أشار تقرير صادر عن وزارة التنمية الإدارية حول الشفافية والنزاهة، إلى أن المجتمع المصري يتغير إلى الأسوأ، سواء على مستوى المواطنين وأخلاقهم أو أداء المؤسسات الحكومية، وارتفاع معدلات الفساد بها، وذلك وفق التقرير السنوي للوزارة الصادر في الشهر الجاري بعنوان "الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم .. دراسة لقيم النزاهة والشفافية والفساد لعام2009". ويأتي نشر أهم نتائج هذا التقرير بعد اعتماده رسمياً من جانب اللجنة الفنية للشفافية والنزاهة بالوزارة فى الأسبوع الأول من شهر مارس الجاري، وإدخال التعديلات النهائية والتصحيحات اللازمة التي تم الانتهاء منها منذ أيام قليلة. وقد تناول التقرير عدة محاور رئيسية، منها الفساد، والتغير الأخلاقي، والمشاركة السياسية. وبالنسبة لمؤشر الفساد أكد 83.6% من المصريين أن معدلات الفساد في ارتفاع مستمر، واعتبر 43.1% منهم أن رجال الأعمال ذوي السلطة هم أكثر فساداً في المجتمع، يليهم التجار بنسبة 33.6%، ثم رجال الشرطة بنسبة 28%، يليهم أعضاء المجالس المحلية بنسبة 13.4%، وأخيراً رجال الدين الخاضعين للحاكم بنسبة 6.1%. وجاءت المصالح الحكومية ذات الطابع الخدمي فى المرتبة الأولى لأكثر المؤسسات فساداً فى المجتمع بنسبة 48.4%، تليها مؤسسات قطاعي الصحة والتعليم بنسب 20.5% و20.3% على الترتيب، ثم وزارة الإعلام بنسبة 19.4%، ووزارة الداخلية 17.5%، وأخيراً المحليات بنسبة 15.5%. واعتبر المواطنين أن الرشوة تعد أحد المظاهر الرئيسية للفساد، تليها المحسوبية، ثم الفوضى الأخلاقية، واستغلال النفوذ، وأخيراً التزاوج بين السلطة والمال. وعلى مستوى التغير الأخلاقي اعتبر 80.9% من المصريين أن أخلاق الناس تغيرت، ورأى 88.4% أن التغيير قد سار إلى الأسوأ. واتساقاً مع هذه النتائج، اعتبر 63.1% من المصريين أن العلاقات الإنسانية السيئة باتت من ثوابت التغيير الأخلاقي السيئ، ويرى 78.6% من العينة التي شملتها الدراسة وراعت فيها تمثيل كافة شرائح المجتمع، أن التغير الأخلاقي يسير من سيئ إلى أسوأ، وأكد 15.1% من المواطنين ضرورة تغيير القيم الأخلاقية للمصريين بشكل جذري، في حين يرى ما نسبته 70.9% أن هذه القيم تحتاج إلى بعض الإصلاحات. وفيما يتعلق بالقيم الحاكمة للنزاهة في المجتمع المصري أكد 88.4% من العينة أن أفراد المجتمع يعانون من التناقض بين القول والفعل، وهو ما يرجع إلى النفاق والكذب، والخوف على المصلحة الشخصية، والفهلوة والكسب السريع، وأخيراً الخيانة. وأكدت نتائج الدراسة أن الفئات الأكثر تناقضاً من وجهة نظر المصريين، تتمثل في رجال السياسة بنسبة 83.1%، ثم رجال الشرطة بنسبة 73.2%، ورجال الدين بنسبة 43%، وأخيراً رجال القضاء ب 38.4%، واعتبر أفراد العينة أن رجال الدين لا يفعلون ما ينادون به انطلاقاً من سعيهم نحو إغراءات الحياة، وأيضاً نتيجة تدينهم الظاهري التي اعتبروها ظاهرة تجتاح المجتمع المصري. وبالنسبة لشعور المواطنين بالظلم فقد أظهرت نتائج العينة أن 63.7% من المواطنين يشعرون بالظلم وضياع حقوقهم، وجاءت أكثر الشرائح شعوراً بالظلم هم: الأميين بنسبة 52.9%، ثم الشباب في الفئة العمرية (18-34) بنسبة 52.5%، والذكور بنسبة 51.2%، وأخيراً سكان الريف وذلك بنسبة 50.2%. لذلك، اعتبر 75.1% من المصريين أن المجتمع يسوده الظلم، كما يرى 40.8% أن الدولة بسياساتها المختلفة غير عادلة، وهو ما تجلى: في نقص العدل والمساواة، وزيادة أعداد الفقراء، وتفشي المحسوبية، وضعف أجور العاملين، وانتشار الجريمة، وغياب الشفافية. وفيما يتعلق بالمشاركة أكدت النتائج أن 82% من المواطنين على استعداد للمشاركة بشكل عام في حل أي مشكلة غير شخصية، وترتبط بالمجتمع، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. وأظهرت الدراسة أيضاً ارتفاع معدلات العضوية في النقابات بنسبة 56.6%، بينما تنخفض معدلات العضوية في الأحزاب إلى 27.4%. وأرجع المواطنين عزوفهم عن المشاركة بشكل عام إلى الانشغال بالشأن الخاص (57%)، وفقدان الثقة بجدواها (40%)، وأيضاً انخفاض الوعي (30%). وفيما يتعلق بأسباب انخفاض المشاركة الانتخابية فقد تمثلت وفق رؤية المواطنين في: تراجع مصداقية الحكومة وذلك بنسبة 63%، وتزوير الانتخابات (43.4%)، في حين اعتبر 9% أن ضعف الأحزاب يعد سبباً رئيسياً للعزوف عن المشاركة السياسية. انطلاقاً مما سبق، أعلن 63.4% من المصريين خوفهم من المستقبل، واعتبر 73.4% منهم أن ارتفاع الأسعار والغلاء يعد سببا رئيسيا في هذا الخوف، بجانب عدم وجود رؤية مستقبلية للمجتمع (37.4%)، وانعدام الثقة بين المواطنين بعضهم البعض وبينهم وبين الحكومة بمؤسساتها المختلفة (25.9%).