رئيس هيئة قضايا الدولة في ضيافة جامعة المنصورة    حسن عبدالله يفوز بجائزة جلوبال فاينانس لأفضل محافظى البنوك المركزية فى العالم    وزارة قطاع الأعمال تؤكد التزامها بتحديث الأصول الفندقية وتعزيز التعاون مع شركات عالمية    الإجراءات والحقوق.. ما هي شروط مد خدمة المعلمين بعد التقاعد 2025؟    عاهد فائق بسيسو وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني ل"صوت الأمة": نبدأ الأن مرحلة مفصلية عنوانها "إعمار غزة من تحت الركام"    الأهلي يكسب ضربة البداية في أفريقيا بقيادة توروب.. فوز 1-0 على إيجل نوار    بتهمة ممارسة الفجور.. السجن 5 سنوات للطالب المنتحل صفة أنثى لنشر مقاطع فيديو تحت اسم «ياسمين»    بتهمة بث فيديوهات خادشة.. إحالة التيك توكر «علياء قمرون» للمحكمة الاقتصادية    طقس الأحد.. مائل للبرودة صباحا حار نهارا والعظمى بالقاهرة 30 والصغرى 20    هاني رمزي ومحمد كريم أبرز حضور عرض فيلم "أب أم أخت أخ" ب"الجونة السينمائي" (فيديو وصور)    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة آرسنال × فولهام Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-26    الفلبين تجلي عشرات الآلاف خوفًا من العاصفة "فينغشين"    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزا عسكريا وسط دير جرير شرقي رام الله    إثارة وتشويق.. طرح البرومو الرسمي ل فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم ومايان السيد    نائب وزير الصحة تستقبل وفدا عراقيا لبحث التعاون في مجالات تنمية الأسرة والصحة السكانية    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    إيرادات "أوسكار عودة الماموث" تتخطى 6 ملايين جنيه في 3 أيام    مصطفى فكري: نادي الشمس على أعتاب مرحلة جديدة من الريادة والإنجازات    بسبب الهرج والمرج.. وكيل تعليم دمياط يحيل إدارة مدرسة للتحقيق    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب والكي الكهربائي بمستشفيي بنها ودمنهور التعليميين    رامي ربيعة يقود العين ضد بني ياس في الدوري الإماراتي    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    مصرع سيدة وإصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    ضبط لحوم غير صالحة وتحرير 300 محضر تمويني خلال حملات مكثفة بأسيوط    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    موقف الدوسري من اللحاق بمباراة الهلال والسد القطري    القاهرة الإخبارية: بحث مكثف فى خان يونس لاستخراج رفات الرهائن الإسرائيليين    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    اكتشف أجمل الأفلام الكرتونية مع تردد قناة 5 Kids الجديد لعام 2025 على النايل سات والعرب سات    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 18-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية جديدة للنهر الخالد
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 05 - 2011

منذ 7000 سنة كاملة وللمرة الأولى فى التاريخ تقف مصر فى مواجهة تهديد يتعلق بحقيقة حياتها ووجود شعبها، هذا التهديد يحوم حول مياه النيل شريان الحياة الذى تمركزت حوله حياة الشعب المصرى منذ فجر التاريخ، وباتت مسألة مياه النيل بمثابة بوتقة تتفاعل فيها مجموعة متنوعة من المتغيرات الدولية والإقليمية لأطراف متعددة لكل منها رؤيته وتوجهاته ومصالحه وأهدافه، ولعل إثيوبيا دون كل هذه الأطراف هى المعنى الحقيقى والطرف الأصيل الذى يجب أن نلتفت إليه بمزيد من الاهتمام لرؤيته ومصالحه بصورة تتجاوز مسألة مياه النيل إلى ما هو أبعد وأعمق نحو المستقبل.
●●●●
إن النظر إلى العلاقات المصرية الإثيوبية من المنظور الضيق لمسألة مياه النيل يعد اختزالا لصرح هائل من الروابط المشتركة على مختلف الأصعدة، ولعل الجذور التاريخية الدينية المشتركة تعد نموذجا مثاليا لعلاقة وطيدة تمتد إلى 1700 سنة، فتاريخ العلاقة بين الكنيسة المصرية والإثيوبية يعود إلى النصف الأول من القرن الرابع الميلادى حين قام بابا الإسكندرية «اثناسيوس الرسولى» بإرسال أول أسقف لإثيوبيا وهو الأنبا سلامة فى عام 330م منذ ذلك الحين جرى التقليد أن يكون رأس الكنيسة الإثيوبية هو أسقفا مصريا يرسله بابا الإسكندرية وبذلك تعتبر كنيسة الإسكندرية بمثابة الأم لكنيسة إثيوبيا واستمرت مصر فى إرسال مطران لإثيوبيا حتى عام 1909 عندما توج أول بطريرك إثيوبى للكنيسة الإثيوبية.
وخلال تلك الفترة الطويلة من الزمن قام الأساقفة المصريون بدور مهم فى تنظيم الكنيسة الأثيوبية وفى تشكيل الطقوس والتقاليد الاحتفالية والتعبدية، حتى إن التقويم الإثيوبى نفسه هو التقويم القبطى والاحتفال الرسمى الكبير برأس السنة فى إثيوبيا هو احتفال برأس السنة القبطية المصرية، واعتاد الحجاج الإثيوبيون القدوم إلى مصر عقب الاحتفال بعيد الغطاس فيعبرون الصحراء غربا إلى النوبة حيث يزورون أديرتها وكنائسها، وتستمر رحلتهم مرورا بحصن بابليون وكنائس مصر القديمة ثم المطرية حيث بئر مريم ومنها إلى كنيسة مارجرجس.
