تسرق من جديد ولكن تسرق بأسم الحريه.. هم يدعون انهم اصحاب المنهج الحق وكأن ماعاداهم اصحاب المنهج الباطل علينا ان نعلم ان المقدمات دائما توحى بالنتائج.. وانا ارى ان النتائج مرعبه وقد تكون اسوأ مما نظن بل لا ابالغ اذا قلت اسوأ مما سبق فاذا كان النظام السابق فاسدا فقد كنا نستطيع على الاقل ان نصرخ ونقول "انهم فاسدون" اما غدا لن نستطيع لأن هؤلاء هم فوق المسائله فهم الذين اختارهم الله لحكمنا فهل سيختار الله لنا الشر؟ والساحه الان خاليه من اى قوه اخرى منظمه فقبل ان يحدث هذا الزواج الجديد بين الدين والسلطه. اعتقد انه آن الاوان لمعرفة توجه المجتمع المصرى الى أين ؟ ولايوجد الا طريقان لا ثالث لهما اولهما: التمسك بخيار الدوله المدنيه بمضمونها الشامل كأختيار استرتيجى للنهضه المأموله وكأحد انجازات الثوره ومقاومة كل المعوقات والتسليم بأننا بحاجه ماسه الى اعاده غرث بذور القيم النبيله والاخلاق الحميده وثقافة المواطنه وترسيخ مبادىء العدل والمساواه.. ولذا لابد من وضع الأسس التى تنطبق على الجميع دون استثناء لافرق بين مواطن واخر على ان تكون هذه الأسس قابله للتنفيذ على ارض الواقع وليست شعارات وكلمات تصاغ على الورق فقط. واستخدام الفن فى نشر هذه البذور وتلك الثقافه يعتبر من اقوى الوسائل فالفن الراقى والواعى للحظه التى تمر بها البلاد يستطيع ان يؤثر تأثيرا ايجابيا فى بناء المجتمع لسرعة انتشاره ولنبل اهدافه، وانا هنا اتكلم عن الفن الراقى المنضبط بالمعايير الاساسيه لحرية التعبير والتى تساعد فى التغيير الى الافضل فى ارتقاء الذوق وانعكاس ذلك على السلوك والتعامل. ان الفن الراقى هو مثل الأجنحه للارواح المتزنه والنسيم للعقول الواعيه والعطورللقلوب الحالمه وكل منا يبحث عن ذلك الجناح ليطير به وذلك النسيم ليستنشقه وهذا العطر ليفوح منه يبحث عنه فى اى عمل سواء كان موسيقيا او غنائيا او سينمائيا او غير ذلك من شتى انواع الفنون التى تسمو وتحلق بنا فى سماء الصفاء الروحى والعقلى والنفسى, هذا هو الفن الذى يرفعنا ويسمو بنا. ثانيهما: هو تسليم مقدرات الوطن لسلطة الأخوه ذوى الاتجاهات الدينيه.. واعتقد ان انتشار ثقافة الصوت العالى وغياب الدور الأمنى وتضاءل قوة الحكومه لزيادة الاعباء الملقاه على عاتقها وعدم اتفاق القوى الوطنيه والثوار على اسلوب واحد وسلوك واحد فى التعامل مع المتغييرات سوف يساعد هؤلاء الاخوه الى الوصول الى مبتغاهم وهو الصعود الى كرسى الحكم وحكم المصريين بسلطة الدين وحينئذ فليعلم الجميع انه صعود بلا هبوط وبقاء بلا زوال وارتقاء بلا انزواء فهم اصحاب الحق وحدهم ولاشريك لهم وكل من سيخالفهم فى الرأى أو التأويل قد يصبح فاسقا أو عاصيا أو مذنبا فى حق الله ثم يطبق عليه حد الجلد (الجلد النفسى) وذلك بتسليط الابواق عليه ليرمى بكل الموبقات والفساد والفسق وقد يصل الحد الى جعله مرتدا. هل الدوله المدنيه ام سنشهد زواجا جديدا بين الدين والسلطه.. فأى الطريقين سنختار .. هل غد مشرق ام غد محرق !! اللهم انك تعلم ولا اعلم فأن كان علمى جهلا فسامحنى واغفر لى وتجاوز عنى .... وان كان حقا فاللهم قد بلغت اللهم فأشهد.