كنت في طريقي الي الاقصر في قطار النوم وكعادتي اسثيقظت مبكرا لأشهد اشراق شمس الامل . فالامل الحقيقي اراه هنا عندما اري الفلاحين وبالرغم من شدة البرودة في هذه الساعة المبكرة من الصباح و بملابسهم المهلهلة القليلة ممسكين بفوئسهم والِتي لن تتغير كتيرا عن تلك الموجودة في المتحف المصري والتي لم يصيبها من الدهر ما اصاب الفلاح الذي اخترعها منذ اكثر من خمسة الاف سنة . فا لشمس مازالت تشرق ذهبية والارض مازالت تستقبلها بالابتسامة لا تخشي من الزمن فهي باقية و قديمة قدم الزمن نفسه. بينما يقف الفلاح منتظرا سقوط اول شعاع ذهبي علي جسده ليبدا رحلة التحدي والتي بدءها منذ الالاف السنين يغزل الاشعة الذهبية قمحا . لقد ساعده القدر كثيرا ولكنه تجلد و تعب واحتاج فأخترع و ابتكر فطور, الي ان حول ارض مصر الي جنة ذهبية من جنان الله . ان الفلاح و مصر وجهان لعملة واحدة لن يفترقا من يوم ان خلق الله مصر الي يوم فنائها. ستظل مصر محبوبة الرب و كنانته كما اسماها اجدادي الاولون . تمنيت وبشدة ان يتوفق القطار وان اخرج منه لاتحدث لهولاء الفلاحين و لكن القطار لن يتوقف . فلم اجد بديلا عن الغوص في طيات روحي و خيالي لاجد نقسي اسمع انشودة الصباح التي تغني بها جدي الفلاح فقال:- " نعم انا مصري و هذه ارضي و عرضي وولدي شهدت لي ارضي بالفلاح , فانا من حولت سواد ارضها خضرة و ظلمة سمائها ضياءا , فلحت و فلحت انا و اجدادي و اولادي و احفادي , فلم اعد اعرف سمرة يدي من سمرة ارضي .وعمق تجاعيد وجهي من عمق ارضي . و نقاء سريريتي من نقاء ماء نيلي . لم ولن يعرف احد لغة ارضي مثلي وكيف له ان يعرفها متلي فهي ارضي وولدي و جدي و عشيرتي . لقد احصيت حبات رملها و عشقت نعومة طينها, قلبي ينبض عندما تشعر ارضي بالدفء عند شروق شمسها و تاتيني عصافير جنتي تنذريني بان الشروق قادم, فاهب استقبله وفي يدي فاسي . اسعي للفلاح في ارضي لكي اشكر ربي . هكذا مرت قرون تليها قرون. الي ان اتي يوم سمعت صوتا غريبا اتاني من برج عالي في ارضي مناديا علي بصوت عذب "حي علي الفلاح " حي علي الصلاة" فقمت الي ارضي للفلاح ولكن سمعت المنادي يكرر النداء و يقول "الله اكبر" كانت هذه اول مرة اسمع هذه الكلمات باذني , بالرغم اني تغنيت بها و تردد صداها في اعماق روحي منذ الالاف السنين. فقد سمعتها عندما تغنت بها العصافير , و رايت ان" الله اكبر " عندما اشرقت الشمس في سمائي و سماء اجدادي و مازالت تشرق لاحفادي . تيقنت من ان الله اكبر عندما رايت نيلي لا يكاد يجف الي ان يعود يفيض بالخير و البركة. ولكني هاهنا في ارضي اسمع "الله اكبر " علي ارضي لاول مرة فققررت ان اذهب لاري من هذا الذي ينادي. اقتربت من البرج فرايت اغنام ترعي ورايت رجلا غريبا بدويا فاندهشت فكيف له وهو لم يزرع ولم يفلح ان يدرك ان" الله اكبر" سألته كيف عرفت ذلك و انت راعيا للغنم قال" اليس الله خالقني وخالق غنمي و عصاي انا انام بينما هو لا يأخذه النعاس يحميني انا و عصاي و غنمي , اعيش في صحراء جدباء ولكن الله يرسل لي ولغنمي الغيت من السماء . نظرت الي غنمه والي السماء و قللت مهلللا "الله اكبر " . عشنا سويا الاف السنين ومازال الرجل ينادي" الله اكبر " من برجه العا لي خمسة مرات في اليوم. اما انا مازالت اقول الله اكبر مع كل نبضة قلب و ضربة فاس و اشراق صباح. اقولها انا و عصا فير جنيتي و ارضي وولدي فقد علمتني اياها ارضي و جدي وانا علمتها لولدي من قبل ان ياتي البدوي . "