أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    الكلية العسكرية التكنولوجية تحتفل بتخريج الدورة الثانية للمرشحين للعمل بمصلحة الطب الشرعى    زراعة أشجار بديلة.. تفاصيل مشروع توسعة شارع أبو قير في الإسكندرية -صور    تشمل تعبئة 250 ألف جندي.. إعلام إسرائيلي: الجيش سيقدم خطة جديدة للسيطرة على غزة    غير سليمان العبيد.. كرة القدم الفلسطينية تفقد 325 شهيدا    الفاو: 98% من الأراضي الزراعية بغزة إما متضررة أو يتعذر الوصول إليها    بعد تعادل الأهلي.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز موسم 2026/2025    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تعادل الأهلي ومودرن سبورت؟ (كوميك)    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    "البداية من المطبخ".. تفاصيل حريق عدد من الباكيات بالقرب من مترو شبرا الخيمة    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية".. اليوم    حمزة نمرة يتألق في حفل مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية -صور    لقطات رومانسية جمعت ليلى وهشام جمال.. ملك زاهر تنشر صورًا من حفل حسين الجسمي    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    ما حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب؟.. أمين الفتوي يجيب    مفيش مشروب اسمه الخمر.. أحمد كريمة: يعلق على فتوى الحشيش    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    محمد صلاح يوجه ضربة موجعة ل «يويفا» بشأن وفاة «سليمان العبيد»    نجوم الفن يشاركون في عزاء الفنان الراحل سيد صادق بمسجد الشرطة    تعرف على جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 «الدور الثاني»    نشوب حريق هائل بعدد من المحال بشبرا الخيمة ووصول 9 سيارات إطفاء    ضباط إسرائيليون ينتقدون خطة احتلال غزة: جيشنا أصبح مثل عربة تغوص فى الرمال    الأهلي يتعادل 2-2 مع مودرن سبورت في الجولة الأولى بالدوري المصري    في أول أيام الترشيح ل"القراء"، حشاد يتقدم بأوراقه على مقعد النقيب و28 للعضوية    بمشاركة مرموش، مانشستر سيتي يتغلب على باليرمو بثلاثية    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    5 معلومات عن GPT-5 من "OpenAI"    لميس الحديدي تكشف تفاصيل جديدة عن الحالة الصحية لأنغام    مركز الثقافة السينمائية يحتفي ب'وفاء النيل' بندوة وعرض فيلم يوثق بناء السد العالي    إيران ترحب بتوصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق سلام    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    مراسل الحياة: زوار مهرجان العلمين سعداء بجمال الأجواء وحلاوة حفل تامر عاشور    اللواء أيمن عبد المحسن: نتنياهو يعمل على إبعاد نفسه عن المسائلة    محافظ الإسماعيلية يشهد منتدى الإسماعيلية الاقتصادي الأول للغرف التجارية    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    كبار القادة العسكريين يعارضون خطة نتنياهو.. رئيس أركان جيش الاحتلال: جنودنا مرهقون.. وجاهزيتهم متراجعة بعد عامين من القتال المتواصل    ضجيج بلا طحين!    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    شراكة جديدة بين محافظة المنيا والهيئة القبطية الإنجيلية لدعم الأسر الأولى بالرعاية    كل احتلال مصيره إلى زوال    ضبط تشكيل «بياضة وطوبسية» بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    ترخيص 817 مركبة كهربائية خلال يوليو الماضي ..المركز الأول ل بى واى دى    شيخ الأزهر يلتقى عدد من الطلاب ويستذكر معهم تجربته فى حفظ القرآن الكريم فى "كُتَّاب القرية"    «المستلزمات الطبية» تبحث الاثنين المقبل أزمة مديونية هيئة الشراء الموحد    محافظة الجيزة: أنشطة وبرامج مراكز الشباب من 10 إلى 15 أغسطس 2025    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    تتبقى 3 أيام.. «الضرائب» تعلن موعد انتهاء مهلة الاستفادة من التسهيلات الضريبية المقررة    رغم الغضب الدولى ضد إسرائيل.. قوات الاحتلال تواصل قتل الفلسطينيين فى غزة.. عدد الضحايا يقترب من 62 ألف شخصا والمصابين نحو 153 ألف آخرين.. سوء التغذية والمجاعة تحاصر أطفال القطاع وتحصد أرواح 212 شهيدا    أخبار الطقس في الإمارات.. صحو إلى غائم جزئي مع أمطار محتملة شرقًا وجنوبًا    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    تعرف على موعد فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    «قعدتوا تتريقوا ولسة».. رسالة نارية من خالد الغندور بعد فوز الزمالك على سيراميكا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تتعامل أوروبا مع الإسلاميين؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 05 - 2009

خلال العام الماضى، ظهر فى بلدان أوروبا اتجاه جديد يهدف إلى التواصل مع الجماعات الإسلامية المعتدلة فى العالم العربى. ولم يكن هذا قرارا أوروبيا مشتركا، بل يبدو أن كل بلد، على حدة، قد توصل إلى الحاجة إلى هذا التواصل. لكن بينما ترى هذه البلاد بوضوح الحاجة السياسية للقيام به، غالبا ما يبدو الساسة والدبلوماسيون فى أوروبا، غير مرتاحين وشاعرين بالحرج عندما يشرعون فى هذه الاتصالات.
