أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن الخوف من شطب البورصة المصرية من المؤشرات العالمية، والذي يتم طبقا لهذه المعدلات بعد 40 جلسة إغلاق متصلة، لا يعني الدفع بها إلى الهاوية أو الاضطرار إلى إعادة فتحها دون اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استقرارها. وطالب هؤلاء الخبراء بضرورة إعادة تقييم دور المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية خلال السنوات العشر الماضية، للوقوف على مدى استفادة سوق المال المصرية من وجودهم، وهل كانت الاستفادة مشتركة أم قاصرة على طرف دون الآخر؟. وقال الخبراء -لوكالة أنباء الشرق الأوسط-: إنه بدراسة الواقع فإن الأجانب كانوا الطرف الأكثر استفادة في تعاملاتهم بالبورصة المصرية، من خلال الأرباح الطائلة التي حققوها دون أن يقدموا إلى الاقتصاد المصري ما يعادل ما حصلوا عليه من مكاسب. ومن جهته، يرى الدكتور عمر عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي، ضرورة إعادة تقييم دور الأجانب في البورصة المصرية قبل عمليات التهويل والتخويف التي يطلقها الكثيرون من شطب البورصة من المؤشرات العالمية، وتأثيرها على الاستثمار الأجنبي بالسوق، وأشار إلى وجود حقيقي لمؤسسات استثمارية عالمية كبرى في البورصة المصرية، لكن السؤال الأهم، ماذا قدمت لنا هذه المؤسسات؟ وماذا عاد على الاقتصاد المصري منها؟ وقبل كل ذلك ما نسبتها من المتعاملين في البورصة المصرية؟. وأوضح أنه على مدار السنوات العشر الماضية كان المستثمرون الأجانب هم المستفيدون الوحيدون من وجودهم في البورصة المصرية، حيث إنهم حققوا أرباحا طائلة بدون دفع ضرائب، مشيرا إلى أن خبرات الأجانب وأساليبهم في التعامل في البورصات يؤكد أنهم مضاربون محترفون، بما يجعل فرص تحقيقهم خسائر ضعيفة للغاية. وأشار عمر عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي إلى أن أي مكسب كان يحققه الأجانب في البورصة المصرية كان يقابله خسارة يتكبدها المصريون الذين كانت خبراتهم ضعيفة، الأمر الذي يجعل استخدام شماعة هروب الأجانب لإعادة فتح البورصة دون اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استقرار السوق يعد مرفوضا ويضر بمصلحة الوطن والاقتصاد المصري. وقال: إن تعاملات الأجانب بالبورصة المصرية لا تمثل أكثر من 5 أو 6%، بما يعني أن نسبتهم ضعيفة للغاية، مقارنة بتعاملات المصريين، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك شكوكا كبيرة حول هوية المستثمرين الأجانب. وأضاف، أن الكثير من المستثمرين الأجانب يتعاملون في البورصة المصرية عبر صناديق (الأفشور) -صناديق استثمار أسست في خارج الدولة التي تستثمر فيها، ويجوز أن تكون ملكيتها لمستثمرين من الدول المستثمرة فيها، بشرط أن تؤسس في الخارج، ويكون مساهموها من المصريين المتسترين تحت أسماء أجنبية. وأكد أن هيئة الرقابة المالية لديها بيانات كاملة بشأن تعاملات الأجانب في البورصة المصرية وهويتهم، ولا تفصح عنهم، كما أن لديها بيانات صناديق (الأفشور)، وأن مالكيها من المصريين ومنهم جمال مبارك وحسين سالم وإبراهيم كامل وصناديق تملكها عائلة ساويرس. وأفاد أن تعاملات الأجانب بالبورصة المصرية تقتصر فقط على المضاربة، وليست الاستثمار الحقيقي، بما يعني أن أموالهم تتسم بأنها "أموال ساخنة" تدخل وتخرج بشكل سريع دون رقابة، وهو ما يؤكده عدم مشاركتهم في أي اكتتاب زيادة رأسمال أية شركة مقيدة بالبورصة المصرية في السنوات العشر الماضية. ولفت إلى أن جميع تعاملات الأجانب بالبورصة غير خاضعة