«أنا مسامحة يا بابا»، قالت زينة لأبيها عفت السادات بعد تحريرها من الاختطاف، والقبض على 5 أشخاص اختطفوها وطلبوا 5 ملايين جنيه فدية. الأب الذى يعتبر «الظروف المالية السيئة» كانت هى الدافع وراء محاولة الاختطاف رفض سماحة ابنته وقال لها إن القانون لابد أن يأخذ مجراه، حتى لا يتكرر الأمر مع آخرين. تلك كانت النهاية لأول محاولة اختطاف تشهدها مصر بعد الثورة. تفاصيل «صعبة ومرعبة» رواها عفت السادات، فى حواره مع برنامج العاشرة مساء على فضائية دريم 2، أمس الأول. منذ أن عرف باختطاف ابنته، وحتى عودتها إليه وإلقاء الشرطة القبض على الخاطفين. وقال السادات إن الخاطفين كانوا يتابعونه وابنته قبل الحادث بأربعة أيام. لحظة البداية: السابعة صباحا. زينة فى طريقها إلى المدرسة، تركب السيارة مع سائقها الخاص، وبعد عشر دقائق من تحركها، تقف أمامهما سيارة سوداء كبيرة، وينزل منها ثلاثة رجال. يضع أحدهم مسدسا على رأس البنت، ويتولى الآخران أمر السائق، فيضربانه ثم يقيدانه ويضعانه فى صندوق السيارة الخلفى، ويجلس أحدهم أمام مقعد السائق، وينطلقون بالسيارة. الثامنة والنصف صباحا: الأم تتصل بابنتها، فيرد عليها صوت غريب: بنتك معانا وهى مخطوفة، هنكلمكم بعد ساعتين. على الطريق الزراعى بمدينة قها، غادر الخاطفون السيارة، بعد أن أخذوا مفتاحها والتليفون المحمول من السائق ليعطلوا إبلاغه عنهم، وسحبوا البنت إلى سيارتهم السوداء. الأم تتصل بزوجها، وتبلغه بما حدث. سريعا، يتصل عفت السادات بأخويه أنور وطلعت وابن عمه جمال، ليبلغهم بما حدث، فيطلب منه الأخير إبلاغ الشرطة والمجلس العسكرى فورا، على أن يتولى هو متابعة تليفون البنت المحمول عن طريق موقعه فى مجلس إدارة شركة اتصالات. الخاطفون ينتقلون بالبنت والسيارة من طنطا إلى الغربية ثم المنوفية ثم البحيرة ثم الإسكندرية ثم إلى البحيرة من جديد، فهم قلقون من أن يكون هناك من يتتبع حركاتهم. الثانية عشرة ظهرا: الخاطفون يتصلون بعفت السادات، ويطلبون 5 ملايين جنيه فدية لإعادة ابنته، فيرد عليهم بأنه مستعد لدفع عمره كله مقابل عودة ابنته، لكنه لن يستطيع تدبير المبلغ كاملا الآن، بسبب الظروف التى تمر بها مصر، فيمهلونه ساعتين لحسم موقفه وتوفير المبلغ وإلا فلينس ابنته. جمال السادات يتمكن من تحديد تقريبى لموقع الخاطفين، بعد اتصالهم بعفت، وعفت يتصل بالبنوك، ويتمكن من جمع مليونى جنيه، ويحرر شيكا على نفسه بالثلاثة ملايين الأخرى، وينتظر اتصالا جديدا من الخاطفين. الشرطة تطلب من عفت التعامل بهدوء وروية، وأن يعطيهم فرصة لتتبع الخاطفين وتحديد موقعهم. السادسة مساء: اتصال جديد من الخاطفين يطلب من السادات أن يتوجه للطريق الصحراوى بمفرده، لكن إخوته أصروا على الذهاب معه، فحملوا أسلحتهم وخرجوا جميعا. عند الطريق الصحراوى، يأتى اتصال آخر يطلب من السادات التوجه إلى طريق وادى النطرون، ثم إلى واحة عمر، كان واضحا أن الخاطفين يتعمدون هذه الجولة لتضليل محاولات المراقبة والتأكد من مجيئه بمفرده. فى واحة عمر، يأتى اتصال جديد من الخاطفين يطلب من السادات أن يسير باتجاه «مدق» جانبى، فيسير فيه لمسافة 12 كيلو مترا، ثم يجد نفسه أمام مفترق طرق يتفرع لثلاثة اتجاهات، فيأتى اتصال آخر يطلب منه دخول مدق باتجاه اليمين، فيمتثل، وهناك يجد نفسه فى صحراء بلا آخر، ظلام دامس ولا شىء إلا الريح والرمال. حينها تبدأ سيارات كثيرة فى الظهور تدريجيا، يطلب منه أحدهم من بعيد أن يترك شنطة الفلوس ويرجع، لكنه يصر على أن يطمئن أولا على ابنته، فيخبره أحدهم بأن عليه الذهاب إلى «الريست» على طريق وادى النطرون، وهناك سيجدها. يذهب الرجل بالفعل، فلا يجد أحدا، فيعاود الاتصال بالخاطفين: «احنا مش هيتلعب بينا، فين بنتى؟»، فيرد عليه الآخر: «انت ما تزعقش»، ثم يخبره أن يذهب إلى واحة عمر، ويتكرر الأمر، وأخيرا يدله على بنزينة بجوار «ريست» الطريق الصحراوى، وهناك يجد ابنته وحيدة تبكى. خلال هذا، يحكى السادات عن لحظات الرعب خلال مشواره على الطريق الصحراوى وبين المدقات الصحراوية البعيدة، لكنه يتحدث بامتنان شديد عن دور الشرطة فى استعادة ابنته «أريد أن أعترف أننا متحاملون على الأمن، فيجب أن أتوجه بالشكر لجهاز الشرطة، خاصة الأمن العام على ما بذلوه من جهد لإعادة ابنتى، فهم رجال شرفاء وأتمنى ان تعود الشرطة إلى مكانتها مرة أخرى». وبعد تحرير الطفلة، قالت لأبيها إن الخاطفين كانوا 20، والمقبوض عليهم 5 فقط، ولم يكن من بينهم القائد الذى كان يرد عليه فى التليفون ولا السائق الذى كان يقود سيارتهم. الطفلة أيضا طلبت من أبيها أن يسامح الخاطفين: «كانوا طيبين معايا يا بابا، وكانوا بيسألونى أحب آكل إيه؟ واتناقشنا فى انتخابات الرئاسة».