●●●●
ولا ينسى المسلمون أبدا أن إثيوبيا كانت فى فجر الإسلام ملاذا وملجأ للمسلمين الأوائل من اضطهاد قريش وتنكيلها بهم، فهاجروا إليها يلتمسون الأمان عند ملكها النجاشى، وعندما أرسلت قريش فى أعقابهم عمرو بن العاص على رأس وفد محمل بالهدايا يطلب تسليمهم، رفض النجاشى وطلب الاستماع إلى المسلمين وحجتهم، واستدعى جعفر بن أبى طالب وكان المتحدث عنهم فدار بينهما الحوار الشهير فى وصف الإسلام ورسالته، حتى قول النجاشى: هل معك شىء مما جاء به رسولكم؟ فقرأ جعفر من أول سورة مريم، فبكى النجاشى حتى ابتلتَ لحيته، وبكى الأساقفة النصارى، ثم قال النجاشى: إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم اتجه إلى عمرو بن العاص، فقال له انطلق فوالله لا أسلمهم إليك أبدا ولا أكاد، ثم رد عليه الهدايا وصرفه.
أما عن الروابط الوثيقة التى تربط بين مسلمى إثيوبيا والجامع الأزهر الشريف، فليس أدل عليها من أن هناك رواقا خاصا فى الأزهر يسمى برواق الجبرتة وكان مقر الطلبة الإثيوبيين، وفيه أقام العديد من جهابذة العلماء ومنهم المؤرخ الكبير الشيخ عبدالرحمن الجبرتى المؤرخ الشهير.
اقتصاديا كانت مصر ممثلة فى البنك الأهلى المصرى هى من أقامت أول نظام مصرفى حديث فى إثيوبيا بإنشائها بنك الحبشة عام 1905‏ وذلك فى زمن الخديو عباس حلمى الثانى والإمبراطور منليك، وقد جاء بنك الحبشة فرعا للبنك الأهلى المصرى، حيث تولى مسئولية سك العملة‏ وطبع الأوراق المالية‏ والتبادل الحر فى الذهب والفضة‏ وتخزين البضائع‏ واستثمار المال العام‏ بمعنى آخر كان بنك الحبشة بمثابة البنك المركزى والتجارى الوحيد فى إثيوبيا‏.
أيضا كانت مصر وكجزء من توجهاتها الحميدة تجاه إثيوبيا وراء اختيار أديس أبابا لعقد مؤتمر تأسيس ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 وكذلك تأييدها لاختيار أديس أبابا كمقر للمنظمة فى بادرة طيبة تجاه أثيوبيا برغم أن القاهرة آنذاك كانت تقود حركات التحرر الأفريقى وتدعمها وما كان أسهل عليها من أن تكون هى مقر المنظمة.
●●●●
ولا يمكن فى ظل ما سبق أن يتم تناول العلاقات المصرية الإثيوبية الراهنة من منظور الصراع لأن عوامل التعاون والتكامل هى بالفعل أقوى كثيرا من عوامل الاختلاف والتباين، وبقدر ما تنظر مصر إلى مسألة مياه النيل باعتبارها مسألة حاسمة تتعلق بأمنها القومى، فإن مصر تنظر أيضا إلى حق إثيوبيا ودول حوض النيل فى تنمية مواردها وإمكاناتها الاقتصادية، فى إطار من التنسيق المشترك الذى يقوم على المصارحة والمكاشفة ويحقق توازن المصالح بين جميع الأطراف.
لقد كان تقصير النظام السابق على جميع مستوياته فى معالجة مسألة مياه النيل طوال ثلاثين عاما تقصيرا فاضحا أسفر عن تغييب روح مصر عن ذلك النهر الذى ارتبطت حياتها به منذ فجر التاريخ، وفى ظل هذا التغيب انتهزت أطراف مختلفة الفرصة للدخول كل بأجندته ورؤيته، وكانت المحصلة تراجع غير مسبوق فى دور وتأثير مصر فى تلك المنطقة الحيوية، ولقد أدركت مصر 25 يناير هذه الحقيقة فكانت الزيارة الناجحة لوفد الدبلوماسية الشعبية إلى أوغندا وإثيوبيا وبها فتحت صفحة جديدة فى العلاقات المصرية مع دول حوض النيل.
●●●●
وعندما تكون أفريقيا عموما ودول حوض النيل على وجه الخصوص بمثابة بند رئيسى فى استراتيجية إسرائيل وتوجهات سياستها الخارجية، فإن ذلك يستوجب الرصد الدائم لهذه التوجهات الإسرائيلية، والوقوف على دلالاتها وأبعادها وأهدافها، ويفرض الأمر علينا أن نتساءل عما يمكن أن تقدمه إسرائيل لهذه الدول ولا تستطيع أن تقدمه مصر بكل إمكاناتها، ولماذا نجحت إسرائيل فى النفاذ إلى هذه الدول وتعزيز وجودها ونفوذها السياسى ومصالحها الاقتصادية، كذلك أهمية استيعاب أجندات القوى الكبرى وسياساتها ومصالحها فى هذه المنطقة وتأثيرها على المصالح المصرية، وهو ما يعنى حتمية رسم استراتيجية جديدة لصياغة علاقاتنا السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول حوض النيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.