للضرائب، بما يعني أنها تأتي وتخرج دون أن تفيد الاقتصاد المصري بشىء، مشيرا إلى عدم وجود أية شركة أجنبية مدرجة بالبورصة المصرية، رغم كثرتها في مصر مثل (بريتش بتروليوم)، أو (أي. بي. أم)، أو (نستلة)، أو (لافارج) للأسمنت، وكلها شركات تملك استثمارات بمليارات الدولارات في مصر، لكنها غير مقيدة بالبورصة المصرية. وبدوره، قال محمد رشدي محلل أسواق المال: إن الشركات الأجنبية المقيدة بالبورصة هي شركات كانت مصرية تم بيعها، كما أن نسب المتاح منها للمصريين ضئيل للغاية، مثل شركات الأسمنت، وبعض البنوك، وهو ما يؤكد أن البورصة المصرية تأخذ الجانب السلبي من الأجانب وليس الإيجابي. وأكد رشدي أن هناك دراسات كاملة عن المؤسسات والمستثمرين الأجانب في كل بورصات العالم باستثناء البورصة المصرية التي يتم فيها التعتيم الكامل على تعاملاتهم، وإتاحة فقط نسبة تعاملاتهم اليومية، دون تحديد هوية من يستثمر، مطالبا كل من لديه بيانات توضح ماذا أفاد به المستثمرون الأجانب البورصة المصرية فعليه إخراجها لنا للاطلاع عليها ومعرفتها. وقلل من أهمية تراجع تصنيف البورصة المصرية في المؤشرات العالمية، أو نقلها من قائمة الأسواق الناشئة إلى الأسواق المبتدئة، أو حتى شطبها نهائيا من تلك المؤشرات، مشيرا إلى أن مصر في مرحلة إعادة البناء حاليا، ومن الطبيعي أن يكون هناك تبعات، والاقتصاد الحقيقي لا يعني البورصة. وقال: "إنه في حال خروجنا من المؤشرات العالمية التي حددت معاييرها (مورجان ستانلى) فمن السهل العودة إليها أيضا، كما أن المستثمرين الأجانب سيترددون ألف مرة كي يتخذوا قرارا بالخروج من البورصة المصرية، والذي سيكبدهم خسائر ضخمة إذا ما خرجوا في ظل الأوضاع الحالية". وأضاف، أن عودة الاستقرار لمصر واقتصادها ربما يدفع المؤسسات الدولية إلى إعادة النظر في استثماراتها في مصر، وزيادتها في ظل التوقعات بنمو كبير بعد التخلص من البيروقراطية والفساد الذي كان يعاني منه الاقتصاد المصري. ومن جهته، يرى محسن عادل، محلل أسواق المال، أن الفرصة بالتأكيد ما زالت سانحة أمام البورصة المصرية، للحفاظ على وضعها بالمؤشر، حيث ما زال أمامنا وقت حتى 28 مارس الجاري، مطالبا بضرورة التأكيد على أن الخروج من المؤشر يعتبر مشكلة حقيقية سوف تتعرض لها البورصة المصرية، لو لم تستأنف التداول قبل انتهاء المدة في ضوء المتغيرات الحالية. وقال: إن عودة التداول بالسوق مرتبط بعودة الاستقرار للشارع المصري أمنيا وسياسيا واقتصاديا، بالإضافة إلى ضرورة الاستجابة لمطالب المتعاملين بخصوص الدعم المؤسسي للسوق، وحل أزمة مديونيات العملاء التي تصل إلى 3 مليارات جنيه، وأضاف أن خروج البورصة المصرية من مؤشر (مورجان ستانلي) على سبيل المثال يعد بادرة سيئة، حيث سيعني تراجع فرص الوجود المصري على الساحة العالمية لأسواق المال، كما أنه سيترتب عليه انخفاض في التدفقات النقدية الأجنبية للسوق، إلى جانب أن الفترة التالية للخروج سيعاد النظر في وضع مصر ضمن المحافظ العالمية، ما قد يترتب عليه موجات بيعية أجنبية على المدى القصير. ونبه إلى أن خطورة الخروج من المؤشرات العالمية يجب أيضا أن تقاس بخطورة فتح السوق للتداول، دون اكتمال الصيغ الداعمة لاستقرار السوق، ووضع حلول للمشكلات الحالية، وتوفير دعم للسوق من مؤسسات مصرفية أو سيادية، لحماية الأصول الوطنية من الانهيار. وأكد أن الإسراع بفتح البورصة يجب أن يتواكب أيضا مع الإسراع بحل مشكلات السوق القائمة حاليا، وألا يطغى عليها، وألا يستخدم كمبرر للإسراع بفتح التداولات، دون تهيئة الأوضاع المناسبة.