وفى القرن الماضى، وفى السنوات الأولى من القرن العشرين، عندما كان العالم العربى ينعم بنهضته، شهدت أوروبا انتشار أفكارها، وفلسفتها، وقيمها، بين الصفوة المستنيرة فى العالم العربى. وعاد جيل من المثقفين، قضى سنوات فى أوروبا يدرس فى الجامعات الفرنسية والبريطانية، إلى الوطن حاملا ما رأوه استفادة أو إثراء لأفكارهم. وسعوا إلى إيجاد رؤية جديدة للمجتمع، والحرية، والاستقلال وبناء الأمة، مستمدة فى معظم جوانبها من المدارس الفكرية المتعددة فى أوروبا: القومية والليبرالية والاشتراكية، والتى تشكل سبلا بديلة نحو تحقيق الحداثة. لكن الحداثة كانت هى الحداثة. وعلى الرغم من أن العالم العربى كان يتحدى هيمنة الأوروبيين وخططهم الإمبريالية، لكنه فى نفس الوقت استطاع تقبُّل تفكير الأوروبيين ورؤيتهم للمجتمع والسياسة، كأرضية مشتركة تدور على أساسها الخلافات والمعارك، وعليها يمكن التوصل إلى الحلول الوسط.
والآن، فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، توصَّلَت الحكومات الأوروبية إلى أن الحركات الإسلامية هى أهم من يجب أن تتحاور معه فى المجتمعات العربية، إذا أرادت أن يكون لها دور فى تطور جيرانها الجنوبيين. لكن إدارة عملية الحوار ليست سهلة لأكثر من سبب، بعضها واضح والبعض الآخر أقل وضوحا، نكتشفه بالتدريج:
فأولا، تحتاج الحكومات فى أوروبا إلى وضع مجموعة من الضوابط تختلف من بلد لآخر. فهى من ناحية، عليها جميعا أن تتعامل مع المفارقات الناجمة عن الحاجة للاحتفاظ بعلاقات جيدة مع نظم استبدادية وتقديم دعم طويل المدى لها، ومن ناحية أخرى، الرغبة فى الاتصال بقوى المعارضة الرئيسية التى تحاربها نفس تلك الحكومات أو تحتويها فى أفضل الأحوال.
ولا يكون الاختيار أكثر سهولة أمام الحكومات الأوروبية، إلا عند حظر الأحزاب الإسلامية كما فى تونس أو سوريا، حيث تضطر للتركيز على العلاقات مع الحكومات والتوقف عن أى اتصال جاد مع المعارضة. لكن بالنسبة لمعظم البلدان العربية، مازالت قائمة معضلة الأمن فى مواجهة الديمقراطية. على سبيل المثال، عندما تبحث الحكومات الأوروبية أهمية الحركة الإسلامية فى الجزائر، ترى مشهدا مقسما بين العديد من الجماعات الصغيرة الشرعية لكن الأوروبيين يمتنعون فى الغالب الأعم عن الاتصال بها. فالحكومة الجزائرية شريك إستراتيجى فى الأمن، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، كما أنها مورد رئيسى للغاز. وتعتبر حوافز الاتصال بالإسلاميين ضئيلة، فى حين أن ثمن الابتعاد عن الحكومة باهظ للغاية. ويسرى المنطق نفسه على مصر، على الرغم من أن أهمية الإخوان المسلمين وحضورهم فى البرلمان، يجعل منهم طرفا مهما بالنسبة للأوروبيين. فدور مصر كراعية لحالة اللا حرب مع إسرائيل وضامنة لأمن إسرائيل، من الأهمية بحيث لا ينبغى الابتعاد عن الحكومة المصرية.
أما حالة حماس وحزب الله فتعتبر أكثر صعوبة، هنا أيضا تتصل بهما الحكومات الأوروبية، الواحدة بعد الأخرى، من منطلق أنهما قوتان سياسيتان شرعيتان فى بلديهما، ولن يكون هناك حل فى لبنان أو فلسطين بدونهما.
