بعد مباراة قمة حقيقية في الإثارة وفنون كرة القدم ، تأهل برشلونة الإسباني إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لملاقاة مانشستر يونايتد الإنجليزي يوم 27 مايو الحالي على الاستاد الأوليمبي في العاصمة الإيطالية روما ، عقب تخطيه عقبة تشيلسي الإنجليزي أيضا في الدور قبل النهائي ، حيث تعادل معه بهدف في إياب الدور قبل النهائي الذي جرى في استاد ستامفورد بريدج بلندن بعد أن كان لقاء الذهاب بينهما الأسبوع الماضي في نوكامب قد انتهى بالتعادل السلبي ، مما يعني أن البارسا تأهل بدون أن ينتصر ، وخرج تشيلسي بدون أن يخسر! استطاع برشلونة خلال المباراة التغلب على النقص العددي بعد أن لعب جزءا كبير من الشوط الثاني بعشرة لاعبيه عقب طرد مدافعه إيريك أبيدال ، وبعد أن ظل الفريق متأخرا بالهدف المبكر الذي أحرزه الغاني مايكل إيسيان في الدقيقة السابعة من تسديدة "رهيبة"أطلقها بقدمه اليسرى مباشرة "على الطاير" من خارج منكقة الجزاء سكنت سقف مرمى فيكتور فالديز حارس برشلونة ، نجح أندريس إنييستا في إحراز هدف التعادل القاتل في الثواني الأخيرة من الدقيقة الثالثة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع ، ليحطم قلوب كل من في الملعب من مشجعي الزرق ولاعبيه وجهازه الفني بقيادة الهولندي جوس هيدينك. ولكن ما حطم قلوب "الزرق" بحق لم يكن الخروج من البطولة بهذا الهدف القاتل فحسب ، وإنما شعورهم بالظلم البين الذي تعرضوا له على مدار المباراة بسبب سلسلة الأخطاء التحيكيمة الفادحة التي وقع فيها الحكم النرويجي "البدين" توم هينينج أوفريبو ، والتي لم تكن أخطاء بسيطة أو يمكن التجاوز عنها بقدر ما كانت أخطاء شديدة غيرت بالفعل من سير المباراة ، لدرجة أن وسائل الإعلام البريطانية خرجت بعد المباراة وصباح أمس لتتبارى في إحصاء عدد ركلات الترجيح التي ألغاها الحكم لتشيلسي ، ووصل العدد وفقا للتقديرات إلى ست ركلات جزاء : إثنتان للمهاجم الإيفواري ديدييه دروجبا بمعدل واحدة في كل شوط ، واللعبتان من انفرادين ، وواحدة لعرقلة المهاجم الفرنسي نيكولا أنيلكا وهو منفرد بالمرمى أيضا في الشوط الثاني ، وثلاث ركلات أخرى ، واحدة لعرقلة الفرنسي فلورنت مالودا داخل منطقة الجزاء في الشوط الأول ، واثنتان نتيجة لمستي يد واضحتين من مدافعي برشلونة في الشوط الثاني! وليس هذا فحسب ، بل إن الحكم ظلم برشلونة أيضا في عدد من القرارات ، ومن بينها قراره المتسرع بطرد أبيدال بسبب عرقلة من الخلف أظهرت الإعادة التليفزيونية أنها لم تكن موجودة ، وكذلك تغاضيه عن عرقلة الأرجنتيني ليونيل ميسي خارج منطقة الجزاء وهو في طريقه للتسديد على المرمى في الشوط الثاني. وعلى الرغم من أن المباراة بأكملها كانت حافلة بالإثارة والمتعة ، وكان الفريقان بحق يستحقان الفوز ولا يستحقان الخسارة أبدا ، فإن قرارات الحكم أثارت عصبية وتوتر لاعبي الفريقين ، مما دفع الجمهور إلى مشاهدة مواقف غريبة وطريقة يندر أن تحدث في الملاعب الأوروبية ، ومن بينها مشهد انطلاق الألماني مايكل بالاك لاعب تشيلسي خلف الحكم محاولا الإمساك به أثناء سير المباراة للاحتجاج على ركلة جزاء ، ومنها