كانت الدنيا تغازلنا وما زالت وكنا نسعد بذلك فهي بداخلنا شهوة مريضة ، فيرس ينمو ويتكاثر ويتوغل بأن نعشقها عشقاً أعمى ، اشتهينا كل ما فيها وكنا نزداد نهماً عليها فلم نشبع منها فقد اكتشفنا أن كل ما ينمو بداخلنا نبت شيطاني من بذور فاسدة هبت مع رياح الأفكار المتمردة ، شربنا من ماءها العذب ولم نرتوي فقد اكتشفنا أننا نشرب من ماءها المالح ، كلما شربنا ازددنا عطشاً ، تعلقنا بأشياء كانت تبدو لنا مبهرة وجدناه زائلة ، ملأنا حياتنا فيما يبدو لنا نقاء وجدنا أنفسنا كشجرة ينخر فيها السوس ، وجدنا ناس بهرونا بفكرهم خذلونا بسقوطهم . يقول تولستوي : " في كل منا فراغ على شكل الله ، وما لم يملأ الله ذلك الفراغ ، فسنظل على خلاف مع أنفسنا !" تيارات الموج الشيطاني أغرقت عقولنا فيما عشقنا من أفكار ومذاهب فاسدة ، وعمت بصائرنا عن الاتجاه الصحيح ، فهاج بحر حياتنا بأمواجه المتلاطمة بشرورنا ، وارتعش مجدافنا بأيدينا فلم نقهر كبرياء فكرنا المزيف وشهواتنا واندفعت سيول الغضب بداخلنا وظهر زيف إيماننا الظاهري ، ولم تعد نفوسنا قادرة على التحكم بدفة قارب نجاتنا وأصبحنا على خطر يهدد ما تبقى من أيامنا ، من ينقذنا من متاهات غربتنا ، وفساد ضمائرنا .. ويقهر شرورنا .. ويطهرنا من ذنوبنا وأفكارنا البالية من غيرك يا ارحم الراحمين . تجاهلنا أشاراتك لنا بزيف الحياة ، زرعنا في أرضنا الوهم وفي نفوسنا السراب ، خرجنا عن دائرة الأمان وبهرنا زيف النفوس الصدأ . لا تتردد أن تطرق باب الرحمن فأنت على بعد خطوة تطهرك تنقذك حتى لا تندم ويهلكك الطوفان اطرق الباب واهزم كبرياء الحقد والشر أخمد نيران الشهوة بداخلك وأعلن التمرد عليهم والعصيان فلن ينجو منا احد بأفعاله وإنما برحمة الخالق . قم وأغتسل من ذنوبك وأرتوي من فيض الرحمن و وجدد بداخلك الأمل وتطهر من ذنوبك وأملأ الفراغ الداخلي ، وتعلم كيف تجني الثمار الحلوة بنفسك .