أظهرت وثائق مسربة أن المفاوضين الفلسطينيين أبلغوا إسرائيل سرا أن بإمكانها الاحتفاظ بمساحات شاسعة من القدسالشرقيةالمحتلة. وتشير تلك الوثائق إلى أن الفلسطينيين عرضوا تنازلات أكبر بكثير مما كشف عنه سابقا. وقد تضعف هذه الوثائق التي حصلت عليها قناة الجزيرة موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تتناقض تصريحاته العلنية مع ما يتعهد به مسؤولوه سرا. ولم تقدم إسرائيل شيئا مقابل هذه التنازلات ورفضت العرض قائلة إنه غير كاف. وأظهرت التفاصيل المسربة لاجتماع عقد عام 2008 بين مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين وإسرائيليين أن مسؤولا فلسطينيا بارزا يقترح أن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس باستثناء إحدى مستوطناتها الرئيسية في القدس في إطار اتفاق واسع لإنهاء الصراع الدائر بين الجانبين منذ عشرات السنين. وقالت الجزيرة إن لديها وثائق أخرى ستنشرها قريبا تظهر أن الفلسطينيين كانوا مستعدين أيضا لتقديم تنازلات كبيرة بشأن القضية البالغة الحساسية المتعلقة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. ورفض كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات هذه الوثائق بوصفها حفنة أكاذيب خلال ظهور له في قناة الجزيرة بعد فترة وجيزة من كشف الوثائق. وفي نقاش ساخن في الجزيرة واجه عريقات منتقدين من بينهم عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي التي تتخذ من لندن مقرا لها والذي قال "أنا أسأل الدكتور صائب عريقات بأن أقول له من الذي فوضك وفوض السلطة التي تنتمي إليها بحيث تفرط في مقدسات إسلامية تعتبر وقفا إسلاميا". واقترح أحمد قريع المفاوض الفلسطيني البارز في 2008 أن تضم إسرائيل كل المستوطنات اليهودية في القدس باستثناء هار حوما. ونقلت الوثيقة عن أحمد قريع قوله "هذه أول مرة في التاريخ نقدم مثل هذا الاقتراح". وأضاف أن الفلسطينيين رفضوا تقديم مثل هذا التنازل خلال مفاوضات ترأسها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في عام 2000. وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم قطاع غزة، إن هذه الوثائق تكشف دور السلطة الفلسطينية في محاولة تصفية القضية الفلسطينية. وقال المعلق الفلسطيني زكريا القاق إن هذا يفضح القيادة الفلسطينية ويضعها في موقف يجعل عليها من المستحيل كسب ثقة الشعب. ولكن معلقا فلسطينيا آخر قال إن رد الفعل سيكون محدودا. وقال هاني المصري إنه لن يحدث رد فعل كبيرا فهو ليس أمرا جديدا تماما. وأضاف أن فكرة احتفاظ إسرائيل بمستوطناتها الكبيرة حول القدس كجزء من تبادل للأراضي في تسوية نهائية طرحت من قبل. وتقول إسرائيل دائما إنها ستحتفظ بالكتل الاستيطانية الرئيسية حول القدس ولكن القيادة الفلسطينية انتهجت موقفا أكثر تشددا في تصريحاتها العلنية ولم تفصح قط أنها مستعدة لتقديم مثل هذه الأراضي. وقال عباس في الأسبوع الماضي إن مصير القدس ليس مطروحا للنقاش. وأوضح "نحن من جهتنا لا تفاوض على القدس.. فالقدس لنا.." ولكنه أوضح أيضا أن القدسالغربية إسرائيلية، ويمكن أن تكون عاصمة الدولة اليهودية. واحتلت اسرائيل القدسالشرقية عام 1967 وضمتها وحزاما محيطا بها في الضفة الغربية بعد قليل من الحرب في خطوة لم تحظ قط باعتراف دولي. وقالت قناة الجزيرة إن نص مادار في اجتماع 2008 هو وثيقة من بين حوالي 1600 وثيقة تتعلق بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية حصلت عليها من مصادر مختلفة. وهذا الاجتماع الذي عقد عام 2008 كان جزءا من محادثات عقدت في ذلك الوقت بين الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية التي كان يرأسها وقتئذ إيهود أولمرت. وتوقفت المحادثات عندما أجبر أولمرت على ترك منصبه بسبب اتهامات بالفساد في 2009. ويتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بشكل تقليدي موقفا أكثر تشددا من سلفه.