من بين الأفلام التى تتنافس على السعفة الذهبية بمهرجان «كان» السينمائى الدولى فى دورته الثانية والستين، تبرز أفلام المخرجين الكبار التى انتظر الجمهور والنقاد عرضها منذ انطلاق فاعليات هذه الدورة، حيث عرض خلال اليومين الماضيين فيلمان لاثنين من كبار المخرجين، وهما الإسبانى بيدرو ألمودوفار الذى عرض له فيلم «الأحضان المحطمة»، والدانماركى لارس فون تراير الذى يشارك بفيلم «عدو المسيح». وفيما حظى الفيلم الأول بإعجاب الجمهور والنقاد معا، تباينت ردود الأفعال تجاه الفيلم الثانى وإن غلب عليها الشعور بالصدمة. «الأحضان المحطمة» تقوم ببطولته النجمة بينلوبى كروز التى اعتاد ألمووفار الاستعانة بها فى معظم أفلامه، كما تشاركها البطولة جوسى لويس، وتامار نوفاس وتدور قصة الفيلم حول رجل يكتب ويعيش ويحب فى الظلام، ويحكى الفيلم أنه قبل أربعة عشر عاما تعرض إلى حادث سيارة ولم يفقد فى هذا الحادث بصره فقط وإنما فقد حبيبته لينا التى تقوم بدورها كروز أيضا. ويعيش هذا الشخص باسمين هما هارى وهو الاسم المستعار الذى يوقع به كتاباته وقصصه والاسم الآخر هو ماتيو بلانكو وهو اسمه الحقيقى الذى يوقع به الفيلم الذى يخرجه، ويعيش حياته به والتى أصبحت شبه مأساوية وتجعله فى بعض الأحيان يعتقد أن ماتيو مات مع لينا فى الحادث الذى تعرض له بمفرده ليستطيع مواصلة حياته وكأنه شخص آخر، أما لينا فهى ممثلة تعيش مع المنتج العجوز ولكن فى تعاسة ولا تستطيع أن تفعل غير ذلك. مشاعر وأزمات يتحدث بيدرو عن فيلمه الجديد قائلا «الفيلم يعبر عن قصص الحب القوية التى تمتلئ بالعواطف والمشاعر الجياشة وتتعرض هذه القصص العاطفية للعديد من الأزمات والتى يصعب تخطيها فى الحياة»، مشيرا إلى أن الفيلم كان فى غاية الصعوبة لدمجه بين الدراما والكوميديا وهو الأمر الذى فاجأ الكثيرين فى المهرجان وبعد عرضه، حيث إن الكوميديا ليست من نوعية الأفلام التى يهتم بها أو تتميز بها أعماله السينمائية. وأضاف المخرج الإسبانى «أهم ما فى الفيلم هو أن شخصية ماتيو تعبر عن حبى للسينما وشغفى بها إلى جانب قصص الحب التى تعتبر هى محور الأحداث الرئيسى». وتابع «أرى أن هذه هى المرة الأولى التى يظهر فيها حبى للسينما وأعبر عنه بشكل واضح ليس فى جزء معين، وإنما فى الفيلم كله.. للسينما وللممثلين، ولمن يكتبون القصص وللمصورين ولكل ما يتعلق بصناعة الفيلم كما هى والتى تستطيع أن تقدم من خلالها الحياة ليس فقط بطريقة الاحتراف ولكن بالحب والعاطفة وهو ما قدمته فى هذا الفيلم وأتمنى أن يراه ويشعر به الجميع». ويبدو أن أفلام بيدرو ستظل مثار جدل بين الجمهور والنقاد لاستحواذها على قلب وعقل المشاهد والانتقال بهم إلى بعد آخر وذلك بفضل أسلوبه الخاص فى السرد والتعبير عن الأحداث والأفكار، وجاء هذا الفيلم مكملا لسلسلته الرائعة من الأفلام ليستحق بالفعل أن يكون داخل المسابقة الرسمية وينافس مع الكبار. يذكر أن المخرج الإسبانى من المرحب بهم فى القسم الرسمى للمسابقة، حيث سبق أن اشترك من قبل فى مهرجان كان بفيلم فولفر عام 2006 وفاز بجائزة أفضل سيناريو، وفى عام 1999 فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه «كل شىء عن والدتى». عاصفة الغضب على الجانب الآخر، عرض فيلم «عدو المسيح» للمخرج الدانماركى لارس فون تراير ليواجه عاصفة من الغضب وصلت إلى حد اعتبار البعض أنه أكثر الأعمال السينمائية إثارة للجدل خلال الدورة الحالية لمهرجان «كان»، بل رأى البعض أنه لم يكن يصلح للاشتراك فى المسابقة الرسمية. وتقوم ببطولة الفيلم الفرنسية شارلوت جاينسبورج والأمريكى ويليم دافوى ويدور حول زوجين يحاولان التغلب على أحزانهما بعد وفاة ابنهما الوحيد. يبدأ الفيلم بمشهد أبيض وأسود يعرض بالتصوير البطىء لحادثة وفاة الطفل ويحاول الزوج مساعدة زوجته للتغلب على أحزانها وتخطى الأزمة فيقومان برحلة سويا فى محاولة لتجاوز الأحزان قليلا وحل مشاكلهما ولكن تفقد الأم السيطرة على نفسها خلال الرحلة وتتغير الأمور من سيئ إلى أسوأ. وحاول صناع الفيلم، خلال المؤتمر الصحفى الذى أعقب عرضه، الدفاع عنه أمام عاصفة الهجوم التى تعرضوا لها من جانب الصحفيين والنقاد. وردا على سؤال حول أسباب تقديم الفيلم، قال مخرجه لارس فون تراير «لا أعتقد أننى يجب أن أبرر لنفسى شيئا أو أجد عذرا لتقديم الفيلم، ورغم أنكم ضيوفى إلا أننى وبكل بساطة لم أقدم هذا الفيلم الذى أعجب به كثيرا لكم أو للجمهور، وإنما لنفسى لذا لا أعتقد أننى مدين لأى أحد بتفسير». وأضاف «هذا الفيلم كان كالحلم بالنسبة لى وأخيرا نجحت فى أن أقدمه كفيلم.. ولكنه حلم مظلم يتناول الإحساس بالذنب من خلال الجنس»، معتبرا أنه أهم فيلم قدمه فى مشواره السينمائى رغم كل الهجوم الذى تعرض له. أما بطلة الفيلم شارلوت جاينسبورج فقالت «من أصعب المشاهد التى واجهتها فى الفيلم هى التى أمارس فيها الحب وفى الوقت نفسه يجب أن تظهر على ملامح وجهى المعاناة والأحزان»، مضيفة أن التجربة كانت جيدة ولم تحتج إلى استعداد خاص سوى اتباع ما يقوله لارس من إرشادات. من جانبه، قال ويليم دافوى «الأمر كله كان كالحلم واستمتعت كثيرا بوجودى وسط هذا الفريق ولارس هو مخرج فوق الممتاز وفى نظرى هو من أكبر صناع الأفلام فى العالم». ورفض الانتقادات الموجهة إلى الفيلم، وقال «أتفهم جيدا لماذا يقال كل هذا.. لأنهم وبكل بساطة يحاولون تفسير القصة ولكنهم لم يتفهموا أن الفيلم يتناول كل ما يمكن أن يكون بين رجل وامرأة»، مضيفا «أعتقد أن لارس قد قام بعمله على أكمل وجه ولا يستحق أن ينتقد بهذا الشكل خاصة بعد أن أعطانا عملا جميلا».