هل ينجح أبناء ماسبيرو فى ملء الفراغ الذى تركه العاملون من الخارج؟ أم أن النظام السابق نجح فى القضاء على كوادر التليفزيون بعد ان أصابهم اليأس إثر سياسة الواسطة والمحسوبية والفساد؟ هل يمكن أن يغتنم ما تبقى من الموهوبين الفرصة ويؤكدوا أنهم كانوا ضحايا لقيادات ابت ان تمنحهم الفرصة للظهور؟ وكيف نضمن حيادهم والتزامهم بالموضوعية بدلا من الانزلاق فى منحنى الجيل السابق بتحويل منابرهم الإعلامية لبوق للنظام القادم؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها. خبراء الإعلام أبدوا تفاؤلهم وثقتهم فى أبناء التليفزيون، ووضعوا مجموعة من المحاذير للخروج الآمن للإعلام الرسمى حتى يكون إعلام دولة ويعود إلى مضمار المنافسة. د.صفوت العالم، استاذ العلاقات العامة والإعلان بكلية الاعلام جامعة القاهرة، أشار إلى أن أبناء التليفزيون قادرون على ملء الفراغ خاصة أن السنوات الماضية كشفت عن تعاظم فرص البعض على حساب جموع كبيرة من المذيعين الذين كانوا بانتظار فرصة حقيقية للظهور ولعل قطاع الأخبار مثال حى على هذا بعد أن استأثر عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبارالسابق بكل البرامج وحرم العاملين بالقطاع من هذه الفرصة ولكن كل ما أطلبه هو منح الفرصة ونصبر عليهم عاما كاملا فلم يولد مذيع عملاق بين يوم وليلة فمنى الشاذلى ودينا عبدالرحمن ومعتز الدمرداش أخذوا وقتا لكى ينضجوا.. لابد من بث الثقة والطمأنينة فى قلوب أبناء التليفزيون ونوفر لهم المناخ المناسب خاصة أنهم عانوا من حالة إحباط طويلة الأمد وهذا يتطلب على الفور تنقية قوائم المذيعين. وأضاف: لإعادة التليفزيون المصرى على درب المنافسة يجب ان تلتفت قيادات ماسبيرو إلى الإعداد، فرغم ثقتى فى الفنيين والمخرجين والمذيعين إلا أن الإعداد عليه علامات استفهام عديدة، حيث اقتصر دوره على استقبال المداخلات الهاتفية أو الاتصال بالضيوف ولا نلمس إعدادا حقيقيا لموضوع الحلقة قائما على البحث والدراسة ولابد فورا تحديد رؤية وهوية كل قناة على حدة. ولضمان الالتزام بالحيادية وعدم مجاملتهم للنظام القادم قال: لابد من الإسراع الفورى فى تنظيم نقابى للعاملين بالإعلام يكون لهم سند قانونى ودعم حتى لا يملى عليهم رؤساؤهم بما يقولونه، وحتى لا تتحول منابرهم إلى بوق لأى نظام، فالشاشة ملك للوطن وليس لمؤسسة، فالإعلامى لابد ان يكون محايدا وموضوعيا، يعرض الرأى والرأى الآخر دون أن يميل على جانب لحساب جانب، ولابد من تمثيل كل أطياف الشعب فى البرنامج. أما د.منى الحديدى، عميد الأكاديمية الدولية للعلوم فتقول: لا اشك ابدا ان أبناء ماسبيرو قادرون على أن يملأوا الفراغ بل قادرون على حصد نجاح سريع إذا تعاملت القيادات بمبدأ الحرفية والمهنية وأن يكون الشخص المناسب فى المكان المناسب، فلم يعد هناك مجال للتجريب ولابد من اختبار المذيع اختبارا جادا قبل أن يظهر على الهواء وليعود نظام الحلقة «البايلوت» أى حلقة التجربة حينما يقترح مذيع فكرة لبرنامج جديد يطلب منه تصوير حلقة للحكم عليها إما بالاستمرار أو التوقف وهناك تكون الخسارة بسيطة بدلا من الإنفاق بالملايين على مذيع تحت مبدأ الإلحاح وهو غير صالح. وأضافت: لابد أن تكون السياسة الإعلامية معلنة وواضحة للجميع وعدالة توفير الإمكانيات للكل على حد سواء، فلا يعقل أن تضخ أموال كثيرة فى برنامج واحد وقنوات بأكملها تفتقد لنصف ميزانية هذا البرنامج، كما ان