أكد الكاتب الأمريكي ديفيد إجناشيوس أن جماعة الإخوان المسلمين ظلت لأكثر من ثلاثين عاما أحد مبررات وجود نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بذريعة حاجة مصر لحكومة مستبدة قوية، كي لا يستولي الإسلاميون الراديكاليون على السلطة، مضيفا أن ذلك "البعبع" اختفى مع الإطاحة بمبارك خلال الشهر الحالي. وقال إجناشيوس في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه يسهل الآن استيعاب أن تلك التحذيرات كانت محض هراء يخدم مصالح النظام الشخصية، حيث خرج الإخوان الآن ولا يبدون مخيفين مثلما توقعنا، مضيفا أن شباب الجماعة كانوا متكاتفين مع المتظاهرين العلمانيين، فضلا عن أن قادتها تطرقوا في أحاديثهم عن المنافسة مع الأحزاب الأخرى في دولة ديمقراطية. ورأى الكاتب أن الشعب المصري يراهن على أن الإخوان لن يدمروا تجربتهم الديمقراطية، لكن مثلما تجري الأمور أثناء التغيير السياسي الحقيقي فإنه من المستحيل أن تتأكد مما يحيط بك، متابعا، أن مصر الجديدة سوف تحتاج إلى دستور جديد لحماية حقوق الإنسان وجيش قوي لمساندته، وحتى مع ذلك، سيظل ثمة أخطار في أن تندفع الدولة لأن تتحول إلى راديكالية إسلامية خطيرة. وأضاف إجناشيوس أن رؤية حشود المصلين في ميدان التحرير خلال "جمعة النصر" لم يكن مخيفا، وهو ما يستدعي إلى مخيلتك من الوهلة الأولى صورة العاصمة الإيرانية طهران أكثر من القاهرة، مشيرا إلى أن الجموع كان يملؤها شعور بالوطنية، وبمجرد انتهاء صلاة الجمعة بدأت رفرفة الأعلام المصرية. ولفت الكاتب إلى أنه التقى عددا من قادة الإخوان ليحيط علما بقوة الجماعة ونواياها، مضيفا أن ما رآه كان مطمئنا، حيث انتهج قادتها خطا تصالحيا، بل كان الأكثر أهمية من ذلك أنه لم يبدو أنهم يشكلون تهديدا في الشوارع، وتابع إجناشيوس، أن حال الإخوان مثل حال المصريين كافة، يبحثون عن هوية مصرية أكثر حداثة. وأشار الكاتب إلى حواره مع عبد المنعم أبو الفتوح أحد أعضاء الجماعة الأكثر اعتدالا، والذي حذره من أنه في حال فشلت الديمقراطية فإن الخلايا الصامتة ربما تصعد مرة أخرى وربما تعاني مصر من العنف مرة ثانية، مضيفا أنه يتعين على الإخوان البقاء بعيدا عن السياسات الحزبية، وأنه يود تشكيل حزب جديد مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا، تتمثل فيه الطوائف المصرية كافة. وختاما، شدد الكاتب على أن ما يحدث في مصر يشابه رمية النرد التي يمكنها خلق دولة مصرية ديمقراطية، ربما يصبح الإخوان القوة المهيمنة فيها، وهو ما رأى أنه رهان قرر الشعب المصري خوضه، ويستحق مساندة الولاياتالمتحدة.