«أفرجوا عن ضحايا المحاكم الاستثنائية. إلى شباب الثورة وجمعيات حقوق الإنسان، ادعموا حملة الإفراج عن المعتقلين السياسيين». ما بين مدخل ميدان التحرير من ناحية كوبرى قصر النيل، وجامع عمر مكرم، وقف عشرات من الرجال الملتحين فى ركنهم الخاص أثناء المظاهرة المليونية أمس. جو البهجة والأغانى الوطنية والإعلام تنشر الفرح فى أرجاء الميدان، لكن هذا الركن يختلف. فهنا يجتمع أعضاء الجماعة الإسلامية للفت النظر إلى أن المعتقلين منهم قضوا فترة حكم مبارك كلها فى السجون، ولم يتم الإفراج عنهم حتى بعد رحيله. «الإفراج الفورى عن كل سجناء الرأى، بمن فيهم سجناء الجماعة الإسلامية، هو مطلب رئيسى للثورة»، والحديث للدكتور صفوت عبدالغنى، أحد قيادات الجماعة. الدكتور صفوت كان متهما فى قضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق رفعت المحجوب. حصل عبدالغنى على براءة من تهمة القتل، لكن حكمت عليه المحكمة بالسجن 5 سنوات بتهمة حيازة السلاح. لكن صفوت قضى 16 عاما كاملة داخل السجن، ليخرج عام 2005. «حالى أفضل من غيرى»، على حد قوله، فالرجل لا يكل من تذكير من يريد أن يسمع، إلى أن عبود الزمر، الذى أدين فى قضية اغتيال السادات، قد تم الحكم عليه بالسجن المؤبد 25 عاما، تنتهى فى 2001. لكن نظام مبارك قد أبقاه 10 سنوات أخرى دون وجه حق، وأمثاله كثيرون. «نحن اشتركنا فى الثورة من أول يوم»، كما يؤكد عبدالغنى، «لكن حسَّنا الوطنى منعنا من ذكر أى انتماء سياسى لنا، حتى لا يتم استغلالنا فى ضرب الثورة». يشير الدكتور صفوت إلى دور الجماعة الإسلامية فى «موقعة الجمل» أو الأربعاء الدامى، «حيث كان لنا شرف المشاركة فى الدفاع عن المتظاهرين فى التحرير». وهو دور يعرفه من حضروا اليوم، ويذكرون الرجال الملتحين الأشداء الذين كانوا يتلون آيات الشهادة قبل الهجوم بصدور عارية على بلطجية الحجارة والمولوتوف، ويصرخون «الله وأكبر، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»، قبل أن يردوا الحجارة بمثلها. «بعد رحيل مبارك، كنا نرى أن يستمر الاعتصام حتى الاستجابة لكافة المطالب»، يروى عبدالغنى، لكنه أكد أن الجماعة قد آثرت الاستجابة لاتجاه الأغلبية الذى يريد إعطاء الفرصة للقوات المسلحة لتحسين الأوضاع. يؤكد عبدالغنى، وهو الحاصل على الدكتوراه فى القانون من جامعة القاهرة عام 2007، أن المجلس العسكرى عليه الإفراج عن سجناء الرأى فوريا، فقد تمت إدانتهم فى ظل قانون الطوارئ، وفى محاكم أمن الدولة العليا التى لا يحق فيها للمتهمين الاستئناف أو النقض، على حد قوله. يقول عبدالغنى إن عدم الإفراج عن سجناء الرأى معناه أن الثورة لن تنتهى بعد، ويؤكد أن الجماعة اتصلت بالمجلس العسكرى الحاكم «من خلال وسطاء من الشباب الممثلين للثورة»، فضل عدم الإفصاح عن اسمهم، مؤكدا أن المجلس وعدهم بدراسة الأمر. «قد ننشئ حزبا سياسيا، أو نستمر كحركة دعوية. جميع الخيارات مفتوحة للدراسة فى الجماعة الإسلامية الآن بعد أن تغيرت الأوضاع»، لكن الأمر الأكيد أن «ثورة الجماعة» لن تنتهى حتى إخراج آخر معتقل سياسى تم حبسه فى عهد الرئيس السابق.