وقد جرى طرح هذه المعضلات للبحث وتحليلها بكثافة، ويبدو أنها حُسمت بشكل عام لصالح الانفتاح على الحركات الإسلامية. التغيير فى خطاب النخب الحاكمة فى أوروبا أصبح واضحا ويتردد صداه بصورة متزايدة فى المؤتمرات والمناقشات الخاصة. على أن الأقل وضوحا، هو عدم الارتياح السائد تجاه المحاورين الإسلاميين، الذى نراه فى مواقف كثير من المسئولين الأوروبيين. فعلى أى مستوى يجب أن يكون التواصل؟.. وما هى أفضل الإدارات فى وزارات الخارجية المهيأة لهذا التعامل؟.. وما هى الاعتبارات الداخلية التى يجب مراعاتها حتى يقوم مثل هذا الانفتاح؟ وما هى على وجه الدقة الأهداف التى نرمى إلى تحقيقها من ورائها؟
ليس هناك إجماع بين الرأى العام والحكومات فى أوروبا على هذه المسألة. وقد أدارت الحكومات التحول باتجاه التعامل مع الإسلاميين على أساس اعتبارات إستراتيجية وسياسية، داخلية وخارجية على حد سواء. ويبدو أن وجود جاليات مهاجرة كبيرة من المسلمين كان له دور مهم فى قرارت فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا بالتعامل مع الإسلاميين، وكذلك جميع البلاد التى تعيش بها جاليات إسلامية مهاجرة مهمة. لكن نفس هذه الحكومات تجد نفسها تفعل هذا فى مواجهة رأى عام معاد إلى حد كبير للإسلام، وجدل عام مشحون بأفكار نمطية سلبية عنه. فالمكتبات تعج بالكتب الأكثر مبيعا عن مصير النساء المروع فى المجتمعات المسلمة، وهناك الإدانات العنيفة بين المفكرين الأحرار والمثقفين المسلمين، الذين تتهم أفكارهم بتقديم الأساس لتبرير الإرهاب.
وفى الدوائر الحكومية، يعترف الموظفون العموميون بأنهم يشعرون أحيانا بعدم الارتياح عند تأييدهم للتعامل مع الإسلاميين، بوصفها سياسة لا تحظى بالشعبية بين زملائهم بل إنهم يمكن أن يتعرضوا للتشهير بسبب الشك فى تعاطفهم مع الإسلاميين، وهو شك يمكن أن يؤثر على وظائفهم. وفى بعض الحالات، عندما تضع الوزارة نفسها قرار التحاور على رأس أولوياتها، فإن المقاومة تأتى من دبلوماسيين أفراد داخل الوزارات. وفى إحدى المرات، سرب دبلوماسيون عن عمد معلومات للصحافة عن اتصالات سرية فى محاولة لنسف سياسة وضعتها حكومتهم، يعتبرونها خطيرة. ويلمس المرء بوضوح بالتجاذب بين ما يعتبر ضرورة سياسية، وما يعد نفورا ثقافيا واسع النطاق. وقد أجرت باحثة أوروبية استقصاء مهما داخل الوزارات الأوروبية، اكتشفت من خلاله أن الدبلوماسيين لا يشعرون غالبا بتمكنهم من اللغة العربية بالقدر الذى يسمح لهم بإدارة حوارات مهمة مع الإسلاميين.
وهناك مصدر آخر للالتباس يرجع إلى أن معظم الحكومات أنشأت إدارات محددة داخل وزاراتها وفى سفاراتها لدى البلاد المسلمة، دورها هو تعزيز الحوار مع العالم الإسلامى. لكن العملية البيروقراطية نفسها تعكس الارتباك بشأن طبيعة هذا الحوار، والمتحاورين المشاركين فيه. وقد توصلت المملكة المتحدة، على سبيل المثال، إلى نهج منسق متكامل بين الوزارات، يجمع بين الدبلوماسيين المتصلين بالإسلاميين فى الخارج وبين ممثلين عن الاستخبارات لتعزيز أفضل السبل لضمان أفضل تنسيق بين الأبعاد الداخلية والخارجية للإسلام السياسى. مع رؤية واضحة للأمن ومكافحة الإرهاب.
وأنشأت كل من إسبانيا وألمانيا وحدات خاصة داخل وزارتى الخارجية فى البلدين للحوار بين الأديان، والحوار بين الحضارات. وحتى فرنسا العلمانية، وسعت من نطاق وحدة التخطيط السياسى لتشمل الشئون الدينية، وتضم فريقا خاصا بالإسلام. وتثير هذه التعديلات التساؤل بشأن نوع الحوار الذى تريده أوروبا: هل هو دينى، أم ثقافى، أم سياسى؟.. وهل يمكن أن تكون نفس الوحدة مسئولة عن العلاقات مع كل من الفاتيكان، ولاعبين سياسيين كالإسلاميين؟.. ويعرب كثيرون من ممثلى الحركات الإسلامية عن استيائهم لقصر الحوار معهم على مناقشة الإسلام والقيم الإسلامية بدلا من تناول المشكلات السياسية والاجتماعية التى تشكل قوام مطالبهم وحركتهم.
وهناك أمر غامض أخير فى الغرض من هذه الاتصالات: هل هى معدة لاختبار الإسلاميين فى قيمهم؟.. أم لتشجيع الديمقراطية؟.. أم لتحسين صورة أوروبا فى العالم الإسلامى؟.. حتى الآن، يبدو أن الأوروبيين انخرطوا فى علاقات شخصية مع الإسلاميين لابد من إرسائها، قبل القضاء على الفوضى والتحامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.