بعد غروب الشمس بدقائق وبالتزامن مع استعداد مئات الآلاف من المعتصمين لمبيت ليلتهم ال12 على التوالى على أرض التحرير، جلس زياد العليمى على الرصيف المقابل لمجمع التحرير يروى قصة إعداده وزملاؤه بائتلاف شباب ثورة الغضب للفاعليات الاحتجاجية التى انطلقت فى 25 يناير الماضى وتحولت ل«ثورة غير متوقعة» على حد تعبيره. كانت بداية تفكيرهم فى الإعداد لهذه المسيرات الاحتجاجية، المطالبة بتنحى الرئيس حسنى مبارك عن الحكم وإقالة وزير الداخلية حبيب العادلى وتشكيل حكومة جديدة وإلغاء قانون الطوارئ، بعد نشر «جروب» كلنا خالد سعيد على موقع «الفيس بوك» دعوات للاحتجاج فى 25 يناير وهو نفس يوم احتفال ضباط الشرطة بعيدهم. «اجتمع نشطاء عدد من الحركات الشبابية، قبل 25 يناير بأسبوعين، للاتفاق على أماكن انطلاق المسيرات الاحتجاجية»، يقول العليمى، الناشط بحملة دعم البرادعى ومطالب التغيير، إحدى المجموعات الشبابية المنظمة لانتفاضة 25 يناير. «احتشد آلاف المتظاهرين المقيمين بناهيا وبولاق والعباسية فى الدقائق الأولى لانطلاق المسيرات بعد أن وزعنا عليهم منشورات تدعوهم للاحتجاج يومى 23 و24 يناير، أى قبل الانتفاضة بيومين، فضلا عن الخطب الحماسية التى ألقاها عليهم عدد من نشطائنا يوم 25 يناير نفسه»، يفسر العليمى أسباب مشاركة الآلاف فى المسيرات. وتحسبا لأى محاولات أمنية لإجهاض مسيراتهم من المنبع، حرص نشطاء الائتلاف، فى جلسات الإعداد التى سبقت يوم 25، على عدم الإعلان عن أماكن انطلاقها الفعلية. «أعلنا على الفيس بوك ولوسائل الإعلام أماكن تقع على خطوط سير المسيرات بحيث تكون حشود كبيرة شاركت فى النقاط الأساسية غير المعلن عنها فيصعب على الأمن تطويقها وتفريقها وخطتنا نجحت فعلا»، يقول العليمى، البالغ من العمر 30 عاما، بحماس. وأضاف: «خرج 3000 متظاهر من ناهيا انضموا لألفين آخرين بميت عقبة واتجهوا جميعا إلى مسجد مصطفى محمود، وهو المكان المعلن عنه على الفيس بوك، فأصبح من الصعب على الأمن تفريقهم، فانطلقوا إلى التحرير عبر طريق الحرية وهو شارع البطل أحمد عبدالعزيز». ولم تكن تلك هى المسيرات الوحيدة التى انطلقت فى 25 يناير، فقد انطلقت مظاهرة «عفوية» فى باب الخلق لم يرتب لها نشطاء الائتلاف، «لم نوزع أى منشورات على سكان باب الخلق الذين انتفضوا تضامنا مع مطالبنا إلا أن الأمن فرقهم بالقوة مما دفعهم للذهاب فرادى لميدان التحرير»، يقول العليمى. حالة التجانس والتوافق التى جمعت الحركات المشاركة فى الائتلاف، وهى حركتا «شباب من أجل العدالة والحرية» و«شباب 6 إبريل» وحملة دعم البرادعى ومطالب التغيير وشباب جماعة الإخوان المسلمين وشباب حزب الجبهة الديمقراطية، الذين نظموا فاعليات مشتركة فى وقت سابق، دفعتهم لتشكيل ائتلاف شبابى لتنظيم احتجاجات 25 يناير. «شارك شباب الإخوان يوم 25 بشكل فردى، إلا أنهم حضروا معنا الاجتماع التنسيقى فى 27 يناير، وهو اليوم السابق لجمعة الشهداء»، يوضح العليمى. مضيفا «أعلنوا عن مشاركة أعداد كبيرة منهم فى جمعة الشهداء فاتفقنا على أماكن جديدة للمظاهرات منها الجيزة وإمبابة والطالبية وأصبحت كل مجموعة مسئولة عن خط سير محدد». ويرى العليمى أنهم المجموعة الوحيدة التى تعمل وفقا لإطار محدد يأخذ شكل ائتلاف يحرص أعضاؤه على الاجتماع يوميا لمتابعة سير اعتصام التحرير، الذى بدأ فى 28 يناير، ولاتخاذ ما يرونه من تدابير لحماية مكتسبات الثورة، وللتمهيد للدخول فى التفاوض. إلا أنه أكد، فى الوقت نفسه، استعداده هو وزملاءه المشاركين فى الائتلاف للتنسيق مع المجموعات الأخرى لتشكيل جبهة مشتركة تبحث تحديد مطالبهم بعد تنحى مبارك وجدول زمنى لضمان تنفيذها حماية لمكتسبات ثورتهم. «مستعدون للتنسيق مع أى جهة تسعى لاستقرار الوطن، ونبحث مع جبهة دعم مطالب الثورة الخطوات المقرر اتخاذها وشروط التفاوض»، يؤكد العليمى. وعلى الرغم من أنهم لم يتوقعوا أن تنجح انتفاضتهم فى الإطاحة بالرئيس عقب 18 يوما من الاحتجاج المتواصل، إلا أن نشطاء 25 يناير حرصوا على وضع سيناريوهات لمصر بعد مبارك.