أيضا مشهد انطلاق النجم الإيفواري ديدييه دروجبا إلى داخل الملعب عقب انتهاء المباراة محاولا الاعتداء على الحكم ، ومشهد خروج الحكم في حراسة الشرطة! وشهدت المباراة عناقا نادرا بين جوس هيدينك وجوسيب جوارديولا المديرين الفنيين للفريقين خارج الخطوط أثناء لحظات التوتر العصيبة في شوط المباراة الثاني ، غير أن هيدينك خرج بعد المباراة ليعرب عن أسفه الشديد لخروج فريقه من البطولة على يد الحكم قائلا لموقع تشيلسي الرسمي : "هذا هو أسوأ ما رأيته في حياتي"! وأضاف هيدينك : "المدربون يخطئون ، واللاعبون يخطئون ، والحكم أيضا يخطئون ... ولهذا فإننا نمنح الحكام بعض المزايا من مساحة الخطأ هذه في اللعبات المثيرة للشكوك ، ولكن أن يكون أمام ثلاثة أو أربعة قرارات واضحة تماما ، فهذا يكون أمرا سيئا للغاية". وتحدث هيدينك تحديدا عن أربع ركلات جزاء لم يحتسبها الحكم أولها عرقلة مالودا داخل المنطقة ، وآخرها لمسة اليد داخل المنطقة على اللاعب جيرار بيكيه مدافع برشلونة ، والتي تصدرت صورها صفحات الصحف الإنجليزية الصادرة صباح أمس ، واختارها موقع تشيلسي الرسمي أيضا صورته الرئيسية ومعها عنوان تصريح هيدينك الذي يقول : "أسوأ ما رأيت" The Worst I Have Seen. وحال لاعبو تشيلسي دون اشتباك دروجبا مع الحكم بعد المباراة ، لكن اللاعب الإيفواري ربما يواجه عقوبة من قبل الاتحاد الأوروبي للعبة "الويفا" ، بعد أن ألقى "خطبة" أمام كاميرات التليفزيون وهو يخرج من الملعب سمعه فيها الجميع وهو يقول عن الحكم إنه "عار"! وعلى الجانب الآخر ، انطلقت جماهير برشلونة في شوارع المدينة عقب انتهاء المباراة يحتفلون بالفوز الثمين ، خاصة وأن الفريق حافظ بذلك على أمله في إحراز ثلاثية الدوري الإسباني وكأس ملك أسبانيا ودوري الأبطال ، وهو إنجاز لم يحققه أي فريق إسباني من قبل. ولم يظهر برشلونة خلال المباراة بمستواه المعهود كالذي قدمه في المباراة التي فاز فيها على ريال مدريد 6-2 يوم السبت الماضي في قمة الدوري الإسباني "الكلاسيكو" ، لكنه نجح في النهاية في خطف بطاقة التأهل. وبدا برشلونة متأثرا طوال المباراة لغياب مدافعيه الأساسيين كارلوس بويول ورافائيل ماركيز ، فضلا عن غياب فاعليته الهجومية إلى حد كبير بسبب الحائط الدفاعي لتشيلسي على ميسي وصامويل إيتو ، وأيضا لغياب الفرنسي تيري أنري للإصابة. وبعد المباراة قال إنييستا صاحب الهدف القانل :"كانت لحظة رائعة عندما سجلت الهدف في الوقت الذي كنا في أمس الحاجة إليه". أما شابي إيرنانديز قائد وصانع ألعاب برشلونة فقال : "كنا محظوظين إلى حد ما الليلة" ، وأضاف أن تشيلسي "لم يكن محظوظا بالتعادل السلبي في مباراة الذهاب". ودافع يايا توريه مدافع برشلونة عن الحكم قائلا :"المباراة اتسمت بالندية وكانت صعبة للغاية لأن تشيلسي فريق قوي ، وقد أدى الحكم عملا كبيرا في اللقاء"! وأضاف : "إنني سعيد للغاية الليلة ، وأعتقد أن برشلونة قدم كرة قدم رائعة .. تشيلسي فريق قوي للغاية ولديه لاعبون بارزون مثل ديدييه دروجبا ، كما أن فرانك لامبارد هو أفضل لاعب خط وسط في أوروبا". واختتم توريه حديثه قائلا :"الفريق الأفضل هو الذي فاز الليلة".