محافظ أسيوط يعلن عن بدء أعمال رصف شارع الجلاء بحي شرق    براءة 7 طالبات من تهمة التعدي على سيدة مسنة أمام مدرسة بالجمرك في الإسكندرية    بحوزته 8 آلاف نسخة.. ضبط المتهم بطباعة الكتب الدراسية بالمخالفة للقانون    شقيقة طارق الأمير تنهار بعد وصول جثمانه لصلاة الجنازة    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق قافلة طبية مجانية إلى الواحات البحرية    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    الفرماوي يناقش آخر استعدادات القليوبية للمشاركة في ماراثون الشيخ زايد    وزير الري يحاضر بهيئة الاستخبارات العسكرية ويؤكد ثوابت مصر في ملف مياه النيل    كلية القانون بالجامعة البريطانية تنظم ورشة عمل حول سلطة القضاء الجنائي    رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول للمرحلة الابتدائية بالمنيا    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    عضو لجنة التاريخ والآثار يكشف تفاصيل إعادة تركيب "مركب خوفو الثانية"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-12-2025 في محافظة قنا    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    محمد بن راشد يعلن فوز الطبيب المصري نبيل صيدح بجائزة نوابغ العرب    بونجاح: درسنا السودان جيدا.. وعلينا المبادرة بالهجوم    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    24 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    ڤاليو تتعاون مع تاكتفُل لتعزيز تجربة العملاء عبر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة    لأول مرة في التاريخ.. الصادرات الهندسية المصرية تسجل 5.9 مليار دولار    استشهاد فلسطيني وإصابة 5 برصاص الاحتلال في جباليا وشرق خان يونس    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    السكة الحديد: إتاحة حجز المقاعد المكيفة بالدرجتين الأولى والثانية قبل موعد السفر ب15 يوما    ضبط 4 متهمين اعتدوا على مواطن بأسلحة بيضاء بسبب خلافات فى السويس    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    الدفاع الجوي الروسي يدمر درون حلقت باتجاه موسكو    براءة 7 طالبات من تهمة التعدي على ولية أمر زميلتهن بالإسكندرية    احتفاء بشخصية دورته ال37، مؤتمر أدباء مصر يصدر كتاب "محمد جبريل.. مشروع حياة"    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    الركود وقلة الإقبال على الشراء يضربان أسعار الدواجن في البحيرة    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    شوبير: على مسؤوليتي الشخصية وبنسبة 1000% حامد حمدان يريد الانتقال للأهلي    الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد يوفر 3.5 ملايين خدمة طبية وعلاجية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    مصرع شابين وإصابة 6 أخرين في حادث تصادم تروسيكل وسيارة نقل ببني سويف    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع الاتحاد الرياضي للجامعات بحضور صبحي    رغم تحالفه مع عيال زايد وحفتر…لماذا يُعادي السيسي قوات الدعم السريع ؟    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    «البحوث الزراعية» يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة    رئيس دولة التلاوة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    كوت ديفوار تستهل رحلة الدفاع عن لقب أمم أفريقيا بمواجهة موزمبيق    أسعار الذهب تواصل الارتفاع في بداية تعاملات الأربعاء 24 ديسمبر    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    خطوة جديدة لوقف حرب السودان.. وبيان عربي يصفها ب «الأمل»    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا صول.. خرافة السحر التى طلقت سيدة وأزعجت 80 مليون مصرى
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 03 - 2011

«شمال.. شمال.. قدام»، يشير رجال بجلاليب بلون تراب الأرض، ازدحمت بهم شوارع القرية الضيقة.
إنهم أهالى صول فى أطفيح. يعرفون أن كل ضيف جاء قاصدا موقع كنيسة الأزمة. هنا موطن الشرارة الأخيرة التى ألهبت الفتنة. شرارة طائفية امتددت خارج أراضى صول لتصل إلى المقطم ومنشية ناصر والقلعة والسيدة عائشة.
بعد أسبوع تقريبا على حرق كنيسة الشهيدين وهدمها يخلد سكان القرية إلى الهدوء الحذر.
هنا نساء على أسطح المنازل وهناك نساء خلدن إلى بيوتهن على شاطئ الترعة التى تقطع القرية لتفصل بين شرقها وغربها.
أم محمود أو هكذا اختارت أن يطلق عليها رافضة الإفصاح عن اسمها، وقفت على سطح منزلها الصغير. حولها التفت الجارات والبنات، تختبئ وجوهن خلف نقاب أسود. تطل الأعين على منزل لا يشبه بيت أم محمود الفقير فى شىء. ثلاث طوابق دهنت باللون الأخضر، قصر أبو النصر المحامى، كما يسميه الأهالى القرية.
فى شرفة الطابق الثانى وقف الشيخ محمد النفرى، إمام صول ممسكا بالميكروفون يخطب فى الناس «المسلمون والمسيحيون يعيشون فى أخوة ووئام تام، وأتحدى أن يأتوا باسم مسيحى واحد تم الاعتداء عليه».
