لأن السياسة فى الأشهر التالية للثورة أصبحت المحدد لمصير مؤشرات البورصة، ولقرارات المستثمرين بضخ أو سحب الأموال من السوق، سألت «الشروق» حسين شكرى، رئيس إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، أكبر الشركات العاملة فى مصر من حيث عدد الصناديق المدارة، عن تقييمه للمخاطر السياسية للمرحلة الحالية، وانطباعات المستثمرين عن السياسات المالية والاقتصادية المطروحة. ●هل كنت تضع إمكانية حدوث ثورة ضمن المخاطر السياسية المحتملة فى السوق المصرية؟ كنت أقول للمستثمرين إن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، ولكن لم أتوقع تغييرا بهذه الضخامة والجذرية والسرعة، وأن يأتى إلى حد كبير على نحو سلمى. وحتى إن كان للثورة الآن آثار سلبية على الاقتصاد على المدى القصير، فلا مانع أن نضحى قليلا لينعم الجميع بالازدهار. ●ما هى أبرز الآثار الإيجابية للثورة على بيئة الاستثمار فى رأيك؟ تأسيس دولة القانون، خصوصا أن اقتصادنا يعتمد بشكل كبير على الاستثمار الأجنبى، بسبب انخفاض معدلات الادخار، والمستثمر الأجنبى يأتى من بيئة يسود فيها القانون ونحن كنا بالنسبة له استثناء خاصا، فقد كانت فى مصر قوانين واضحة ولكن كل شىء كان يحتاج إلى دفعة من شخص ما أو جهة ما لتسهيل الأمور. ●هل ستساهم سيادة القانون فى تغيير خريطة الاستثمار فى مصر؟ لقد كانت هناك تربيطات فى السوق المصرية، وممارسة الأعمال بالطريقة السابقة ستتغير، ومن استفاد عن طريق التربيطات السابقة ليس بالضرورة أن يستمر بنفس أدائه بعد الثورة. أنا متأكد أن دولة القانون ستتأسس وأن الشعب المصرى يستطيع أن يحمى ثورته، فالتحدى الذى تغلب عليه المصريون أكبر بكثير من التحديات المقبلة فى رأيى. ●كيف كنت تحمى نفسك فى مناخ الاستثمار القائم على التربيطات قبل الثورة؟ كنا حريصين منذ بدء عملنا على احترام القانون وعدم الاقتراب من أصحاب النفوذ، فإما أن تلعب سياسة أو تستثمر وتدير الأموال، ولكن الجمع بين الاثنين معا أمر غير سليم، فنحن ندير أموال الناس ومهنتنا تقوم على السمعة. لذلك لم أبذل مجهودا بعد الثورة، مثل آخرين، لنفى علاقتى برموز النظام السابق. ●أعلنتم عن فتح باب الاكتتاب فى صندوق استثمار «تداول» خلال هذا الشهر، فى الوقت الذى يرى فيه البعض أن الوضع الاقتصادى متدهور، فهل أنتم واثقون من تغطية الاكتتاب؟ بالطبع، وسنفتح الاكتتاب على صندوق «مصر المستقبل» أيضا هذا الشهر، وسنعلن عن نحو ثلاثة صناديق أخرى قبل نهاية هذا العام، هذا بخلاف ما نديره حاليا من عمليات للاستحواذ فى السوق المصرية. أنا لدى ثقة من أن مصر ستعبر تلك المرحلة بعد تعيين حكومة دائمة. ويعتبر شراء وثائق صناديق الاستثمار الآن فرصة جيدة لأنها أقل من أسعارها قبل الثورة بنحو 40%. قد يكون لدينا أزمة اقتصادية ولكن قاعدتنا الإنتاجية سليمة، وقد تكون معدلات التداول فى البورصة انخفضت ولكن هناك مستثمرين يشترون ويبيعون أسهما ب500 مليون و700 مليون جنيه يوميا. ●إلى أى مدى تأثرت أعمالكم فى سوريا بالأحداث السياسية الجارية هناك؟ قبل تلك الأحداث كنا قد وقعنا عقدا لإدارة صندوق استثمار مباشر هناك، وكان ذلك بداية لنشاط بنوك الأعمال والاستثمار المباشر فى سوريا، ولكن تم تجميده بسبب تلك الاضطرابات. ولكن فى المقابل مكتبنا فى دبى لديه مجموعة من عمليات الاندماج والاستحواذ فى المنطقة العربية. ●فى ظل المناخ الديمقراطى الحالى ما هى أبرز التوجهات الاقتصادية المطروحة التى تقلقك كمستثمر؟ هناك دعاوى للعودة إلى السياسات الاشتراكية وإلغاء القطاع الخاص، كرد فعل لفساد النظام السابق، وأنا لا أدافع عن هذا النظام، ولكن إذا كان النموذج الليبرالى قد تخللته ممارسات فاسدة وغابت عنه التوجهات الاجتماعية فعلينا أن نصلح ذلك الوضع، ولا نغير التوجه. كذلك هناك عدم وضوح رؤية بشأن محاكمات رجال الأعمال بخصوص شراء الأراضى فى العهد السابق. ● أليست تلك المحاكمات فى إطار دولة القانون التى تدافع عنها؟ لقد عرضت الحكومة الأراضى فى العهد السابق بأسعار معينة، وهذه مسئولية الحكومة، ولا يصح أن أحاكم المستثمر على السعر الذى اشترى به الأرض. ●ما رأيك فى الدعوة لتطبيق الضرائب التصاعدية؟ نحن فى فترة استثنائية، ومعدلات العجز تقلقنى، لذلك لا مانع من طرح كل الأفكار ومنها فرض الضرائب على الدخول المرتفعة، فمن الممكن أن نغير سياساتنا المالية لبضع سنوات حتى نتجاوز الوضع الحالى، فالولايات المتحدة مثلا خفضت الضرائب لفترة معينة بهدف دفع عجلة الاستثمار، ولكن المهم أن يتم ذلك فى إطار دراسة لجدوى هذا التعديل فى السياسة المالية، وكل البدائل مطروحة، فهناك أيضا مشكلة دعم المنتجات البترولية للقادرين التى يجب مواجهتها. ●هل ترى أن مجتمع الأعمال لديه إحساس كاف بالمسئولية لتحمل أعباء جديدة كرفع الضرائب؟ مجتمع الأعمال وطنى مثل كل المصريين ولو وضعت أمامه كل الحقائق سيتحمل نصيبه من المسئولية. ●هل تقدم أى من التيارات السياسية المطروحة سياسة اقتصادية بديلة؟ لم أر أى تيار سياسى حتى الآن يقدم رؤية اقتصادية متكاملة، نحن فى حاجة إلى حوار وطنى على المستوى الاقتصادى.