على الجميع أن يعلم أنه انتهى عصر المشاهير من المذيعين، فالبرنامج هو فريق عمل متكامل أى خلل فى عنصر واحد منه سيؤثر بالضرورة على كل العناصر الأخرى. وعلى المذيعين أن يدركوا انهم فى خدمة المجتمع وأنه لا مجال الآن لتزييف الواقع ولن يسمح أحد أن تتحول هذه المنابر الإعلامية لخدمة أى اتجاه، فبعد سقوط النظام وسقوط هؤلاء الذين كانوا يمجدونه وجدنا أنفسنا أمام إعلاميين يسخرون برامجهم لتكون بوقا للثورة وهذا امر خاطئ عليهم ان يعرضوا لكل الآراء التى تؤمن بالثورة والتى تعترض عليها وتترك الحكم للمشاهد. ومن جانبها تقول د.جيهان رشتى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الاسبق: جميع القنوات العربية الخاصة والحكومية قامت على سواعد أبناء التليفزيون المصرى وعليه فهم قادرون بكل تأكيد على ملء الفراغ، خاصة ان هؤلاء الذين كانوا يعملون من الخارج هم انفسهم لم يملأوا الفراغ الذى عانى منه الإعلام الرسمى منذ سنوات طويلة فى ظل عدم تطبيق الاحترافية والمهنية فى العمل الاعلامى، ولابد ان يعوا ان الحكم الآن سيكون على الخدمة الإعلامية التى يقدمونها للمشاهد وليس بخدمتهم لنظام قادم وأنا كمشاهد لا ينبغى أبدا ان اعرف ميول المذيع واتجاهاته السياسية وها هو اشهر مذيع فى العالم، لارى كينج، الذى استضاف أسماء كبيرة فى مجالات كثيرة لم ينجح احد فى ادراك ميوله نحو ضيفه، فلم يهن ضيفه أبدا ولم يستخف بكلامه، ولم يحاول أن يفرض عليه رأيا بخلاف ما كان يحدث، بعد ان تحول عدد كبير من مقدمى البرامج الى قضاة يحكمون ويأمرون وينهون وهو ما أربأ به على أبناء التليفزيون. وأضافت: يجب أن يدركوا انهم فى مهمة صعبة وفى ظروف لا تحتمل اى فشل، وعليه لابد أن يحاسبوا أنفسهم باستمرار. وأخيرا يقول د.عدلى رضا، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون جامعة القاهرة: عانينا لسنوات طويلة من إعلاميين كانوا يفرضون آراءهم على ضيوفهم دون الالتزام بأخلاقيات الحوار وكانت ميولهم السياسية مفضوحة بشكل فج وكانوا يحققون مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة وهو ما لم يعد له مكان الآن، نحن بحاجة إلى إعادة إعمار الإعلام ولابد من أناس تتمتع بالحيادية والمصداقية والموضوعية وهو النموذج الذى لن نقبل بغيره على الاطلاق، فمن لم يكن واضحا من البداية لسنا بحاجة إليه. وقال: كلنا ثقة ان هذا سيحدث بالفعل، فالثورة الرائعة التى قام بها المصريون لن تقبل بغير هذا، وعليه فالاعلام الحقيقى نحو الديمقراطية التى نناشدها لن يتحول مرة اخرى الى بوق، فلن يستطيع احد ان يضحك على الشعب المصرى ولقد تحقق على ارض الواقع بالفعل من خلال الثنائى شريف عامر ولبنى عسل ثنائى «الحياة اليوم» اللذين يتمتعان بأدب الحوار، وريم ماجد ويسرى فودة من قناة «اون. تى. فى» وإلى حد كبير كانت منى الشاذلى مقدمة برنامج «العاشرة مساء».. الذين سعوا لتقديم إعلام حقيقى موضوعى يعرض الرأى والرأى الآخر، وهو ما نتمنى أن يحدث داخل التليفزيون المصرى. واستطرد: ورغم ثقتنا فى ابناء التليفزيون. لكن يجب عليهم ادراك حقيقة مهمة، وهى أن تقديم البرنامج يختلف تماما عن العمود الصحفى الذى يمنح الحق لصاحبه أن يفرض رأيه ويطرح وجهات نظره، لكن على المذيع ان يلتزم بالحيادية والموضوعية والمصداقية فى عرض كل وجهات النظر، وان يستمع جيدا للضيف، ويطرح عليه الاسئلة التى يتوقع المشاهد أو يرغب فى طرحها بنفسه.