إلى الرئيس الأمريكى المحترم: ثمة من قال فى إسرائيل إن حدود 1967 تذكرنا بأوشفيتس «معسكر الإبادة النازية»، وهذا الكلام ليس لأعضاء كنيست من الليكود أو من اليمين، ولا جاء على لسان شخص عنصرى أو متطرف، وإنما قاله أبا إيبان، أكثر وزراء خارجية إسرائيل اعتدالا، وإحدى أهم الشخصيات اليسارية البارزة فى حزب العمل. وتنطوى هذه المقارنة على وجهة نظر أوسع من ذلك بكثير، إذ إن الدفاع عن أى مدينة فى إسرائيل انطلاقا من حدود 1967 هو أمر فى غاية الصعوبة. فمن الصعب الدفاع عن نتانيا التى تبعد 14 كيلومترا عن هذه الحدود، وعن بئر السبع الواقعة على بعد 16 كيلومترا، وعن حيفا الموجودة على مسافة 30 كيلومترا، وطبعا لن نستطيع الدفاع عن مطار بن جوريون الذى يبعد ستة كيلومترات عن حدود 1967، كذلك من سيجرؤ على السفر من مطار يقع فى مرمى صواريخ «حماس»؟ ليس هناك فى إسرائيل من يقبل العودة إلى الوضع الذى كان قائما عشية حرب الأيام الستة «حرب 1967». هذا من دون أن نتطرق إلى الحقوق التاريخية التى يملكها شعب واحد فى العالم على هذه القطعة من الأرض. إن يهودا والسامرة «الضفة الغربية» هى مهد الشعب اليهودى، ويا سيدى الرئيس، هناك 300.000 إسرائيلى اختاروا العيش وراء الخط الأخضر. لقد وضع مناحم بيجن سياسة تبنتها أغلبية الحكومات الإسرائيلية تقول إن «الخط الأخضر تحطم وسقط، ولن يعود أبدا». ربما لم تسمع، سيدى الرئيس، بوجهة نظر بيجن، لكن هناك رؤساء أمريكيون تعرفهم بالتأكيد مثل كلينتون وبوش وريجان دعموا حق إسرائيل فى الاحتفاظ «بحدود يمكن الدفاع عنها»، وتشكل ضمانة لأمنها على الجبهات كافة. فعندما قررت السلطة الفلسطينية الاتفاق مع «حماس، بات لمسألة الحدود أهمية فائقة. ثمة من انتقد الكلام الذى قاله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فى نهاية لقائه الرئيس أوباما بشأن رفض إسرائيل العودة إلى حدود 1967. يبدو أن هؤلاء لا يدركون معنى الزعامة التى من واجبها الدفاع عن المصالح الوطنية فى الأوقات الصعبة. لقد سبق أن مررنا بخلافات مع البيت الأبيض، ودفعنا ثمنا غاليا. إذا ما أظهرنا قوة وتصميما ووحدة وطنية نستطيع أن نجتاز سبتمبر 2011 بصورة أفضل بكثير مما يتحدث عنه المتشائمون. وفى النهاية، فإن الرئيس الأمريكى شدد فى كل الخطابات التى ألقاها الأسبوع الماضى على أن النزعات تحل بالمفاوضات لا بالخطوات الأحادية الجانب.