لا شك أن ثورة شباب 25 يناير التى غيرت وجه مصر تماما وأدت إلى العديد من النتائج الايجابية مثل مواجهة الفساد، والقضاء على مشروع التوريث، وفى النهاية ضغطت هذه الثورة بشكل كبير حتى أعلن الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن الرئاسة. ومع بداية هذا العصر الجديد من الحرية التى كنا ننشدها جميعا. لابد من وجود ثورات مماثلة فى شئون كثيرة أخرى. مثل الغناء حتى تستعيد مصر بريقها المفقود، والذى من أسبابه الإعلام المصرى الذى انحاز إلى التيار «التافه» فى الغناء، ولم يساند الأصوات الجادة. خاصة انهم تعرضوا أيضا إلى حالة تجاهل من المهرجانات بل ومن الإعلام العربى الذى انحاز بدوره إلى الغناء اللبنانى والخليجى.. «الشروق» تفتح هذا الملف بسلسلة من الحوارات مع كبار نجوم الغناء وتطرح السؤال كيف يعود الغناء المصرى إلى قوته وتأثيره على الساحة العربية خلال الفترة المقبلة. فى البداية كان الحوار مع المطرب الكبير هانى شاكر الذى بدأ كلامه بأن ثورة 25 يناير بلاشك أفادت المجتمع بصفة عامة، وتحركنا نحو الأفضل. ● هل هانى شاكر عانى من الفساد الذى كان يضرب العديد من أجهزة الدولة؟ نعم لأن الفساد طال منظومة الغناء. فعندما تسيطر بعض الشركات على المؤسسات الرسمية، وتجد لها أعوانا داخل الإذاعة فهذا أمر يدعو إلى الدهشة. روتانا سيطرت على المهرجانات العربية، وبالتالى حرمت نجوما كبارا من المصريين من الوجود فيها. وقلنا ماشى. لكن عندما يمتد الأمر إلى منع أعمالى من الإذاعة المصرية ممثلة فى راديو مصر فهذا فساد وللأسف هذا الكلام توجهت به إلى وزير الإعلام السابق أنس الفقى ولكنه لم يتحرك. وعندما تحصل شركات الإعلانات على أفضل الأوقات فى الإذاعة المصرية فهذا فساد. وهناك مسئول يعرف نفسه جيدا، وهو مازال موجودا. ويجب أن يقف عند حده. لأننا الآن نسمع راديو مصر، وكأننا نسمع روتانا مصر. وهذا فساد. ● إذن فالإعلام المصرى مقصر تجاه كبار المطربين؟ بالتأكيد، لأننا نحارب خارج مصر، لذلك كان على إعلام بلادنا.. ان يقف بجوارنا. وذلك بعرض أعمالنا بكثافة. يجب أن يكون الغناء المصرى موجودا، وبقوة، ولا نفتح الباب فقط للأصوات العربية. وأنا لست ضدهم. لكن من حق إعلام بلدى أن يدعمنى أنا وكل الأصوات المحترمة الموجودة فى مصر. عيب جدا أن نشعر بأننا مهمشون. ● كيف ترى إلغاء ليالى التليفزيون والاقتصار على بعض الحفلات الصيفية؟ هذه مهزلة أخرى.. أين ليالى التليفزيون المحترمة؟.. الآن أصبحت هناك حفلات لأصوات من انصاف الرجال. وإلا ماذا يعنى ان تقام حفلات لأصوات من المفروض انهم رجال يرقصون مثل البنات. عيب فالغناء المصرى ليس هكذا. ثم ان هذه الحفلات التى ينظمها التليفزيون فى مراكز الشباب والأماكن المفتوحة، ويشاهدها الناس من الوضع وقوفا تعد دعوة للتحرش الجنسى. وهذا الكلام سبق وقلته. لكن يبدو أننا كنا نؤذن فى مالطا. لا أحد يسمعنا وكأن أمر الغناء المصرى لا يعنى أحدا من الناس. لدرجة اننا لم نكن نعرف لمن نتحدث، ولمن نشتكى. يا اخواننا احنا مصر. بلد الطرب، والغناء. ومن العيب ان يكون إعلامنا، والحفلات التى يقدمها نافذة للخلاعة، أصوات هز الوسط، والغمز. هذه الأصوات آن الأوان لأن يجمدوا أو بالمعنى البلدى لازم «يتلموا». ● أشعر بنوع من المرارة فى كلامك؟ هذا صحيح لان الشعب المصرى يستحق ان نقدم له فنا محترما. بدلا من الأصوات الفاسدة التى تقدم لهم على انه غناء. هذا ليس غناء. وأتصور ان المسئولين عن الإعلام هم السبب الرئيسى فيما يحدث. وهم يتحملون النصيب الأكبر من هذا التخبط. والذى أدى إلى انتشار اشباه الرجال فى الساحة الغنائية. ● ما الخطة التى تتصورها حتى ننهض مرة أخرى؟ أولا: عودة الحفلات الغنائية مرة أخرى. وإذا كنا مصممين على اقامتها فى أماكن مفتوحة، يجب وضع مقاعد حتى نحمى بناتنا وابناءنا من أى نوع من التلاحم الذى يؤدى إلى التحرش. ثانيا: اختيار الأصوات المحترمة، وليس الرجال الذين يتراقصون. لاننا نقيم حفلات غنائية، وليس «زار» أو وصلات للرقص، هذه النوعية من الحفلات ليس مكانها التليفزيون المصرى. ثالثا: مساندة الأصوات المصرية، وإنتاج وتصوير أغانٍ لهم، وهذا ليس كثيرا علينا. خاصة أن ميزانية الإعلام المصرى تذهب فى امور تافهة وضعيفة. رابعا: الغناء المصرى ليس ثلاثة أصوات فقط لكننا نمتلك أسماء كثيرة وكبيرة يجب أن تنال حقها. خامسا: يجب أن تكون هناك قناة مصرية للأغانى تقدم وجبات محترمة من الغناء. ولا يجوز ان دولة بحجم مصر لا يوجد فيها قناة للأغانى. وكأن الغناء شىء هامشى. وليس بأهمية أشياء أخرى مثل الرياضة. رغم ان الفن والغناء تحديدا يجمع أما الرياضة فهى تفرق الشعوب، والدليل ما حدث فى أعقاب مباراة مصر والجزائر. والتى أدت إلى وقوع ضحايا من الطرفين وخسائر بالجملة طالت بعض رجال الأعمال. سادسا: منع أغانى حجرات النوم، نحن نريد إنسانا مصريا جديدا. لذلك نحن فى حاجة إلى أغانٍ تبنى الإنسان. وتعرف الشباب أن البنت أو المرأة ليست وسيلة لإثارة الشهوات فقط. بل هى حبيبتى، وأختى، وأمى، وجارتى التى يجب أن أحافظ عليها ولا أنظر لها نظرة شهوانية. وهذا لن يحدث إلا بأغانٍ تضع المرأة فى إطارها السليم. يجب أن يعرف الشباب كيف يحب، وهذا تعلمناه من أغانى من سبقونا فى الغناء مثل حليم، وأم كلثوم وجاء جيلى واستمر على هذا النحو. نحن فى أمس الحاجة إلى أن نعيد كل شىء إلى الاتجاه الصحيح. وأتصور أن الغناء له الدور الأهم فى ذلك إذا غيرت الدولة من أسلوبها فى التعامل معه. ● كيف كانت نظرتك لشباب 25 يناير؟ هذا الشباب قام بتغيير أشياء كبيرة.. منها أنه جعل الأجيال التى سبقته تثور معه من أجل التغيير. وأنا تعاطفت معهم، لأننى أعلم أن كل واحد منهم من حقه أن يعيش حياة كريمة، ومن حقه أن يجد فرصة عمل جيدة، ومنزلا للزوجية. ● ما الذى تطلبه الآن منهم؟ أتمنى أن يتركوا العجلة تسير، ويمنحوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفرصة لكى ينقلوا البلاد إلى المرحلة التى نتطلع لها جميعا.