تغيرت توقعات النمو الاقتصادى للعام المالى 2010/2011 منذ اندلاع ثورة 25 يناير، مع تصاعد المخاوف من تأثير تراجع السياحة والاستثمارات الأجنبية واضطراب حركة الإنتاج على أداء الاقتصاد، بينما قدر وزير المالية، سمير رضوان، معدل النمو بما يتراوح بين 3% و3.5%، وتوقعت المجموعة المالية هيرميس أن يكون النمو ما بين 1.5% و2%، كما صرح رئيس مجلس إدارة المجموعة، ياسر الملوانى أثناء ترويجه للاستثمار المصرى فى لندن الجمعة الماضية. وجدير بالذكر أن تقديرات النمو كانت تصل إلى 5.8٪ قبل اندلاع الثورة. «أيا كان مدى الاختلاف فى أرقام النمو، فهو يعكس عدم تحسن الأمور والأوضاع الاقتصادية بالسرعة المطلوبة»، كما يقول هانى جنينة، رئيس قسم التحليل فى بنك الاستثمار فاروس. «الناس كانت معتقدة أن الأزمة لن تطول عن شهر، ولكن الأمور تتعقد، وتزداد صعوبة من شهر إلى آخر»، بحسب قوله، مشيرا إلى ضرورة الانتباه والإسراع فى «السيطرة على تداعيات الثورة». ويضيف جنينة: «لقد مر ما يقرب من شهرين على الثورة، ولا يزال كثير من القطاعات، وإن لم يكن جميعها، متعطلة»، ضاربا مثلا بقطاع العقارات، والصناعة، والسياحة «الذى تعافى قليلا جدا حتى الآن». بالإضافة إلى ذلك، يشير جنينة إلى حدة الاضطرابات فى المنطقة العربية بأكملها، والتى بدورها تسهم فى إبطاء عملية التعافى، سواء فى مجال الاستثمار أو السياحة، وهما «من أهم مصادر الاقتصاد»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن انتعاش السياحة الحالى لم يتعد سوى 20% من إيراداته الحقيقية. ومن ثم، فإن الوضع على جميع المستويات «الحكومى، والخاص، والخارجى متدهور»، بحسب جنينة، موضحا أن الحكومة فى موقع مالى سيئ جدا وعليها ضغوط كبيرة جدا «برغم ما يقال من عكس ذلك»، والقطاع الخاص يعانى نتيجة لصعوبة الحصول على تمويلات بنكية، وضعف الطلب، والاضطرابات الفئوية، وضعف الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع. أما عن القطاع الخارجى، وفقا له، متمثلا فى السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وحجم الاحتياطى، فهو متدن حتى الآن. «لقد جلسنا مع كثير من المستثمرين والشركات، وجميعهم لا يستطيعون حتى الآن تحديد ميزانيتهم لعدم وضوح الرؤية المستقبلية، وعدم قدرتهم على تحديد حجم الطلب، ومن ثم فهم معطلون حتى الآن. والحكومة فى نفس الوقت قامت بتعليق كثير من مشروعاتها، فماذا بعد؟»، يتساءل جنينة. ولا يتوقع جنينة تحسن الأوضاع بشكل ملموس فى الفترة الانتقالية لعدة أسباب، أهمها أن الحكومة المؤقتة لن تستطيع اتخاذ أى إجراءات إصلاحية لضمان القروض أو المنح الدولية فى هذا الوقت الحرج، فهى ستواجه على الفور اعتراضا وهجوما شعبيا كبيرا. وفى الوقت نفسه، من المتوقع، بحسب جنينة، أن ينتج تراجع فى الطلب المحلى مع كثرة الضغوط التى تتعرض لها الحكومة، والقطاع الخاص، قد تدفعهما إلى خفض الرواتب. وكانت بعض التقديرات الخاصة بالنمو المصرى أكثر تشاؤما من تلك، التى أعلنت عنها المجموعة المالية إى إف جى هيرميس، فقد توقعت مؤسسى ستاندرد أند بورز، أن تتسبب تبعات ثورة الخامس والعشرين من يناير فى ابطاء النمو الاقتصادى المصرى فى العام الحالى بما قد يصل به إلى صفر فى المائة أو 1.5% فى أفضل الأحوال. «هذه تقديرات مفرطة فى التشاؤم»، تقول ماجدة قنديل، المدير التنفيذى للمركز المصرى للبحوث الاقتصادية، مضيفة: «إذا افترضنا أن معدل النمو فى الربع الثالث، والرابع حتى سيكون صفرا، وهذا مستبعد، وعلما بأن الاقتصاد نما فى النصف الأول ب2.8%، فهذا يعنى أن معدل النمو فى النصف الثانى على أسوأ الفروض سيكون 2.8%». وكان معدل نمو الاقتصاد فى النصف الأول من العام المالى 2010/2011، وفقا لأرقام وزارة المالية، قد وصل إلى 5.6%. فقنديل، وإن كانت ترى هى الاخرى ان الأمور لم تتحسن خاصة فيما يتعلق بالقطاعات التقليدية والأساسية للنمو، ولكنها تراهن على الطلب المحلى فى السوق المصرية، مدللة على ذلك بحدوث طفرة فى القطاعات المرتبطة به مثل الصناعات الغذائية، والملابس الجاهزة. «السوق بدأت تكتسب عافيتها، وبعضا من ثقتها والدليل على ذلك ما حدث فى البورصة من عمليات شراء فى يومها الثانى. وهذا التحسن وإن كان محدودا ولكنه من شأنه أيضا مراوغة أعين المستثمرين الأجانب ليعاودوا التوجه إلى السوق المصرية»، بحسب قول قنديل، متوقعة أن يشهد الربع الأخير من العام المالى الحالى نموا يدفع بالمعدل الإجمالى للعام المالى إلى ما بين 3 و3.5%.