الخطاب لا يختلف كثيرا عند أم محمود وجاراتها. «والله عشنا إخوات والرجالة حاشوا عنهم لما الناس كانوا داخلين عليهم». تتدخل زينب لتشرح من هم هؤلاء «الناس» الذين حاولوا الاعتداء على مسيحيى القرية. تنهرها أمها لتمنهعا من الحديث. «لما دفنوا الموتى، الشباب جم غضبانين من الجبل علشان اللى مات معاه 7 عيال. كانوا رايحين يحرقوا دور ولما لاقوا السحر هدوها»، تكمل الأم روايتها لأحداث الفتنة. رواية تكاد تتطابق مع روايات باقى سكان القرية من المسلمين.
فلا حديث هنا سوى عن «سحر وأعمال وكشوف بأسماء المسلمين وتواريخ الميلاد ومصاحف ملقاة فى الحمامات» تم العثور عليها داخل المبنى المهدم. روايات تقترب من الخرافات أحيانا وبطلتها كوافيرة «كان القسيس بياخد منها شعر المسلمين بفلوس. الستات بتطلق والولاد حرنانة. والمسلمة سحبوها بالسحر مع راجل من عنديهم»، هكذا تبرر أم محمود العلاقة بين السيدة المسلمة والرجل المسيحى التى أشعلت القرية.
تقطع السيدة الخمسينية حكايتها بزغرودة مدوية تستقبل بها ضيف القرية. الشيخ محمد حسان جاء زائرا فى محاولة لوأد الفتنة وإقناع المسلمين الذين اعتصموا عند الكنيسة المهدمة بالعودة إلى بيوتهم وترك «حكماء القرية» يبحثون عن حل. «دلوقتى الشيخ يحلها واللى يقول عليه هانعمله. هو يقول تتهد والا متتهدش»، تقول أم محمود بخنوع، لكن سريعا تعود إلى إصرارها وصوتها الجهورى: «احنا مكناش خناهم علشان يخونونا».
أم محمود مثلها مثل هذا الشباب الغاضب والمعتصم عند الكنيسة. حوار متناقض ما بين «المسيحيين إخواتنا» لكن ليبحثوا لكنيستهم عن مكان آخر بعيدا عن غرب البلد. «يبنوها عند معمل الفراخ بره البلد» تقول السيدة وهى تعدل من غطاء رأسها الأسود هابطة السلالم الأسمنتية مستندة إلى فتاة صغيرة عوضا عن الدرابزين الذى غاب عن المنزل وفضل أهله استبداله بدش على السطوح لمشاهدة قناة «الرحمة».
تقف مريم أمام البوتاجاز تعد الشاى لضيوف زوجها. إلى جانبها بناتها الثلاث نجلاء وهناء ولمياء أما الصبيان فجلسوا أمام شاشة للكومبيوتر يعلوها نتيحة عليها صورة السيد المسيح.
بيت ميسور الحال إلى حد بعيد مقارنة ببيوت القرى. يقتحم الزوج الساحة الصغيرة التى اتخذتها مريم مطبخا متحدثا بصوت خافت لا يخلو من تهديد. «ولا كلمة. الناس دى هاتمشى وتسيبنا مش عايزين وجع دماغ بعدين»، يقول سليمان فى إشارة إلى زواره من وفد شباب 25 يناير.
ومثل أم محمود وبناتها يختفى شعر مريم وبناتها تحت غطاء ملون هذه المرة. «هو خايف علشان الكلام إلى طلع انهم هايدخلوا بيوتنا»، تتحدث مريم عن إشاعات سرعت سريعا فى البلد عقب هدم الكنيسة عن هجوم يقوم به المسلمون لإخراج المسيحيين من القرية.
غادرت مريم طوعا وخوفا مع بناتها إلى قرية مجاورة على بعد كليومترات من صول. «رحت البرمبل عند أبويا، قعدت ليلة وبعدين جوزى جه أخدنا وقال الحال كويس».
لكن الحال لا يسمح لها أو لبناتها بالخروج من البيت وانقطعت علاقتهم مع جيرانهم من المسلمين. «حتى أصحابى فى المدرسة كانوا بيرنوا عليا كل يوم دلوقتى اختفوا»، تشكوا نجلاء الطالبة فى ثانوية عامة. «الكنيسة بره زى جوه دى أرض مطرانية. إزاى ناخد الولاد الصغيرين نوديهم بره البلد».
يقتحم الأب المكان مرة ثانية «خافوا علينا. إحنا قفلنا بيوت الشباب اللى غلط وعارضينهم للبيع».
«هل تعاهدون الله على سماع صوت العقلاء؟» ترد الجموع: «نعم» على الشيخ حسان. «تعاهدون الله»؟ نعم».
عند حوائط الكنيسة المهدمة، يهتف الشباب «على جثتنا». مع هبوط الظلام تهدأ النفوس. ينسحب الجزء الأكبر منهم، راضين بواسطة الشيخ، لإعطاء مهلة يومين «للحكماء» لإيجاد حل للأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.