«الأزمة فرضت نفسها على المؤتمر ودفعت العرب، للمرة الأولى، إلى وضع خلافاتهم السياسية جانبا والتركيز على الشق الاقتصادى، الذى هو الآن حبل إنقاذ المنطقة من الأزمة، الحوار السياسى مستمر ودائم، والاقتصاد هو الذى يغذى الشعوب»، كما قال فادى الغندور، المؤسس والمدير التنفيذى لشركة أرامكس الدولية ل«الشروق». فمنذ عام مضى، اجتمع ممثلو عالم الأعمال العربى فى دافوس شرم الشيخ، بينما كانت أسعار البترول تتجاوز ال150 دولارا ومعدلات التضخم فوق ال10% فى غالبية دول المنطقة، ليناقشوا الطرق الأمثل لاستغلال هذه الموارد. اليوم الوضع انقلب رأسا على عقب، مما جعل أكثر من 1400 مشارك، على جميع المستويات، هم حضور المنتدى الاقتصادى العالمى «دافوس البحر الميت»، الذى أنهى أعماله أمس يمضون ثلاثة أيام من المناقشات، فى وقت «حرج» ، وفقا لجميع الحاضرين من جميع أنحاء العالم، لتحديد التحديات والمخاطر التى تواجه منطقة الشرق الأوسط والسبل المثلى للتغلب عليها. المؤتمر ينعقد فى أوج الأزمة العالمية، حيث تشهد جميع دول المنطقة تدهورا واضحا، فقد انخفضت أسعار البترول دون الخمسين دولارا للبرميل، والاستثمارات وعجلة الإنتاج فى المنطقة تشهد أكثر فتراتها ركودا، مما يوجد تحديات جديدة وخطيرة نتيجة لتوقع تراجع معدلات النمو فى دول المنطقة. فوفقا لأرقام الربع الثالث لنشرة وزارة التنمية الاقتصادية حول الأداء الاقتصادى، تراجع معدل النمو فى مصر إلى 4.3% فى الربع الثالث من عام 2008/2009 مقابل 6.9% خلال نفس الفترة فى عام 2007/2008، وتتوقع الحكومة أن يتراوح بين 4 و4.2% خلال العام. الأردن أيضا تتوقع تراجعا فى نمو معدل الإنتاج الإجمالى ليصل إلى 3.5% فى 2009 مقابل 5.6% فى عام 2008. مصر والأردن، ليستا استثناء، فكما جاء فى تقرير لصندوق النقد الدولى صدر فى العاشر من مايو الماضى، من المتوقع أن تسجل المنطقة تباطؤا فى النمو الاقتصادى ليصل إلى 2.5% فى 2009 مقابل 6% فى 2008. «العالم العربى يمر بمرحلة صعبة، فجميع المؤشرات الاقتصادية تسجل الآن أدنى مستوياتها، والسبب فى ذلك كثير من الأوضاع المتدهورة فى المنطقة مثل التعليم، وغياب الشفافية، والفقر، وتدهور مستوى التعليم، والبطالة، وغيرها من النقاط المهمة»، كما يقول مروان مؤشر، كبير نواب رئيس البنك الدولى مشيرا إلى أن «الدول العربية لن تقوى على مواجهة الأزمة بالأوضاع الحالية». الأزمة الاقتصادية وما تمثله من تهديد للمنطقة بأكملها فرضت على الغالبية العظمى من ندوات ومناقشات المؤتمر، للمرة الأولى فى تاريخ المؤتمر، الطابع الاقتصادى. المناقشات والندوات والحضور السياسى لم يعد كبيرا، فهو لم يتعد سوى بضع جلسات، كان أهمها حول العراق والقضية الفلسطينية، على الرغم من افتتاح المؤتمر فى العيد الواحد والستين للنكبة. بوش، نتنياهو، محمود عباس، شعث، كل هذه الأعلام السياسية تناوبت الحضور على مؤتمرات دافوس السابقة، الوضع اختلف هذا العام، الأسماء البارزة كلها من عالم الاقتصاد، ولم يظهر فى المؤتمر سوى جون كيرى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، سلام فياض، رئيس حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية، وغيرهم من ممثلى الحكومات بعد اعتذار كبار المسئولين. اتفق العرب هذه المرة، كما يقول مؤشر، وإن كانوا اتفقوا على أهم النقاط التى يجب معالجتها من أجل الخروج من الأزمة، ولكن «يبقى التنفيذ»، كما جاء على لسان مؤشر فى تصريحات خاصة ل«الشروق».