على الرغم من بداية مشروع شرق العوينات بمنطقة الصحراء الغربية بالوادى الجديد فى نهاية التسعينيات بهدف استصلاح وزراعة مساحات من الأراضى الصحراوية باستخدام مياه «الخزان الجوفى» وتخصيص آلاف الأفدنة للعديد من الشركات فإن الأمر حتى الآن لا يتعدى فى كثير من الحالات مجرد «لافتات». يحدث ذلك فى الوقت الذى أصدر فيه وزير الموارد المائية والرى حسين العطفى مؤخرا قرارا بتشكيل «جهاز الموارد المائية لمتابعة ومراقبة الاستثمارات المختلفة بمنطقة شرق العوينات ورصد المخالفات المرتكبة من قبل المستثمرين ووضع ضوابط جديدة لاستخدام الرى المطور الحديث للحفاظ على الخزان الجوفى بالمنطقة، حسبما كشف ل«الشروق» مدير عام الإدارة العامة للمياه الجوفية بالداخلة المهندس عبدالجواد المقدم. سيكون على الجهاز الجديد بالقطع مراجعة نشاط عشرات الشركات الزراعية الاستثمارية التى سعت منذ البداية للحصول على مساحات تتراوح ما بين 5 و10 آلاف فدان بالمشروع بنظام القطع المرقمة فضلا عن تصاريح حفر آبار مياه جوفية، ثم فضل الكثير منها بيع الأرض أو تأجيرها من الباطن فيما اتجه آخرون نحو التسقيع معتمدين على القاعدة المعروفة: «الأرض كل يوم فى زيادة». هذا ما تؤكده محاضر المرور والمعاينة على الطبيعة التى قامت بها لجنة تضم أعضاء من الجهاز المركزى للمحاسبات ومندوب من الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية وآخر من مديرية الزراعة ورئيس الوحدة المحلية لقرية العين بشرق العوينات، ومع ذلك لم يحدث إلى الآن شىء. تكشف المحاضر مثلا أن شركة تابعة لمكتب يدعى «البركة» حصلت على خمسة آلاف فدان فى نوفمبر 2002 ولاتزال المساحة بكاملها «بور». الأرض تقع فى نهاية الطريق الرئيسى لأرض المستثمرين وتوجد كثبان رملية أدت إلى صعوبة الوصول إليها كما لا توجد بها آبار مياه ولا نشاط للإنتاج الحيوانى أو أنشطة للتصنيع الزراعى أو أى شىء. ولم يختلف الأمر كثيرا بالأرض المخصصة لشركة تسمى «القطا بشرى زخارى»، والتى حصلت على عشرة آلاف فدان عام 1999 ولم يستدل على الآبار التى تم تنفيذها بالقطعة والواردة بتقارير المتابعة السابقة، والأرض لاتزال «بور»، وهو الشىء نفسه بالنسبة لشركة الشمس لاستصلاح الأراضى والتى تضم عشرة آلاف فدان حصلت عليها عام 1998. أما شركة «أبناء الواحة» والتى تحتوى على مساحة عشرة آلاف فدان فورد بالتقرير أن الأرض بور على طبيعتها بخلاف مساحة 250 فدانا مستصلحة ولا يوجد بها أى زراعات، كما أن الطريق الموصل للقطعة غير صالح للاستخدام. وظهر بتقرير شركة وادى كوم امبو لاستصلاح الأراضى والمستحوذة على عشرة آلاف فدان أن القائم فعليا باستثمار الأرض شركة تدعى سنابل الخير وممثلها سعودى يدعى غالب الفقية، وأنها مستأجرة من وادى كوم امبو ولا توجد زراعات بالقطعة. وحين نأتى لإحدى الشركات التابعة لهيئة الأوقاف المصرية والتى تضم 10 آلاف فدان، نجد أنها قامت بتأجير الأرض لشركة جنان الإماراتية وبها 80 بئرا، وأغلبها مستصلحة. أما الشركة المصرية الأمريكية فقد حصلت على عشرة آلاف فدان وتضم بعض الزراعات مثل البرسيم الحجازى ومساحات من القمح، وبها 74 بئرا ومستصلح بها 6000 فدان. أما شركة «سدرة الزراعة» والتى تحتوى على خمسة آلاف فدان تسلمتها فى2001 وأغلب الزمام أرض بور ونفذ بها 3 آبار، وهناك الشركة الأمريكية المصرية لتنمية الساحل الشمالى وتضم عشرة آلاف فدان من الأرض بور على طبيعتها وبها عدد 2 بئر غير مركب لها شبكات رى وتسلمت الأرض منذ أكتوبر 1998. وإلى الآن منذ بداية المشروع لا يوجد سوى ثلاث شركات فقط تنفذ مخطط التنمية بشكل يقترب مما جاء فى الدراسات الأولية للمشروع، وهى مزارع قطاع الإنتاج التابعة لوزارة الزراعة والمخصص لها القطعة رقم 3 حيث يوجد بها 10 آبار وتتنوع بها الزراعات المختلفة وهناك شركتان حصلتا على مساحات من شركة قطاع الإنتاج ويستصلحون ويزرعون بالفعل فى ظل وجود 110 آبار ووصول المساحة المستصلحة إلى 10700 فدان. كما نجحت الشركة الوطنية التابعة لوزارة الدفاع فى استصلاح 40 ألف فدان وتضم المساحات زراعات محاصيل شتوية ومحاصيل صيفية ومزارع بساتين وتضم مناحل وأزواجا من الحمام ورءوس الأغنام والماعز، وكذلك شركة كليوباترا المملوكة لرجل الأعمال محمد أبوالعينين. فى زيارة اللواء جمال إمبابى محافظ الوادى الجديد لمشروع شرق العوينات طالب المستثمرون بإنشاء وتمهيد طريق بطول 90 كم حتى يتسنى لهم الوصول لقطع الأراضى بالمساحات الكبرى بالمشروع ويتم البدء فى الاستصلاح وتحجج بعض المستثمرين المتباطئين بعدم وجود طريق وتراكم الكثبان الرملية والذى يعد عائقا فى الإستصلاح. هذا ومنذ إنشاء المشروع حتى تاريخه وأبناء المحافظة يتساءلون: أين منتجات شرق العوينات، حيث لم يتم طرح أى نوع من الخضراوات أو الفاكهة فى الأسواق للمستهلكين ولا بوادر لاستصلاح أو تنمية أو جنى ثمار. وإزاء ذلك يبقى الأمل معلقا على «جهاز الموارد المائية» الذى أعلنت وزارة الرى عن تشكيله ويترأسه رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الرى ويضم ممثلين من القوات المسلحة والشرطة ووزارة العدل ومتخصصين فى الموارد المائية والمعاهد البحثية المهتمة بالموارد المائية بالإضافة إلى آخرين من وزارة الزراعة والاستثمار. وهو الجهاز الذى سيكون من مهامه، حسبما يقول مدير عام الإدارة العامة للمياه الجوفية بالداخلة، حصر المساحات الزراعية للمستثمرين والشركات الاستثمارية والتأكد من جديتهم فى الاستصلاح والإنتاج من عدمه.