فى أول أبريل تلقى ايمانيول رسالة من رئاسة جمهورية رواندا تخبره بأنه تم اختياره لمنصب مدير الموارد المائية والكهرباء والرى بوزارة البنية الأساسية. وبعد توليه المنصب الجديد، كان أول قرار لإيمانيول إرسال خطاب شكر لمهندسى الرى بمصر وأساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة. ايمانيول هاتيجيكمانا كان قد حصل على منحة لدراسة دبلوم الموارد المائية والرى بجامعة القاهرة فى ضوء برامج تبادل الخبرات والتعاون الفنى مع دول حوض النيل. فى مكتبه الجديد بوزارة البنية التحتية كتب ايمانيول أول رسالة غير رسمية من مسئول بالحكومة الرواندى إلى المصريين» أصدقائى، بفضل جهودكم وطاقتكم الإيجابية. أود أن أخبركم بأن سعادة الرئيس الرواندى، بول كاجامى، قد اختارنى لتولى منصب مدير الموارد المائية والطاقة والصرف الصحى بوزارة البنية التحتية فى رواندا. واليوم أشكركم كثيرا على ما أعطيتمونى من معلومات ومعرفة ساهمت فى ترشيحى لتولى هذا المنصب». فى كيجالى حيث المركز الثقافى والاقتصادى لدولة رواندا يسكن ايمانيول فى منزل بسيط يبعد عن مقر عمله الجديد بوزارة البنية التحتية مسافة 10 كيلو مترات، يقضيها يوميا بسيارته الصغيرة، فى مخيلته هدف واحد يقول إنه خدمة شعوب دول حوض النيل وتحقيق التنمية للجميع. «أمضيت فى القاهرة عاما واحدا. ولكنى لا أستطيع أن أنسى كل تفاصيل الحياة المصرية التى عشتها بين زملائى فى الجامعة وأساتذتى». يقول ايمانيول أن السنوات القليلة التى عمل بها كمتخصص فى إدارة ملف مياه النيل فى وزارة الرى الرواندية، وعمله كعضو فى أحد مشروعات مبادرة حوض النيل، كونت لديه رسالة قوية بأنه «لا طريق لوقف الخلاف بين دول منابع النيل ودول المصب إلا بالحوار وإعادة التفاوض حول كيفية إدارة المياه فى نهر النيل لتحقيق أقصى استفادة لكل دولة على حد سواء كما تقر اتفاقيات الأممالمتحدة للأنهار المشتركة». وتسعى مصر إلى إعادة التفاوض مع دول حوض النيل على تعديل الاتفاقية الإطار القانونى والمؤسسى لحوض نهر النيل، بعد أن وقعت 6 من دول منابع النيل على الاتفاقية، التى ترى مصر أنها تهدر بعض الحقوق التاريخية لها فى مياه النيل. قد يشارك ايمانيول فى المفاوضات القادمة كمستشار لوزير الرى الرواندى، حاملا فى توصياته ودراساته رسالة إلى الإدارة السياسية المصرية لضرورة العودة إلى التعاون مع مثيلاتها من دول حوض النيل وصولا إلى فكر مشترك لكيفية إدارة الموارد المائية فى النهر. يحمل ايمانيول كغيره من الأفارقة أحلاما بعودة مصر إلى قارتها الأفريقية عقب ثورة يناير، وكان يتابع يوميا أخبار الثورة بداية من جمعة الغضب حتى تنحى الرئيس ليبعث برسائل مباركة وتهنئة لأصدقائه المصريين على ما تحقيق مطالبهم، فتغير نظام بمصر قادر على تغير صورة مصر لدى دول القارة، لتجد فيها ضالتها لتحقيق التنمية المأمولة. فى الأول من مايو من العام الماضى وقعت رواندا على اتفاقية الإطار القانونى والمؤسسى لإدارة المياه فى حوض نهر النيل، بعد أن علقت دول منابع النيل التفاوض مع مصر بعد إصرار القاهرة على التمسك بحقوقها التاريخية فى مياه النيل، والتى رفضتها دول منابع النيل فى مقابل الاستخدام العادل والمنصف لكل دول الحوض لمياه النيل. يقول ايمانيول أن توقيع رواندا لا يعنى عداء لمصر ولا يعنى نيه حجب المياه عن الشعب المصرى ولكن محاولة لإقناع مصر بحق كل الدول فى استغلال مياه النيل فى ظل مراعاة ظروف احتياج كل دولة للمياه وعدم الإضرار بمصالح الدول المطلة على حوض النهر. تنتهى رسالة ايمانيول بحلم العودة لدراسة الماجستير بجامعة القاهرة وتقوية علاقة مصر ببلاده بعد إقامة سفارة لرواندا بالقاهرة، «ولا تقلقوا على نصيبكم من مياه النيل».