«ملف أراضى المستمثرين مهم جدا، ويجب أن تتعامل معه الدولة اقتصاديا، وليس سياسيا، فالدولة يجب عليها أن تدقق فى فى معاملة المستثمرين، أى أن تفرق بين المستثمر الجاد، الذى ينتوى تنفيذ استثماراته، حتى لو كان التعاقد به خطأ تسبب فيه مسئول فى مصر، وبين المستثمر غير الجاد»، هذا ما أكده، شوقى السيد، أستاذ القانون الدولى. وكانت شركة داماك العقارية قد أعلنت مساء أمس الأول، فى بيان لها، عن اعتزامها رفع دعوى قضائية ضد مصر أمام مركز أكسيد لفض المنازعات، وذلك بعد أن قضت محكمة مصرية يوم الثلاثاء الماضى على صاحب الشركة حسين سجوانى بالسجن خمس سنوات مع وزير السياحة المصرى السابق، زهير جرانة، ورجل أعمال آخر فى قضية تخصيص أرض مملوكة للدولة مما أضر بالمال العام، وغرمتهم مبلغا يزيد على 293 مليون جنيه (49.34 مليون دولار)، كما حكمت برد الأرض. وتجدر الإشارة إلى أن داماك العقارية من أهم الشركات الإماراتية العاملة مصر، حيث ضخت منذ دخولها السوق فى 2006، استثمارات تقدر ب25 مليار جنيه، موزعة على 4 مشروعات عقارية، مشروع «بارك أفينو»، الذى يقع على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، ومشروع «هايد بارك» بالقاهرةالجديدة، وأخيرا أطلقت شركة داماك العقارية مشروعها الثالث وهو «بارك أفينو» القاهرةالجديدة. أما المشروع الرابع للشركة، فهو موضع الخلاف، حيث حصلت داماك على أرض تبلغ مساحتها 30 مليون متر مربع على طول ساحل البحر الأحمر (شمال الغردقة) فى عام 2006 لإقامة منتجع سياحى، هو الأكبر من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط. وأكدت شركة داماك، فى البيان التى أصدرته صبيحة صدور حكم إدانة رئيسها، عدم وجود دليل يتعلق بأية مخالفة من طرفه، معتبرة أن هذا الحكم اتخذ بدوافع سياسية وذلك كجزء من «حملة إدعاءات» مسيسة تستهدف أى رجل أعمال قام بتنفيذ عمل مع حكومة مبارك. وعلمت «الشروق» من مصادر مطلعة على ملف القضية أن الحكم الذى حصل عليه سجوانى، يستند إلى معلومات وأوراق تدل على عدم جدية المستثمر الإماراتى، حيث إنها تتعلق بمعاملات بنكية غير سليمة، والاهم من ذلك «هناك أوراق تثبت ارتكابه لمخالفات من أجل الحصول على مزايا وتخفيضات وتسهيلات غير شرعية»، بحسب قول المصدر، مشيرا إلى أن هناك عدة بلاغات قد وجهت إلى الشركة قبل قيام الثورة. ويوضح أستاذ القانون الدولى، شوقى السيد، أن اللجوء إلى التحكيم الدولى ليس له أى علاقة بالحكم الجنائى الذى صدر ضد سجوانى، فهو لا يطعن على الحكم لديها، بل هذه الدعوى لإدانة الدولة (مصر) لاختراقها شروط اتفاقية الاستثمار، التى تنص على حماية الاستثمارات الأجنبية لدى الدولة الموقعة للاتفاقية، وذلك من خلال طلب تعويض مثلا على سبيل المثال. ويشترط فى هذه الاتفاقية أن يكون المستثمر أجنبيا حتى يكون له حق اللجوء إلى «أكسيد»، وأن يكون الخلاف فى مجال الاستثمار. وعند اللجوء إلى اكسيد، يكون على الجانبين تشكيل هيئة للدفاع عنهما أمام المحكمة، وفى جميع الأحوال قبول الدعوى أو رفضها، يكون الحكم الجنائى الذى صدر فى مصر ملزما. ويوضح السيد أنه لا يصح، وفقا لهذه الاتفاقية، أن تقوم مصر بإدانة مستثمر أجنبى لأن مسئول فى حكومتها قد أخطأ، «هذا لن يكون شفيعا لها أمام اكسيد»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن الدولة مسئولة عن تعاقدتها، وهى التى يجب أن تتحمل فساد مسئوليها وأخطائهم، ولذلك «يجب عليها مراجعة أوراقها لأنها لن تتحمل التكاليف المرتفعة لهذه القضايا، و«كثرة القضايا المرفوعة ضد مصر قد تؤثر على سيرها مما لا يصب فى مصلحة الاقتصاد المصرى»، وفقا للسيد. ويضيف السيد: «هذا لا يعنى ترك أموال الدولة للنهب من قبل المستمثرين غير الجادين، والمرتشين، ولكننا نستطيع أن نعالج الأخطاء بطريقة أمثل، فلنتفاوض مع كل مستثمر على حدة، حتى لا ندفع فاتورة فساد السنوات السابقة مرتين. فنحن لن نحتمل خسارة الاستثمارات العربية من جهة، كما أن توالى البلاغات ضدنا أمام المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار (اكسيد) تضر بسمعتنا». ورفض نيال ماكلوجلين، النائب الأول للرئيس للاتصالات فى داماك العقارية، التعليق على أى من الاتهامات الاخرى الموجهة إلى رئيس الشركة قائلا: «لن نعطى أى معلومات إضافية سوى البيان الذى أصدرناه»، مشيرا إلى أن الشركة بصدد دراسة الموقف قبل إصدار بيان جديد أول الأسبوع المقبل.