التحولات السياسية الحالية، التى تعيد تشكيل مصر، من المتوقع أن يكون تأثيرها إيجابيا على الاقتصاد على المدى الطويل، بحسب ما ذكره تقرير لبنك الاستثمار المصرى بلتون، ناقش رؤيته للاقتصاد المصرى بعد أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير. واعتبر تقرير بلتون أن تعيين سمير رضوان وزيرا للمالية مؤشر جيد على تحسن الأداء، لأنه خبير اقتصادى متخصص فى السياسات التنموية، وهو ما قد يدفع الوزارة إلى أن تضع زيادة فرص العمل وتحقيق الرفاهية الاجتماعية ضمن أولوياتها خلال الفترة المقبلة، باعتبار أن هاتين القضيتين كانتا من أبرز القضايا التى أثارتها التظاهرات السلمية لثورة الغضب. وبينما عانى الاقتصاد المصرى من تعطلاً فى الإنتاج مع فرض حظر التجول والانفلات الأمنى خلال الأيام الماضية، أشار بلتون إلى أن أحداث الثورة لم تعطل من حركة المرور عبر قناة السويس، وهو ما يمثل دعما قويا للاقتصاد المصرى، لما تمثله القناة من مورد مهم للعملة الأجنبية، إضافة إلى ارتفاع ايرادات مصر من الهيئة العامة للبترول نتيجة صعود أسعار النفط عالميا بعد أحداث الثورة، علاوة على أن أعمال العنف لم تمتد إلى المنشآت السياحية على ساحل البحر الأحمر. إلا أن التقرير أشار إلى أن الاقتصاد المصرى سيحقق خسائر على المدى القصير من تداعيات الثورة والظروف الأمنية المرتبطة بها. فنسبة الإشغال فى الغردقة ومرسى علم والقُصير عجزت عن أن تتخطى 15% فى 80% من المنتجعات الموجودة بهذه المدن بعد التظاهرات، ومتوقع أن يصل الإشغال هناك إلى صفر فى منتصف الأسبوع المقبل، ولكن التقرير توقع أن يعود النشاط السياحى للازدهار مع استقرار الوضع خاصة بعد انتخابات الرئاسة. وتأثر أيضا قطاع صادرات السلع غير البترولية بتعطل الإنتاج نتيجة نقص الوقود وعرقلة حظر التجول لحركة النقل، وأشار التقرير إلى المخاوف من عدم انتظام العاملين فى أعمالهم خلال هذه الفترة مع استمرار التظاهرات والاعتصامات فى البلاد. ومن التداعيات السلبية أيضا على المدى القصير توقع بلتون أن يتسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالميا بالتزامن مع ضعف قيمة الجنيه أمام الدولار فى رفع تكاليف الاستيراد، وأن تزامن ذلك مع نقص المعروض من الأغذية فى الأسواق بسبب ظروف حظر التجول قد يتسبب فى زيادة ضغوط التضخم فى فبراير، وقد يمتد هذا التأثير إلى أشهر تالية بحسب تطور الوضع السياسى. كما خفض بلتون من توقعاته للنمو الاقتصادى المصرى فى العام المالى الحالى من 5.6% إلى 4.9% فى ظل تراجع الطلب الذى يمثل دافعا رئيسيا للنمو، وهى الظروف التى قد تتسبب فى زيادة البطالة على المدى القصير. وعن عجز الموازنة قال بلتون إن الحكومة لن تستطيع أن تخفض العجز فى العام المالى الحالى إلى 7.5% من الناتج المحلى الإجمالى، كما كان البنك يتوقع سابقا، ولكن البنك لا يتوقع أيضا أن يتدهور عجز الموازنة المصرية بسبب تداعيات الثورة، مشيرا إلى أن أحداث الثورة جاءت فى النصف الثانى من العام المالى الحالى بعد أن حققت الحصيلة الضريبية 15% نموا فى الإيرادات فى النصف الأول من العام الحالى مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. إلا أن البنك أبدى مخاوفه على الوضع المالى فى مصر فى السنة المالية التالية، إذا ما تأخرت عودة ثقة المستثمرين فى السوق المصرية، واستمر تراجع الاستثمار المباشر الأجنبى، بالتزامن مع الأعباء المالية على الحكومة فى ظل ما تفرضه تداعيات الثورة على الحكومة من ضرورة التوسع فى الاستثمارات العامة فى مجالات البنية الأساسية والتعليم والصحة. وانخفاض التصنيف الائتمانى لمصر. وتوقع بلتون أن تدفع أحداث الثورة الحكومة إلى تجميد خططها لإعادة هيكلة دعم الطاقة، مما سيقلل من فرص ارتفاع التضخم، كما رجح أن تعيد النظر فى بعض سياساتها السابقة كالرجوع إلى نظام الضرائب التصاعدية بدل الضريبة الموحدة حاليا عند نسبة 20%.