فى مصر وزراء ومسئولون بدرجة «جركن جاز» وآخرون بدرجة ولاعة أو عود ثقاب، بعض هؤلاء دخلوا عالم السياسة بالصدفة، وآخرون بالوراثة، وصنف ثالث بالمصاهرة والنسب. ولأنهم لا علاقة لهم بالسياسة من أصله، فقد تعاملوا مع ثورة تونس كما تعامل العميان مع الفيل فى غرفة مظلمة، كما صورهم الفيلسوف الفرنسى الشهير فولتير، حيث وصف أحدهم الفيل بأنه أربعة عمدة، لأنه تحسس أرجله الأربع فقط، فيما قال الذى تحسس خرطومه إنه ثعبان، بينما ذهب الذى تحسس ذيله إلى أن الموجود فى الغرفة مكنسة. أما عميان السياسة المصرية فقد قرأوا الثورة التونسية بطريقة تفوقوا بها على عميان فولتير فى انعدام الرؤية وغياب البصر وتهافت الإدراك، بدليل أن عددا من وزرائنا المحترمين ماضون فى طريقهم غير مكترثين بأنهم مصممون على قرارات وسياسات معيبة وخاطئة لا تفعل شيئا سوى إشعال الغضب فى الصدور، بما يهدد بحريق كبير، بدأت نذره تلوح فى إقدام أفراد على إحراق أنفسهم يوميا. ويأتى فى مقدمة الوزراء الذين يلعبون بالكبريت طوال الوقت السيد وزير التربية والتعليم، الذى يمتلك مسطرة غريبة وفريدة من نوعها يقيس بها قراراته، وشعاره المرفوع دائما: كل ما يعجبك وقرر ما يغضب الناس ويستفزهم ويحرق دمهم ويخرجهم بالمئات والآلاف فى مظاهرات غاضبة ضد قرارات الوزير. فمن حرب الكتب الخارجية، التى انتهت بتراجع الوزير وانسحابه، إلى معركة المدارس القومية، مرورا بموظفى الأبنية وأجور المعلمين، يثبت الوزير كل يوم أنه جاء لينغص حياة جميع الأطراف. وينافسه فى ذلك وزير المالية، أو وزير الضريبة العقارية، بهذا الإصرار العجيب على إبقاء المصريين دائما وأبدا فى مفرمة الأزمة المالية والفقر والعوز. والقائمة تطول لوزراء يسلكون ضد مصالح الناس وأحلامهم فى حياة محترمة، منهم وزير الزراعة الذى حرم المصريين من زراعة قمحهم، تحت وابل من الحجج والأسباب البائسة والتذرع بحصة مصر من المياه، والتصريحات الكاذبة عن زيادة المساحات، بينما لا توجد تقاوى القمح لزراعته أصلا. وتستطيع أن تدخل معظم وزراء مصر فى قائمة مشعلى حرائق الغضب، ومنهم وزيرة القوى العاملة، السيدة الفاضلة الحاصلة على الابتدائية، التى لم تجد غضاضة فى أن تطالب خريج الحقوق أن يشعل النار فى كل ما درسه من مناهج ويتوجه فورا للعمل فى وظيفة حارس أمن. وفى القائمة أيضا رجال أعمال مصوا دم البلد وأخيرا قرروا سكب بعض الزيت المستورد على نار البطالة فى مصر فجلبوا عمالة من تايلاند وبنجلاديش إمعانا فى إذلال العامل المصرى ودفعه للانتحار. كل هؤلاء يحرقون البلد.